strong>المعارضـة ترحّـب بلغـة الحـوار ومسـتعدّة له ولحـود يـردّ على جعجـع: ذنبـي توقيعي العفـو عنـك
برغم الصراخ المرتفع لبعض أقطاب فريق السلطة فإن الاحتفال بالذكرى السنوية الثانية لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري كان هادئاً. لم يكن الحشد قليلاً، لكنه لم يلامس ما كان يجمعه هذا الفريق سابقاً. وكالعادة كان الاتكال على جمهور تيار “المستقبل” الشمالي والبقاعي، فيما كان الحضور المسيحي خجولاً للغاية، وتذرّع أنصار وليد جبنلاط بطول الطريق لعدم الانتقال بكثافة الى المهرجان. لكن البارز في ما قيل صراحة كان عودة النائب سعد الحريري الى مشروع المقايضة الذي طرحه في اللقاء الشهير مع الرئيس نبيه بري ورئيس كتلة نواب حزب الله النائب محمد رعد قبل تعطل جلسات التشاور في خريف العام الماضي، وإعلانه امس ان الحكومة التي تريدها المعارضة ممكنة مقابل المحكمة التي يريدها فريق السلطة، مكرراً ما قاله خلال الايام القليلة الماضية عن الحاجة الى قرار شجاع من الجانبين.
وإذ تنفس المواطنون والقوى العسكرية والامنية الصعداء لعدم حصول إشكالات على هامش المهرجان في بيروت فإن القلق برز مع ورود المعلومات عن إشكالات في البقاع.
وأعلن الحريري في كلمته التي ألقاها أمام حشد وسط بيروت “نمد يد الحوار والوحدة الوطنية، إلى كل اللبنانيين، لنتوصل مع كل اللبنانيين، إلى القرارات الشجاعة، التي تضمن وحدتنا وبلدنا ومستقبلنا، وتضمن حماية لبنان بالمحكمة الدولية، واستقرار لبنان بحكومة تتمثل فيها كل الكتل النيابية” . وقال: “نحن جاهزون لكل قرار شجاع، من أجل لبنان، ومن أجل الحل في لبنان. لكن المحكمة الدولية هي المعبر الوحيد لأي حل، فليتفضلوا إلى القرار الشجاع، إلى الحل الشجاع، لتصبح الأفعال ترجمة للأقوال”.
أما جعجع فقال “نعم للمشاركة الحقة الضامنة، لا للثلث المعطل لأننا نريد عملاً لا تعطيلاً، نعم للانتخابات النيابية ولكن حسب ما يناسبهم وما يناسبنا، نعم للحرب الجدية على الفساد لا للمتاجرة بها، ولا لتعطيل المجلس النيابي”. وتولى الهجوم على الرئيس إميل لحود قائلاً: “أيها القابع في قصر بعبدا، عطّل ما شئت، عرقل ما استطعت، تآمر ما تمكنت لكنك سترحل. عند نهاية ولايتك الممددة قسراً وزوراً سترحل الى مزبلة التاريخ”.
وتولى جنبلاط مهاجمة الرئيس السوري بشار الأسد قائلاً: “يا طاغية دمشق، يا أفعى هربت منها الأفاعي، يا حوتاً لفظته البحار، يا وحشاً من وحوش البراري، يا مخلوقاً من أنصاف الرجال، يا منتجاً إسرائيلياً على أشلاء الجنوب”. كما تناول حزب الله بالقول : “لن يخيفنا تهديد ولن تخيفنا الصواريخ والمدافع من زلزال ورعد وبرق (في إشارة الى صواريخ يملكها حزب الله) جئنا لنقول مع الرجال الرجال لن نستسلم للإرهاب وللعبوات القاتلة وللأحزاب الشمولية سورية كانت أو غير سورية”.
وفي حديث بثته شبكة “سي. إن . إن” مساء أمس قال الحريري: “منذ أيام عدة اتصلت بالرئيس بري الذي عاود الاتصال بي أمس. إن القنوات مفتوحة ولا نزال نتكلم بعضنا مع بعض، ونحن نأمل تقوية الحوار في ما بيننا. وفي آخر المطاف لا يمكننا أن ننكر أن لديهم قاعدة سياسية، وأنهم بالتالي موجودون سياسياً، كذلك لا يمكنهم تجاهل قاعدتنا السياسية أيضاً».
بري
ورأى الرئيس بري في كلام الحريري “فتحاً للأفق وكلاماً معقولاً” وقال لـ“الأخبار” إنه يرحب باللقاء مع الحريري وهو على تواصل دائم معه وتحدث معه ليل أول من أمس وهناك اتصالات، ولم يكن هناك إمكان لعقد اجتماع ثنائي قبل احتفال امس وهناك من يبذل جهوداً على هذا الصعيد. وأوضح بري أنه “استمع بقلة ارتياح الى بعض الكلمات التي ألقيت في مهرجان امس رغم خلوّها من الكلام السياسي، لكنه ارتاح عندما استمع الى الحريري لأن مجرد الكلام بلغة الحوار يمثّل علامة إيجابية تحتاج إليها البلاد”. وأوضح أن الاتصالات العربية جارية وأنه تواصل قبل يومين مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ولم يسمع منه كلاماً عن قرب قدومه الى بيروت، لكنه أكد له انه مرحب به في أي وقت وأن المعارضة ترحّب بعودته وليس كما يشاع. وقال بري إنه اطلع من موسى على نتائج اتصالاته وعلى أن هناك حاجة لمزيد من التشاور. كما أبدى بري ارتياحه الى انتقال المسؤول الإيراني علي أكبر لاريجاني من جديد الى السعودية آملاً أن يظل الأفق مفتوحاً أمام حل قريب.
عون
من جانبه قال العماد ميشال عون لـ“الأخبار” إن كلام الحريري مهم إذا كان يشير إلى قدرة للقيام بخطوات شجاعة كما قال. وأضاف عون : “نحن جاهزون أيضاً للقرارات الشجاعة التي تحل المشكلة، لكن المفارقة تكمن في أن ما قاله الحريري يتناقض كلياً مع ما قاله بقية رفاقه في فريق السلطة”. وعن موقف المعارضة من الخطوات المقبلة قال عون: “نحن في انتظار موقف الحريري من المبادرات الجارية”.
أما رئاسة الجمهورية فقد ردّت على جعجع بالقول: “إذا كان من امر لن يغفره التاريخ للرئيس لحود فهو أنه وقّع ذات يوم قانون عفو عن مجرمين كان بينهم سمير جعجع”.
أما النائب عن حزب الله حسين الحاج حسن فقال: “نحن مع تسوية سياسية للأزمة اللبنانية ونحن مع إنشاء محكمة ذات طابع دولي بعد دراسة مسوّدة قانون المحكمة وإجراء التعديلات اللازمة عليه وإقرار مشروع القانون وفق الاصول الدستورية”. وأضاف ان هذه الطريقة ستؤمن “إنشاء محكمة ذات طابع دولي تحاكم القتلة والمتهمين الذين يردون في التحقيق الدولي، وستمنع أي طرف على الساحة اللبنانية أو الخارجية من أي استخدام سياسي لهذه المحكمة”.
عرسال ـ اللبوة
وبينما نجحت القوى الأمنية في منع أي إشكالات وسط بيروت فإن التوتر حصل في البقاع مع عودة عدد من مناصري تيار “المستقبل” من عرسال مطلقين شعارات هجومية بحقّ المعارضة، فتعرضوا لرشق بالحجارة في بلدات البزالية والنبي عثمان واللبوة، نتج عنه جريحان، ووقع أربعة جرحى نتيجة حادث سير بعد محاولة أحد السائقين الهروب، ثم تطور الأمر الى إطلاق متبادل للنار لمدة قصيرة، قبل أن يتدخل الجيش مطلقاً النار في الهواء ونجح في إسكات النار وأوقف 25 شخصاً. لكن الاشتباكات ما لبثت أن تجددت بعد حوالى ساعتين واستخدمت فيها الأسلحة الرشاشة وقذائف “آر بي جي.” ووجه الحريري نداءً لأهالي البقاع وخصوصاً أهالي عرسال والفاكهة متمنياً عليهم “التحلي بضبط النفس وعدم الرد على الاستفزازت” والالتزام بتوجيهات القوى الامنية، وطلب من الأهالي عدم “الانجرار إلى محاولات التشويش على ما جرى اليوم (أمس) من مشهد تضامني جامع”. وفي التاسعة مساءً أعلن مصدر في الجيش لـ “الاخبار” أن الجيش تمكن من السيطرة على الوضع بشكل كامل وأنه سيّر دوريات معزّزة في المنطقة الممتدّة من بعلبك حتى اللبوة وعرسال وبريتال.