يطل الأسبوع «الحاسم والمصيري»، بحسب وصف الرئيس نبيه بري، على حدثين سيرسمان وجهة سير الاستحقاق الرئاسي، أولهما استئناف الحوار بين بري والنائب سعد الحريري، والثاني يتصل بالنتائج النهائية لمساعي البطريرك الماروني نصر الله صفير لإنتاج موقف مسيحي عام من الملف عينه، ويبدو أن استئناف اللقاءات بين بري والحريري محكوم إلى حد كبير بما يجري على الساحة المسيحية.ومع أن فريق 14 آذار سرّب أمس أنه سمّى الياس أبو عاصي وكارلوس إده لعضوية لجنة رباعية ستتولى متابعة الاتصالات المسيحية ـــــ المسيحية، إلا أن المطران سمير مظلوم المكلف بالملف، أبلغ إلى المعنيين أنه لم يحصل على جواب نهائي بعد، وأن تركيبة اللجنة وجدول أعمالها وأهدافها ستكون محل تداول بينه وبين القيادات المعنية خلال الساعات المقبلة، نافياً علمه بما سرّب عن أسماء.

واشنطن: السنيورة لا سعد

في غضون ذلك، علمت «الأخبار» من مصادر دبلوماسية غربية أن ملخصاً لنتائج زيارة النائب الحريري إلى واشنطن الأسبوع الماضي ولقائه المسؤولين الأميركيين وصل إلى جهات معنية عدة، وأن وجهة نظر أميركية حيال الاستحقاق الرئاسي تركزت على الآتي:
ـ الحفاظ على تماسك الغالبية النيابية الممثلة لقوى 14 آذار ووحدتها مهما كلف الأمر، والحؤول دون أي خلاف يمكن أن ينشأ بين أطرافها حيال الاستحقاق الرئاسي أو بإزاء الاتفاق على مرشح من صفوفها.
ـ أبلغ إليه المسؤولون الأميركيون أسماء المرشحين الذين يضعون فيتوات على انتخابهم ويعارضونهم، من غير أن يفصحوا عن الأسماء التي يؤيدون انتخابها لرئاسة الجمهورية.
ـ أكدوا أنهم ماضون في استخدام الضغط الدبلوماسي الدولي على سوريا لحملها على عدم التدخل في انتخابات الرئاسة اللبنانية وترك الاستحقاق يمر بلا صعوبات، وأنهم أوعزوا إلى فرنسا وألمانيا التحرك على هذا الصعيد.
ـ أشادوا برئيس الحكومة فؤاد السنيورة ونجاحه في ممارسة دوره، واستمرار رهانهم عليه مستقبلاً. ولاحظوا أن أي إخفاق في انتخاب رئيس جديد للجمهورية تستطيع حكومة السنيورة أن تملأ فراغه نظراً إلى الثقة الدولية بها، وأنها تستطيع التعويل على دعم أميركي غير مشروط لها مستقبلاً في هذه الحال. وهي إشارة ضمنية إلى أن واشنطن لا ترى أن الوقت قد حان لترؤس الحريري أولى حكومات العهد الجديد في حال انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

عون ومبادرة بكركي

وفيما كانت أوساط 14 آذار تعمل على إفشال مبادرة البطريرك الماروني، كشف أمس أن العماد ميشال عون أبلغ إلى صفير أنه مستعد للتخلي عن ترشحه للرئاسة شرط توافر ما يحقق مصلحة المسيحيين خصوصاً ومصلحة لبنان عموماً، وأن ذلك يتطلب أولاً الإقرار بنصاب الثلثين، وأن يتم سحب جميع المرشحين المباشرين وغير المباشرين لفريق 14 آذار، وأن يصار إلى وضع جدول أعمال يحقق النتيجة المطلوبة. وأمل عون أن يستخدم صفير هذا التنازل في مسعاه لإلزام فريق الموالاة بالتنازل سعياً إلى حل توافقي.
إلا أن التضارب في المواقف بين أركان الموالاة المسيحيين أرخى بظلال من التشاؤم على إمكان أن يخرج الدخان الأبيض من الصرح البطريركي، وقد بدا ذلك واضحاً من تصريحات قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، من على درج بكركي، إذ حصر الترشيحات إلى الرئاسة بمرشحَي 14 آذار: بطرس حرب ونسيب لحود، «وإذا لم يشاؤوا التوافق، فلدى 14 آذار الكثير من المرشحين وعندها ستترحمون على المرشحين الموجودين». ورأى أن نسبة إمكان التوافق «ليست كبيرة».
وعلمت «الأخبار» من أوساط الموالاة أن لا تفاؤل كبيراً بإمكان خروج المبادرة البطريركية بنتائج ملموسة، فيما كشفت مصادر أن مسيحيي «الأكثرية» سمّوا لعضوية اللجنة الرباعية كلاً من الياس أبو عاصي (الأحرار) وكارلوس إده (الكتلة الوطنية)، مستبعدين أسماء تمثل القوى المسيحية النافذة في فريق 14 آذار، ورأت في ذلك مؤشراً إلى عدم الجدية في التعاطي مع المبادرة.
من جهتها، قالت أوساط بكركي إن الطرفين «أبديا استعدادات لفظية للحوار»، مشيرة إلى أن المطلوب «استعدادات للتراجع وهو ما لم يحصل»، لافتة إلى أن شدة التعقيدات دفعت بالبطريرك صفير إلى الاستنجاد بالسماء لحلحلتها، ما يوحي بأن لا انفراجات قريبة.