برّي والحريري يباشران مشاورة حلفائهما والأمن الداخلي يرفع جهوزيّته وبان يحذّر من الفراغ ويلوّح بقرارات جديدة
بدأ أمس العد العكسي لبتّ مصير الاستحقاق الرئاسي. فقد تسلّم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري «لائحة المرشّحين» التي أعدّها البطريرك الماروني نصر الله صفير بناءً على رغبة فرنسا.
وهكذا يكون البطريرك قد رفع المسؤولية عن بكركي، تاركاً للموالاة والمعارضة تحمّل المسؤولية عن الاستحقاق ترشيحاً واقتراعاً. وقد باشر بري والحريري التشاور في الأسماء مع حلفائهما، وذلك استعداداً للقاءات التي ستعقد بينهما في أي وقت بدءاً من اليوم.
وعلمت «الأخبار» أنّ لائحة البطريرك صفير التي سلّمها القائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران إلى رئيس المجلس نبيه بري أمس تتضمّن 12 مرشحاً لرئاسة الجمهورية، مقسّمين إلى أربع فئات:
الفئة الأولى سياسية تضم: ميشال عون، بطرس حرب، نسيب لحود.
الفئة الثانية (توافقية) تضم: فارس بويز، روبير غانم، ميشال إده، ميشال خوري، بيار دكاش.
الفئة الثالثة (اقتصادية) تضم: رياض سلامة، جوزف طربيه، دميانوس قطار.
الفئة الرابعة (أمنية عسكرية) تضم: قائد الجيش العماد ميشال سليمان.
ولكن الأجواء التي رافقت الإعلان عن تسلم اللائحة لم توح أن التوافق متيسّر. فقد شنّ نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم هجوماً على الحريري، معتبراً أنّه «لجأ الى المواجهة مع حزب الله بعدما فشل في تسويق المطالب الأميركية خلال التفاهم مع الحزب». وأكد أن الحريري «يكون واهماً إذا حلم بالفصل بين حزب الله والتيار الوطني الحر». ووجد في هجوم الموالاة على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «تألّماً من انكشاف مخططهم». لكنّه أكد موافقة الحزب في الاستحقاق الرئاسي على ما تجمع عليه القيادات المسيحية برعاية صفير.
كذلك عقد النائب ميشال عون عدة اجتماعات أمس وأول من أمس ضمّت الهيئة التنفيذية للتيار وبعض الكوادر، وتحدث خلالها عون عن الوضع العام للحكومة وعن سبل مواجهة «أيام محتملة من الاضطراب»، كما تحدث عن وضع الحكومة الحالية بصفتها «حكومة غير شرعية»، وعن «إمكان عدم حصول انتخابات، وهو الاحتمال الأكبر وربما الأوحد حالياً». وقالت مصادر المشاركين في الاجتماع إن الرئيس نبيه بري «لن يعقد اتفاقات من خارج قوى المعارضة».
وفي المقابل، كان لافتاً الهدوء الذي هبط فجأة على بعض أركان 14 آذار، بعد الهجوم الذي شنّوه على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. فقد اتصل النائب وليد جنبلاط ببرّي وأكّد له أنّ «الوحدة الوطنية والحوار هما فوق كل اعتبار»، فيما صرّح قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعد زيارة مفاجئة للرئيس فؤاد السنيورة: «سنكمل في عملية التوافق الحالية حتى النهاية، وإذا كانت هناك عمليات توافق أخرى فسنجربها أيضاً، إذا تم ذلك يكون تم ذلك، وإذا لم يتم فليس لدينا أي حل إلا الذهاب الى انتخابات وسنذهب الى الانتخابات».
هذا الهدوء «الأكثري» عكّره نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري الذي أبدى استعداده للدعوة الى جلسة انتخابات رئاسية في 23 من الجاري «إذا اقتضى الأمر»، وقال: «ستستغربون عدد النواب الذين سيلتحقون بالأكثرية إذا وصلت الأمور الى مرحلة الانتخاب بنصاب النصف زائداً واحداً». وكشف أن الموالاة «قد ترضى بانتخاب رئيس من غير مرشحيها المعلنين إذا كان يمثل طموحات اللبنانيين بالسيادة والاستقلال»، مستبعداً في الوقت عينه التوافق على عون «لأنه طرف».
إلى ذلك، أدلى النائب ميشال المر بموقف لافت، إذ أعلن أنه وسبعة نواب على الاقل من «تكتّل الاصلاح والتغيير» الذي ينتمي إليه يدعمون انتخاب «مرشح توافقي» يتم اختياره وفق المبادرة الفرنسية، وقال «أبلغت البطريرك استعدادي للتوجه الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية إذا تم التوافق على مرشح». وأضاف «هذا الموقف أعلنته الخميس في اجتماع الكتلة (كتلة التغيير والإصلاح) وأعلن ستة أو سبعة أعضاء على الاقل مواقف مماثلة».
وقال: «نحن وعون لا نفترق إذا كان مرشّحاً. لكننا لسنا مع الفراغ إذا كان هو مع الفراغ».
وكان بعض زوار الرئيس إميل لحود قد نقلوا عن أوساطه القول إن الرئيس ربما يوافق على تعيين حكومة إنقاذية إذا انتهت المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس، عبر إصدار مرسوم بتأليف حكومة تملأ الفراغ الحكومي للحكومة التي يعتبرها الرئيس غير دستورية، وبحكم غير الموجودة.

بان كي مون

في هذه الأثناء، اختتم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون زيارته للبنان، وغادر بيروت محذّراً من عدم حصول انتخابات رئاسية، معتبراً أنّ ذلك «قد يؤدي الى ظروف خطيرة وغير معروفة». وطالب المسؤولين اللبنانيين بتحمّل مسؤولياتهم، وإلا فـ«الاقتراب من حافة الهاوية».
ونقلت مصادر كتائبية عن بان كي مون تهديده خلال أحد لقاءاته بأنّه إذا لم يتم انتخاب رئيس للبلاد في المهلة المحددة، فإن الأمم المتحدة تتجه إلى إصدار قرارات جديدة، تحت البند السادس، وأن «الأمم المتحدة لا يسعها سوى التدخل في الانتخابات الرئاسية، وخصوصاً أن لها عدداً من القرارات الدولية في شأن الوضع اللبناني، وربما فهمت خطأ أن بعض المرشحين اللبنانيين أعلنوا عدم التزامهم بقرارات الأمم المتحدة، وخاصة القرار 1559».

إجراءات أمنية استباقية

ونتيجة الأوضاع المتوتّرة في البلاد، وبموازاة الإجراءات الأمنية الاستباقية التي سيتّخذها الجيش اللبناني ابتداءً من الاثنين المقبل، والتي نشرت «الأخبار» تفاصيلها في عددها الصادر أمس، أصدر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أمس مذكرة فورية موجهة إلى جميع قطعات المديرية، رفع فيها نسبة الجهوزية في مختلف الوحدات العملانية إلى 90% على الأقل اعتباراً من صباح الاثنين المقبل. وأمر ريفي في مذكرته بتشكيل «مجموعات أمنية ثابتة ومتحركة للتدخل، تعمل مع وحدات من قوى الجيش اللبناني، واتخاذ التدابير المناسبة لمنع أعمال الإخلال بالأمن والسلم في البلاد».
وشددت الأوامر على «اتخاذ كل التدابير اللازمة لمنع قطع الطرقات، وخاصة الرئيسية منها»، وعلى تشديد الحراسة على مراكز وثكنات الأمن الداخلي.
وطلب ريفي تعزيز الحراسة على المؤسسات والوزارات والإدارات الرسمية على جميع الأراضي اللبنانية، مع مراعاة الأهمية لمباني الوزارات ومصرف لبنان (في بيروت وفروع المناطق) وقصور العدل ومباني المحافظات إضافة إلى مبنى TVA في منطقة العدلية ومبنيي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على طريق المطار والحازمية ومقر مشيخة عقل الطائفة الدرزية في فردان.
وطالبت المذكرة فرع المعلومات والشرطة القضائية وجهاز أمن السفارات ووحدة الدرك بإطلاق «العدد الممكن من الدوريات بهدف القيام بمهام الاستعلام والتقصي، والافادة بصورة فورية عن المعلومات المتوافرة لاستثمارها من قبل القطعات المعنية».
وتطلب المذكرة من وحدة شرطة بيروت تشكيل 30 فصيلة تدخل في الحد الأدنى عديد كل منها 20 عنصراً بإمرة ضابط.
أما وحدة الدرك الاقليمية، فستشكل فصائل عديد كل منها 20 عنصراً بإمرة ضابط، وفق الآتي:
26 فصيلة تدخل حداً أدنى في منطقة البقاع.
36 فصيلة تدخل حداً أدنى في جبل لبنان.
28 فصيلة تدخل حداً أدنى في الجنوب.
29 فصيلة تدخل حداً أدنى في الشمال.
أما وحدة جهاز أمن السفارات، فستشدد الحراسة إلى حدها الأقصى على الإدارات والمؤسسات الرسمية والسفارات الأجنبية.
وستكون مهمة الوحدة السيارة تشكيل مجموعات ثابتة ومتحركة وتوزيعها على المناطق، وخاصة في محافظتي بيروت وجبل لبنان، على أن يكون عديد المجموعة سرية وما فوق لاستخدامها في مهمات التدخل في مختلف المناطق اللبنانية، ووفقاً لتوزيع المؤسسات والوزارات المعنية ضمن مدينة بيروت وفي بقية المناطق.
وشدد ريفي في مذكرته على «التنسيق بين قادة الوحدات المعنية ومع وحدات الجيش اللبناني المنتشرة عملانياً في مختلف المناطق اللبنانية وعلى جميع المستويات».