بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس زيارة تاريخية إلى السعودية، المحطة الأولى من جولة عربية على حلفاء الولايات المتحدة الأساسيين في المنطقة، مدعوماً بحملة انتقادات عنيفة كان قد أطلقها أول من أمس ضد سياسة الهيمنة الأميركية، ما عزّز مخاوف واشنطن من أهداف الرئيس الروسي، الذي اتهمته بشكل غير مباشر بأنه يسعى إلى إحياء الحرب الباردة.واستهل بوتين زيارته للرياض، وهي الأولى لرئيس روسي إلى السعودية، بتقليد الملك عبد الله له قلادة الملك عبد العزيز، التي تُمنح عادة لكبار زعماء وقادة دول العالم. وبحث الرئيس الروسي مع الملك السعودي قضايا الشرق الأوسط، ولا سيما الاتفاق الفلسطيني، الذي تم التوقيع عليه في مكة يوم الخميس الماضي.
ونقلت وكالة “اسوشييتد برس” عن مسؤولين سعوديين قولهم إن زيارة بوتين “لا تعني فك الارتباط مع واشنطن، وإنما الإظهار للولايات المتحدة أن لدى المملكة خيارات أخرى”.
ويتوقع أن تدخل محادثات الرئيس الروسي السياسة أساساً عبر الملفين الاقتصادي والعسكري، ولا سيما أنه يصطحب معه ممثلي عمالقة التجارة والأعمال الروسية، الخاصة والحكومية، مثل “شركة “لوك أويل” النفطية، وشركة التمويل “سيستيما”، وشركة نقل الغاز “ستروي ترانس غاز”، والمؤسسة الفدرالية الحكومية الموحدة لتصدير الأسلحة “روس أوبورون إكسبورت”، وشركة “غاز بروم”، و“شركة السكك الحديدية” الروسية.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن “مصدر دبلوماسي” قوله إن المحادثات في الرياض ستفضي الى “تفاهم شفهي” على شراء السعودية نحو 150 دبابة روسية من طراز “ت ــــــ 90”.
ويجري بوتين اليوم محادثات مع ولي العهد السعودي ووزير الدفاع الامير سلطان بن عبد العزيز، قبل أن ينتقل إلى قطر، حيث سيبحث مع أميرها حمد بن خليفة آل ثاني الاقتراح الإيراني بإنشاء منظمة على غرار “أوبك” لمنتجي الغاز، حسبما أفادت مصادر الكرملين. ومن المقرر أن ينتقل بوتين بعد ذلك إلى الأردن للقاء الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويرى مراقبون في موسكو أن هدف روسيا ينطوي على تثبيت أقدامها في الخليج العربي بواسطة الاقتصاد، وذلك ما يثير قلق واشنطن.
وكان المسؤولون الروس قد شددوا في أكثر من مناسبة، على أن موسكو لا تسعى إلى منافسة أحد في الخليج العربي، إلا أن الولايات المتحدة، التي كانت مستعدة في النصف الثاني من القرن الماضي لدق طبول الحرب ضد الاتحاد السوفياتي لمنعه من الوصول إلى “البحار الدافئة”، تتخوف من أن يسعى الدب الروسي، بعد استفاقته من سباته، لمحاولة بسط نفوذه في الخليج العربي.
وتعززت المخاوف الأميركية بعد الانتقادات التي وجهها الرئيس الروسي للولايات المتحدة خلال مؤتمر ميونخ أول من أمس. وكان بوتين قد قال “إن الولايات المتحدة تتجاوز حدودها الوطنية في كل المجالات، وهذا امر خطير جداً، لم يعد أحد يشعر بالأمن لأنه لم يعد بإمكان أحد أن يجد ملجأ في القانون الدولي”. وأضاف “إن وجود قطب وحيد في العالم الحديث غير مقبول وغير ممكن”.