رايس تمنع 14 آذار من التفاهم مع المعارضة وبحث فرنسي ـ سوري لدعم التوافق وبري قلق من وضع المنطقة
بينما كانت الأنظار متجهة الى تركيا لترقّب نتائج اجتماعات رفيعة هناك تتناول الوضع اللبناني، كان العماد ميشال عون والنائب سعد الحريري يوزعان الموفدين الى الحلفاء من قوى المعارضة وفريق 14 آذار لوضعهم في أجواء المحادثات التي جرت بينهما في باريس.
وحرص كل من الرجلين على إبلاغ حلفائه بأنه لم يتم التطرق الى أسماء المرشحين الى رئاسة الجمهورية، ونفى عون أن يكون قد عرض على الحريري ترؤس حكومة أقطاب ولكنه بحث معه التوازن الضروري في أي حكومة جديدة، فيما طمأن الحريري حليفيه الأساسيين وليد جنبلاط وسمير جعجع الى أنه لم يحد عمّا هو متفق عليه معهما، ولكنه وجد فرصة لحوار جيد مع عون. وسمعت القيادات على اختلافها من موفدي عون والحريري كلاماً كثيراً عن حوار في عناوين عامة معروفة بصلتها بالوضع القائم، وأن هناك توافقاً على آلية لتواصل المحادثات بعد عودة الحريري الى بيروت. وخرج أقطاب من الاجتماعات مع الموفدين بانطباع بأنه ليس «هناك تقدم جدّي في النقاط الاساسية» علماً بأن هناك أموراً كثيرة لا تزال قيد البحث.

رايس تعارض التسوية

وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التي وصلت الى أنقرة امس قد أكدت وجوب انتخاب رئيس يلتزم الدستور، وقالت إنه لا ينبغي دفع الأكثرية المعارضة لسوريا نحو موقع يؤثر على برنامجها. وقالت رايس للصحافيين المرافقين لها: «يتحدثون كثيراً عن تسويات في هذا الوقت». وأضافت «هناك الكثير من المحادثات الجارية. إنه أمر جيد جداً. ولكن أيّ رئيس لبناني يجب أن يلتزم احترام الدستور». وقالت «لا يجوز وضع الغالبية النيابية الممثلة بقوى 14 آذار في موقع تصبح فيه ملزمة بالقبول إما بإجراءات مخالفة للدستور وإما بإجراءات تؤثر على برنامجها». وأوضحت رايس أن على الرئيس اللبناني العتيد «أن يدافع عن سيادة لبنان واستقلاله وأن يحترم قرارات مجلس الأمن الدولي وأن يعد بالمضي في إقامة المحكمة» الدولية.
وبينما فهمت تصريحات رايس على أنها رد على المساعي الفرنسية للتوافق، سارع المتحدث باسم الرئاسة الفرنسية دافيد مارتينون الى القول إنه لا «خلاف» بين فرنسا والولايات المتحدة حول لبنان وانهما متفقتان على هدف انتخاب رئيس للبنان بحلول 12 تشرين الثاني. وقال «لا أعتقد أن الامر وصل حد الخلاف لأن فرنسا والولايات المتحدة تتشاركان الهدف ذاته في لبنان ألا وهو أن تجري الانتخابات الرئاسية في 12 تشرين الثاني، وهو الامر المتفق عليه بين الاطراف اللبنانية كافة».

كوشنير والمعلم

وفي اسطنبول التقى أمس وزيرا خارجية فرنسا برنار كوشنير وسوريا وليد المعلم على هامش اجتماع دول الجوار العراقي وبحثا «الأزمة في لبنان التي شغلت الجزء الاكبر» من اللقاء الذي استغرق ساعة، وهو الاول من نوعه منذ أن قررت فرنسا مقاطعة المسؤولين السوريين الكبار بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وقال كوشنير إنه أكد لنظيره السوري بلهجة «واضحة وحازمة» ضرورة إجراء الانتخابات في لبنان «وفقاً للدستور، تجنباً للسيناريو الأسوأ والوقوع في الفراغ». وأضاف: «لقد حذرت بشدة من حدوث فراغ سياسي في لبنان لأن ذلك سيسيء الى سوريا أيضاً كما أن الاسرة الدولية لن تقف غير مبالية حيال هذا الامر».
وتابع كوشنير أمام بعض أركان مكتبه وعدد من الدبلوماسيين الفرنسيين ان المعلم «اقترح عدداً من النقاط لنوافق عليها أولاها وجوب إجراء الانتخابات وفقاً للدستور تجنباً للسيناريو الأسوأ وضرورة أن يحظى الرئيس المقبل بتأييد أكبر عدد ممكن من اللبنانيين».
وقال إن «ليس لفرنسا أيّ مرشح لكن ستكون هناك لائحة يقدمها البطريرك الماروني نصر الله صفير أو أسماء يقدمها آخرون». وأضاف «بين النقاط أيضاً عدم التدخل الخارجي في لبنان وعدم تهديد لبنان كما يجب ألا تكون هناك أي اعتداءات. وستقيم سوريا علاقات دبلوماسية وتعيّن سفيراً لها بعد انتخابات الرئاسة». وأكد أن المعلم «وافق على هذه النقاط».

المشكلة في واشنطن

وقال المعلم في لقاء مع الصحافيين السوريين المرافقين له إن وجهات النظر كانت متفقة على ست نقاط تعبّر عن «موقف سوريا وفرنسا» والنقاط هي أن يكون المرشح للرئاسة اللبنانية «مرشحاً توافقياً» وأن تتم الانتخابات «وفق الأصول الدستورية وفي موعدها المحدد، وأن يكون الحل لبنانياً، وعدم التدخل الخارجي، وأن يكون الرئيس المنتخب مؤمناً بوحدة اللبنانيين، ومؤمناً بالعلاقات الطبيعية مع سوريا» وأضاف إن «من يقف ضد هذه النقاط» هو الطرف الذي لا يريد التوافق للبنانيين ولا استقرار لبنان ولا الخير للبنان».
واتهم المعلم الولايات المتحدة الأميركية بالوقوف ضد التوافق في لبنان وقال: «المشكلة ليست في دمشق بل في واشنطن، من يقف ضد مرشح توافقي وضد الحوار بين اللبنانيين والمبادرات الخيّرة مثل مبادرات الرئيس بري والبطريرك صفير وضد لقاء عون والحريري، ذلك هو من يقف ضد استقرار لبنان».

بري وبان كي مون

من جانبه بحث الرئيس بري مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاستحقاق الرئاسي. وقالت مصادر قريبة من بري إن بان شكر له مبادرته وأعرب عن استعداده للقيام بأي جهد يمكن أن يساعد في دفع الاستحقاق إلى الإنجاز.
وطرح بان على بري عدداً من الأسئلة مستفسراً عن المراحل التي قطعها حواره مع الحريري وعن المبادرة التي أطلقها البطريرك صفير وعمّا إذا كان على يقين بأن جلسة الانتخاب ستعقد في موعدها في 12 من الجاري وفق المعطيات المتوافرة لديه.
وردّ بري بأن الحوار مع الحريري متقدم وتم الاتفاق على العناوين السياسية للمرحلة المقبلة وسبل معالجة القضايا الشائكة بين اللبنانيين وان الحوار توقف بسبب سفر الحريري إلى الخارج ولإفساح المجال أمام البطريرك صفير للتوافق على اسم أو مجموعة أسماء توافقية لكي يكمل مع الحريري،
وأبلغ بري بان أيضاً ارتياحه إلى ما نُقل إليه من أجواء عن لقاءات باريس بين الحريري وعون، وآمل أن يتم انتخاب رئيس في الجلسة المقررة في 12 من الجاري. لكن بري أكد لبان مخاوفه من تطورات قد تحدث في المنطقة من شأنها أن تعيدنا إلى المربع الأول. ولكن إذا لم تعقد الجلسة الانتخابية في 12 من الجاري فهناك فسحة من الوقت للسعي مجدداً إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي. وقال: «نحن على علم بالجهود التي تبذلها ونأمل أن تسعى لدى الجانب الأميركي لكي يتبنى الموقف الذي تتخذه».