لم تتوقف السجالات السياسية القائمة حول الملف الرئاسي وما يحيط به، لكن الجميع يحاذر الاشتباك الذي يمنع استئناف الحوار بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري بعد نحو عشرة أيام، بينما انتقل الاهتمام الى بكركي حيث المحاولة المشتركة بين الفاتيكان من جهة والبطريرك الماروني نصر الله صفير من جهة ثانية لإنتاج «حد أدنى من التفاهم المسيحي ـــــ المسيحي» بشأن ملف الرئاسة، وهو أمر لا يبدو أنه مرشّح للنجاح في ظل الانقسام القائم.وفي نيويورك أعلن النائب سعد الحريري إمكان مجيء رئيس من خارج 14 آذار، إذ قال: «نحن توافقيون. لا أريد أن أدخل في لعبة الأسماء، وهناك بعض الصحف أصدرت عناوين بأنني أسوّق فلاناً أو غيره من الأشخاص، وهذه الصحف لا أعرف من أين تصدر، لكنني أؤكد أن لا تسوية على حساب دماء الشهداء».
وأكد الحريري أنه طالب المجتمع الدولي بالضغط على سوريا لمنع «مواصلة عمليات الاغتيال» بالاضافة الى أمور أخرى. وأكد أن المهم التعجيل بإقرار المحكمة الدولية ومباشرة عملها. وكشف المندوب الاميركي في الأمم المتحدة زلماي خليل زاد رداً على سؤال لـ«الأخبار» أن البحث مع الحريري يتركز على تأمين التمويل للمحكمة بعد تأمين عشرة ملايين دولار نقداً من أصل 35 مليوناً للسنة الأولى. والحصول على تعهدات مؤكدة للسنة الثانية لا تقل عن 40 مليوناً.
وقال فيتالي تشوركين مندوب روسيا إنه ناقش مع الحريري أهمية إجراء الاستحقاق الدستوري في موعده وفق الشروط الدستورية. وقال إن بلاده «ستبذل قصارى جهدها لتحقيق ذلك من خلال اتصالاتها بكل الأطراف. فاستقرار لبنان ووحدته مهمان جداً في الشرق الأوسط عموماً». وأكدت مصادر «الأخبار» أن رئيس كتلة المستقبل لم ينل من أعضاء مجلس الأمن سوى التزامات بدعم لبنان السيد المستقل، وأن معظم الأعضاء أبلغه أن المجتمع الدولي لا يستطيع أن يقدّم أكثر مما تحقق من قرارات، وأن المحكمة ستحاسب من تثبت إدانته بارتكاب الجرائم. وقال الحريري إن الموقوفين بجريمة عين علق لا علاقة لهم بفتح الإسلام، «هم خمسة أشخاص من الاستخبارات السورية، وهم معروفون وموجودون في السجن وملفهم واضح وقد أحيل على الأمم المتحدة».

مجلس الوزراء

في هذه الأثناء، كانت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة تناقش المسائل على اختلافها، بينها الدعوى المقامة من وزير العدل شارل رزق على «الأخبار» ومضمون ما نُشر في بيروت خلال اليومين الماضيين عن الوضع الأمني وملف التحقيقات الملحقة بأحداث الشمال وتوقيفات شملت العشرات من الإسلاميين. وأبلغ السنيورة الوزراء أنه بعث رسالتين الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى «تتضمّنان خلاصة ما طرحتْه من معلومات أمنية مديريةُ المخابرات في الجيش اللبناني وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي عما جرى في مخيم نهر البارد، وعما يحكى عن حالات تسلح».
وعن موضوع التسلح قال وزير الإعلام غازي العريضي «إن المسؤولين الأمنيين لم يسايروا فريقاً من الفرقاء وقد سمّوا الحزب التقدمي الاشتراكي، وقالوا في الوقت ذاته إنه عندما اتصلوا بوليد جنبلاط أوقف كل هذه العملية وتحدثوا عن تدريب لعناصر في شركات أمنية، وسمّوا من هي الجهات التي تدرّب من أجل شركات أمنية، وعندما أشار المسؤولون الأمنيون الى التدريب بالسلاح والمخيّمات سموا المخيمات وأين هي، ومن هي الجهة التي تتدرب».

بكركي

وفي شأن لقاءات بكركي قال مصدر مطلع إن صفير سيشدّد أمام القيادات المسيحية التي سيلتقيها على تمسكه بوجوب أن تنعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بنصاب الثلثين لأن الدستور يقضي بذلك وأنه لا يحبّذ انتخاب رئيس بنصاب النصف زائداً واحداً. وكشف المصدر أن الفاتيكان يؤدّي دوراً بارزاً في اتجاه المساعدة على تحقيق حل توافقي في لبنان، وأشار الى أن تحرك البطريرك الماروني نصر الله صفير لجمع القيادات المسيحية في بكركي يندرج في إطار نصائح فاتيكانية تلقاها.
وأشار المصدر إلى أن زيارة وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، برنار كوشنير وماسيمو داليما وميغل أنخل موراتينوس، المقررة لبيروت يمكن أن تتم في 19 من الجاري إذا تقرر تأجيل جلسة انتخابات الرئاسة المقررة في 23 منه، وإذا لم تؤجل فإن الوزراء الثلاثة سيزورون بيروت بعدها لئلا تفسر زيارتهم قبلها على أنها تدخل في الانتخابات.