نيويورك ــ نزار عبود
حذّرت دمشق المجتمع الدولي أمس، عبر رسالة وجهتها إلى مجلس الأمن، من أن استمرار التغاضي عن الممارسات الإسرائيلية من شأنه «تعريض المنطقة والأمن والسلم الدوليين إلى عواقب وخيمة قد تصعب السيطرة عليها»، في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي يزور اليوم السعودية، حيث يتوقع أن يلتقي مع الملك عبد الله، إلقاء إسرائيل «ذخائر حيّة» خلال خرقها الأخير للأجواء السورية.
وقال المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشارة الجعفري، في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري مندوب الكونغو باسكال غاياما، إن «الطيران الإسرائيلي اخترق الأجواء السورية من جهة البحر المتوسط باتجاه المنطقة الشمالية الشرقية خارقاً جدار الصوت. وأثناء مغادرة الطائرات الإسرائيلية، ألقت بعض ذخائرها من دون أن تلحق أضراراً بشرية أو مادية». وذكّر الجعفري بالخروق السابقة في 2003، معتبراً هذه الأعمال «تحدياً صارخاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية فصل القوات».
وأكدت الرسالة «رغبة سوريا في تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة بموجب قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بما يكفل عودة الجولان المحتل». وأضافت إن «سوريا إذ تلفت إلى الانتهاك الفاضح لمجالها الجوي والى العدوان على الأراضي السورية في تحدّ للقوانين الدولية وفي تصعيد خطير وجديد للأوضاع في المنطقة، تؤكد أن إصرار الحكومة الإسرائيلية على خيار العدوان والتصعيد بدلاً من تبني خيار السلام، يظهر حقيقة السياسات الإسرائيلية التي تتلطّى خلف ادعاءات زائفة عن رغبتها في تحقيق السلام في المنطقة، في الوقت الذي تمارس فيه جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات أصبحت معروفة وتدل على استهتارها بالحد الأدنى من التزاماتها ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة».
وقال الجعفري، لـ«الأخبار»، إن «التصعيد الإسرائيلي جاء بعد ساعات من تطمينات قدمها المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا إلى وزير خارجية سوريا، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الأربعاء الماضي، ومفادها أن إسرائيل ترغب في خفض التوتر في الجولان، وأنها تخفض عديد قواتها».
وأضاف الجعفري إن هذا التطور «يشير إلى مدى استهتار إسرائيل بالاتحاد الأوروبي وبالسياسة الأوروبية وبكل الجهود التي تبذلها أوروبا باتجاه تفعيل عملية السلام، والمؤتمر الذي أعلن عنه الرئيس جورج بوش في الخريف المقبل». ورأى أن إسرائيل تريد تقويض كل جهد دولي لإحياء عملية السلام الشامل والعادل استناداً إلى المرجعيات المعروفة.
أما الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، فقد نفى تلقي الإيضاحات المطلوبة من الدولتين المعنيتين. وقال، في لقاء صحافي بعد عودته من جولة أفريقية، إنه قلق للغاية «من الوضع في الشرق الأوسط، ولا سيما ما حدث بين سوريا وإسرائيل. لقد واجهنا الكثير من الغموض والعنف. وآمل أن تتعاون كل دول المنطقة بشكل كامل لتطبيق قرارات مجلس الأمن لدولي والدخول في حوار سلمي لمعالجة هذه الأمور بكاملها».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار»، حضّ بان «السلطات الإسرائيلية وجميع السلطات الأخرى في المنطقة على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في معالجة الوضع الأمني الهش والغامض للغاية القائم في المنطقة».
في هذا الوقت، أشار وزير الخارجية السوري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي علي باباكان في أنقرة، إلى أن إسرائيل انتهكت المجال الجوي السوري متعمدة في هجوم «يحمل رسائل عديدة لسوريا». وقال «(تحدثنا) في موضوع العدوان الإسرائيلي على الأجواء السورية. وناقشنا خطورة ما قامت به اسرائيل لأنها استخدمت في هذا العدوان الذخيرة الحية. الطائرات أطلقت ذخائرها فوق الأراضي السورية وتركت خزانات وقودها. بعض خزانات وقودها فوق الأراضي السورية. هذا يعني أن هذا الخرق متعمّد ويحمل رسائل عديدة».
بدوره، وصف باباكان انتهاك اسرائيل للمجال الجوي السوري بأنه غير مقبول. وقال إن إسرائيل أبلغت تركيا بأنها «ستجري تحقيقاً في الحادث في أقرب وقت ممكن وتعطينا معلومات».
وخلال مؤتمر صحافي مع نظيرها البرتغالي لويس أمادو في القدس المحتلة، رفضت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني التعليق على كلام وزير الخارجية التركي. وقالت «إنه لا فائدة لأي جهة من إطلاق تصريحات بهذا الخصوص». ووجهت كلامها إلى الصحافيين «إنني مندهشة من أنكم تتوقعون أن أتطرق إلى ذلك، فأنتم تعرفون موقفنا من الموضوع».
كذلك منعت ليفني نظيرها البرتغالي من التصريح في الموضوع والرد على أسئلة صحافيين، وقاطعته عندما بدأ يجيب عن الأسئلة.
ويتوجه المعلم اليوم إلى السعودية في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول سوري إلى المملكة بعد التوتر الذي ساد العلاقات بين البلدين. ومن المقرر أن يستقبل الملك عبد الله وزير الخارجية السوري، حسبما نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر سعودي. وتتزامن زيارة المعلّم مع وجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن في المملكة.
وفي ظل غياب موقف رسمي أردني، دان حزب «جبهة العمل الإسلامي»، أكبر الأحزاب السياسية الأردنية، الانتهاك الإسرائيلي للأجواء السورية، ووصفه بأنه «عدوان صارخ». ودعا الدول العربية والإسلامية إلى التوحّد في وجه «التصلب الصهيوني».