strong>كوشنير «أقلّ ثقة» ورايس تريد رئيساً «يحظى بدعم كلّ اللبنانيّين» ونجاد يتّهم أميركا وإسرائيل بالعرقلة
دخل الاستحقاق الرئاسي في دائرة الحسم أمس، مع تصاعد وتيرة الاتصالات والمساعي الإقليمية والدولية ودخول الولايات المتحدة الاميركية بقوة على خطه عبر اتصالات هاتفية أجرتها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بعد ظهر أمس، بكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، والبطريرك الماروني نصر الله صفير ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، مؤكّدة «دعمها لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان يحظى بدعم كل اللبنانيين»، حسبما أفاد المكتب الإعلامي لبري.
وأدرجت مصادر مطّلعة على الموقف الأميركي اتصال رايس بهؤلاء المسؤولين بأنّه «محاولة لملاقاة المبادرة الفرنسية». وذكرت المصادر نفسها أن اتصال رايس بالمسؤولين الثلاثة المعنيين بالاستحقاق الرئاسي، أي بري وصفير والحريري، يشير إلى أنّ واشنطن تريد تسهيل إجراء الانتخابات وأنّها لا تعارض التوافق على انتخاب رئيس جديد، حتى وإن لم يكن من قوى 14 آذار. لكن ذلك يقتضي أن يلتزم الرئيس الجديد تنفيذ القرارات الدولية دون أي مواربة أو تجاهل. وبالتالي، فإن الدور الأميركي في الاستحقاق هو الحصول على تعهّدات من الرئيس التوافقي الجديد تتعلّق بالقرارات الدولية.

كوشنير أقلّ ثقة

وتزامنت اتصالات رايس مع عودة وزير الخارجية الفرنسي المفاجئة إلى بيروت ليل أمس، آتياً من إسرائيل، بعدما كان مقرراً أن يعود الثلاثاء المقبل، وكذلك مع إعلان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أنه سيزور بيروت اليوم، علماً بأن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ولش الموجود في باريس متوقع وصوله إلى بيروت أيضاً.
ورغم أنّ هذه الحركة الدبلوماسية والعربية والدولية ولّدت توقعات متفائلة بإمكان التوافق على رئيس الجمهورية العتيد، فإن ما أعلنه كوشنير في الطائرة التي أقلته من تل أبيب الى بيروت دحض هذه التوقعات. فقد أكد الوزير الفرنسي أنه «أقل ثقة» بإمكان التوصل الى اتفاق على الانتخابات الرئاسية في لبنان، قائلاً: «هناك وضع جديد، وأنا أقلّ ثقة حالياً». وأضاف: «الوضع بات أكثر تعقيداً»، مشيراً الى «الشقاق داخل الصف المسيحي» في إشارة إلى مسيحيّي الموالاة والمعارضة.
ولدى وصوله، أعلن كوشنير أنّه سيعاود الاجتماع بجميع الأطراف اللبنانية. وأضاف: «إنّ تركيبة التحالفات التي كانت قائمة قد طرأت عليها بعض التغيّرات التي لم نكن نتوقّعها، وبالتالي يجب أخذ هذه المعطيات الجديدة في الاعتبار».
وسئل كوشنير عن اتصال الوزيرة رايس ببري والسنيورة وصفير والحريري، فأجاب: إن التوصل الى رئيس توافقي يجعلني سعيداً جداً. هناك أكثرية ومعارضة ولكي يتم انتخاب رئيس، لا بد من أن يعمل هذان الطرفان معاً توصّلاً الى هذا الاتفاق، سوف نرى ما إذا كان الطرفان سيُجمعان على الرئيس الجديد، ولكن يبدو أن ذلك أكثر صعوبة مما كنّا نظنّ».
وردّ مصدر في 14 آذار الموقف الفرنسي المتشائم إلى رغبة فرنسية في دفع الأطراف المسيحية الموالية والمعارضة إلى التعاطي بإيجابية مع لائحة البطريرك صفير، كاشفاً أنّ مسيحيّي 14 آذار يرفضون هذه اللائحة وقد عبّروا عن ذلك، كلّ بطريقته، للبطريركيّة، الأمر الذي أحرج كل الوسطاء الإقليميين والدوليين الذين بدأوا يخشون من تكرار تجربة عام 1988، وخصوصاً أنّ بعض الأطراف المسيحية أخذت تهدّد بتنظيم تظاهرات إلى بكركي يوم غد الثلاثاء.
وكان اللقاء الذي عقد مساء أول من أمس بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري الذي سيزور موسكو اليوم، قد استبعد اسم المرشّح روبير غانم من اللائحة البطريركية، فيما وضع الحريري «فيتو» على اسم ميشال إدّه مستنداً إلى موقف سلبيّ منه يتّخذه النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وحين طُرح اسم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ارتأى الاثنان العودة إلى حلفائهما، باعتبار أنّ انتخابه يحتاج إلى تعديل دستوري.
كما علمت «الأخبار» أنّ قائد الجيش العماد ميشال سليمان أبلغ بكركي أمس موقفاً مفاده أنّه احترم الدستور ولم يدخل حلبة الترشيحات الرئاسية، ولكن «المطلوب من غيرنا أن يحترمه أيضاً».

نجاد والساحة اللبنانية

وفي الرياض، اتهم الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد في ختام قمة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي انعقدت في العاصمة السعودية أمس، الولايات المتحدة وإسرائيل بالعمل على إحباط أي انتخابات رئاسية لبنانية تتم بالتوافق بين اللبنانيين. وقال: «انطباعنا من المسرح اللبناني أن الحكومتين الاميركية والاسرائيلية تحاولان ألا يحصل توافق بين المكوّنات اللبنانية» على الانتخابات الرئاسية. وذكر أن الاميركيين والاسرائيليين يعملون «حتى تكون هناك اجتماعات تختار رئيساً بعيداً عن البرلمان اللبناني». وأضاف «من أجل تعويض الهزائم الفادحة في العراق وأفغانستان، تبحث الولايات المتحدة عن خوض مغامرات في الساحة اللبنانية (...) لقد دقّوا (الأميركيون) إسفيناً في الصفوف اللبنانية وحاولوا أن يشعلوا حرباً أهلية في لبنان». وأكد نجاد أن بلاده تعترف «باستقلال لبنان وحقه في تقرير مصيره» مؤكداً أن المحادثات «مع الاخوة السعوديين تدور حول هذه النقاط».