وأخيراً دخل الحوار الذي استؤنف بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري في عين التينة ليل أمس في «صلب الموضوع»، فكانت «جردة أولية جرت لجميع أسماء المرشحين لمنصب الرئاسة الأولى في ضوء مبادرة بكركي»، بحسب بيان صدر عن مكتب الحريري ليلاً، جاء فيه أن الرجلين استأنفا «الحوار الجاري لضمان إنجاز الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري»، وأنه «جرى عرض آخر التطورات في لبنان وخاصة المبادرة التي أطلقتها بكركي للتوصل إلى توافق ماروني حول الرئاسة يكون مدخلاً لوفاق وطني واسع بشأنها». وأضاف البيان ان رئيس كتلة «المستقبل» أطلع رئيس المجلس على «أجواء جولته في كل من الولايات المتحدة ومقر الأمم المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية»، واتفقا على «أن يبقى التواصل قائماً بين الرئيس بري والنائب الحريري وجميع الكتل النيابية لضمان الوصول بلبنان إلى بر الأمان».وقالت مصادر بري لـ«الأخبار» إنه عرض مع الحريري أسماء «سبعة الى ثمانية مرشحين»، ما يعني أن البحث لم ينحصر بالمرشحين المعلنين. ووصفت الأجواء بأنها «توافقية وأفضل»، لافتة الى أن الرجلين سيتابعان البحث وسيتواصلان مع البطريرك الماروني، بانتظار ما ستسفر عنه اجتماعات اللجنة الرباعية المسيحية التي عقدت أمس أول اجتماعاتها في بكركي، علماً بأن المعطيات الأولية تشير الى استبعاد خروج اللجنة بنتائج جدية بسبب مستوى التمثيل المتدني لأطرافها، وبسبب طبيعة النقاشات التي بحثت في مواصفات البطريرك للمرشح العتيد.

الترويكا الأوروبية

في غضون ذلك، تترقّب الأوساط السياسية ما سيحمله وفد «الترويكا الأوروبية» الى لبنان، وما سيسفر عنه لقاء قصر الصنوبر الذي يستضيفه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ونظيراه الايطالي ماسيمو داليما والاسباني ميغيل أنخيل موراتينوس، ويضم معظم أقطاب طاولة الحوار أو من ينوب عنهم.
وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية إن الوفد يحمل رسالة أوروبية موحّدة، تعرب عن «القلق الشديد من أيّ فراغ رئاسي قد يؤدي إلى انقسام وفوضى مفتوحة على كل الاحتمالات»، من دون أن يحمل رؤية محددة أو طرحاً عملياً. إلا أن الوزراء الثلاثة، بحسب المصادر نفسها، قد يحاولون ممارسة ضغط معنوي على البطريرك صفير وإقناعه بالدخول في لعبة أسماء المرشحين مباشرة، وطرح اسم أو أكثر، ممّن يرى أنّهم مؤهّلون لتجنيب البلاد المأزق. وقالت مصادر قريبة من وفد الترويكا الذي سيلتقي كلاً من الرئيسين بري وفؤاد السنيورة والبطريرك صفير، إنه في ظل الانسداد الحاصل، فإن أهدافاً غير معلنة قد تكون «المحرك الأساس» للتحرك الأوروبي أبرزها «البحث مع المعارضة في سبل تحييد اليونيفيل في حال انزلاق الوضع إلى الفراغ الدستوري وتداعياته» في مقابل «الوعد بعدم اتخاذ أي إجراءات إدارية أو مالية تجاه المعارضة والمتعاونين معها إذا وصلت الأمور إلى قيام حكومتين». وفسّرت المصادر هذه «الضمانات» بأن الدول الأوروبية لن تتعاون مع واشنطن إذا ما فرضت «حصاراً مالياً» على الحكومة الجديدة أو المتعاونين معها، كما هدّدت مراراً. ومن المنتظر أن يقوم السفير فوق العادة جان كلود كوسران بهذه المهمة من وراء الكواليس فيما تكون الأضواء الإعلامية مسلطة على زيارات الوفد الوزاري.
ولدى وصوله إلى المطار ليل أمس، صرح كوشنير بـ«أنني أعود الى لبنان لأرى أصدقائي الكثيرين ولأقوم ما باستطاعتي مع صديقيّ وزيرَي الخارجية في كل من إيطاليا وإسبانيا من أجل أن تحصل الانتخابات الرئاسية في الموعد المحدّد لها، وأن يحوز الرئيس الجديد الحد الأدنى الضروري من التوافق بين الطوائف».

باباجان

وفي إطار الحركة الدبلوماسية الأجنبية الكثيفة التي تشهدها بيروت، أجرى وزير الخارجية التركي علي باباجان محادثات امس مع كل من بري والسنيورة ووزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ والنائب سعد الحريري أكد خلالها أن بلاده «تولي اهتماما كبيراً لوحدة لبنان واستقلاله وسيادته»، معتبراً أن استقراره «ذو أهمية قصوى لتركيا ولكل المنطقة»، ومؤكداً على أهمية الانتخابات الرئاسية واعتماد الحوار للمصالحة.
وفيما رفض باباجان الإجابة عن سؤال عما إذا كان يحمل أيّ رسالة من الرئيس السوري بشار الأسد، أشار الحريري الى أن اللقاء تطرق الى المحادثات التي أجراها المسؤولون السوريون في أنقرة، فيما كشفت مصادر قريبة من بري أن باباجان حمل موقفاً سورياً داعماً للتوافق على إنجاز الاستحقاق الرئاسي. ونقل عن الأسد تأكيده أنه «ليس لسوريا مرشح مفضّل للرئاسة»، وأنها «تدعم أي مرشح يتوافق عليه اللبنانيون، وما يهمها هو أن يعمل الرئيس العتيد على تطبيع العلاقات بين البلدين». كما أكد الرئيس السوري للمسؤولين الأتراك أن بلاده لا تتدخل في الشأن الرئاسي اللبناني، وإنما بعض الأطراف اللبنانية هي من يتدخل في الشؤون السورية ويشنّ الحملات على سوريا.

اللجنة الرباعية

وعقدت اللجنة الرباعية التي تضم ممثلين عن مسيحيي المعارضة والموالاة أول اجتماعاتها في بكركي أمس، وضمّت مروان صقر (حزب الكتلة الوطنية)، إلياس أبو عاصي (الوطنيين الأحرار)، وناجي حايك (التيار الوطني الحر) ويوسف سعادة (تيار المردة).
وفيما التزم المشاركون الصمت المطبق حيال ما دار في الاجتماع، فإنهم أجمعوا لـ«الأخبار» على أن «جواً من الارتياح والهدوء والود والمسؤولية ساد المحادثات التي بدأت بصلاة، وبكلمة مهمة للبطريرك الماروني نصر الله صفير الذي ما لبث أن غادر الاجتماع تاركاً الشخصيات الأربع في عهدة المطران سمير مظلوم». وقد خرجت هذه الشخصيات بانطباع أن «التيار قد مرّ بينهم»، بعدما تخطت كل «الكلام المسيء الذي قيل قبل أيام». وتم الاتفاق على تكثيف اللقاءات بمعدل يومي تقريباً.