strong>استشـهاد أنطـوان غانم: استنكار وإضـراب عـام والتشـييع غـداً والأكثـرية تتّهـم سـوريا مجـدّداً
بينما كانت الاتصالات السياسية الخاصة بالاستحقاق الرئاسي على عتبة جولة جديدة، جاءت الضربة الأكبر لمبادرة الرئيس نبيه بري عبر تفجير إرهابي أودى بحياة النائب أنطوان غانم، القيادي في حزب الكتائب وعضو كتلة نواب 14 آذار، ما أحدث صدمة سياسية عامة، وأشاع جوّاً من التوتر والحذر العام فيما بدا أن المناخ يميل أكثر نحو مواقف التصعيد مقابل تراجع الاتصالات وتأجيل عدد من اللقاءات المحورية. وينفذ لبنان اليوم إضراباً شاملاً حداداً، تقفل فيه المدارس والجامعات والمؤسسات الخاصة والعامة. ويُشيَّع غانم غداً الجمعة.
وكان الرئيس بري أحد أبرز المصدومين بالجريمة، وهو رأى فيها استهدافاً «للشعور الوفاقي المتنامي والمتزايد الذي عبّرت عنه القيادات اللبنانية بكل طوائفها وأطيافها لمواجهة الاستحقاق والتحديات المفروضة على لبنان». واتصل بري بالبطريرك الماروني نصر الله صفير معزياً، واتفقا على تأجيل اللقاء الذي كان مقرراً بينهما ظهر غد الجمعة الى موعد لاحق. وأكد أنه أشد تصميماً على السير في مبادرته «ومواجهة التحدي الذي يمثله هؤلاء الإرهابيون الذين امتهنوا اغتيال أي بارقة وفاق تلوح في الأفق». وأضاف ان كل الجو كان يبشر بانفراجات واسعة وخصوصاً أن اللقاء بينه وبين النائب سعد الحريري كان مقرراً قبل 25 الجاري.
وتلقى بري مساء امس اتصالاً هاتفياً من الموفد الفرنسي جان كلود كوسران الذي نقل له تعازي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وأبلغه أن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير سيتحدث إليه بعد أن تحط طائرته في واشنطن. وأكد كوسران أن فرنسا «تعلق أهمية بالغة على التحرك الذي يقوم به بري».
وطالب الرئيس فؤاد السنيورة، في رسالة خطية الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بضم اغتيال النائب أنطوان غانم الى ملف التحقيق الدولي بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
ورأى السنيورة أن اغتيال غانم «رسالة واضحة لإسكات أصوات الحرية وثورة الاستقلال»، معتبراً «أن البصمات السياسية لهذه الجريمة النكراء واضحة وجلية، وهي تأتي رداً على إصرار اللبنانيين على التمسك بالنظام الديموقراطي البرلماني». وقال «إن اللبنانيين لن يتراجعوا، وسيكون لهم رئيس جديد ومنتخب من نواب الأمة، مهما كبرت المؤامرة ومهما تآمر المتأمرون».
وتلقى السنيورة اتصالات تعزية من رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ووزير النفط عبد الله العطية، وزير خارجية إيطاليا ماسيمو داليما، وجان كلود كوسران باسم وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير.
من جانبه قال النائب الحريري «الأعداء يريدون تعطيل انتخابات الرئاسة ولكن لن يوقفنا أحد ولا شيء. سنحفظ الدستور، سنحفظ الطائف والديموقراطية في لبنان وسنذهب الى الاستحقاق الرئاسي موحّدين متضامنين». وقال: «إن القاتل والمجرم واحد والسفاح واحد. بعدما قصفت الطائرات الإسرائيلية سوريا، ردوا عليهم بقتل اللبنانيين. هكذا ترد سوريا. ولم أرَ يوماً نظاماً أجبن من نظام بشار الأسد»، فيما استنكر النائب وليد جنبلاط الجريمة وقال إنها «رسالة معهودة للنظام السوري، ولن نرضخ للتهديد». وأعلن أنه سيعقد مؤتمراً صحافياً قبل ظهر اليوم «يقول فيه كل شيء»، بينما يعقد أقطاب لقاء 14 آذار اجتماعاً في بيت الكتائب في الصيفي للتداول في الأمر وإصدار موقف.
أما الرئيس أمين الجميل فرفض استباق التحقيق وتوجيه الاتهام وقال: «سنرى من سيستفيد من ثمار هذه الجريمة». ودعا الكتائبيين الى «ضبط النفس وعدم القيام بأي عمل يسيء الى الكتائب».
ونعت قوى 14 آذار الشهيد غانم و«عاهدت على مواصلة المسيرة الاستقلالية السيادية» ودعت الى التجاوب مع الإضراب اليوم «احتجاجاً على مواصلة نظام القتل والإرهاب السوري عدوانه على رجالات لبنان وشعبه ومحاولته تصفية نواب الاكثرية لتعطيل الانتخابات الرئاسية ودفع البلاد نحو الفراغ والمجهول».
وصدر بيان لافت عن السفارة الأميركية استنكاراً للجريمة وقال: «إننا نلاحظ بقلق أن العديد من السياسيين اللبنانيين المتحالفين مع سوريا، كانوا في الواقع قد حذروا من أن العنف والقتل سيكونان نتائج لأي جهد حقيقي لممارسة الديموقراطية البرلمانية. نأمل أن تقنع صدمة اغتيال النائب غانم أعضاء البرلمان الذين هدّدوا باللجوء الى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، بالذهاب الى جلسة الانتخاب في موعدها المقرر تكريماً لذكرى زميلهم الذي اغتيل».

الجريمة

وكانت سيارة مرسيدس مفخخة بعبوة تزن 25 كلغ من المتفجرات قد انفجرت لحظة مرور النائب غانم، قرب مستديرة الصالومي، بسيارة شفروليه سوداء اللون تحمل الرقم 486482، حملت في صندوقها لوحة زرقاء اللون رقمها 133، ما أدى الى مقتله و6 آخرين إضافة الى سقوط 56 جريحاً، واحتراق عدد من السيارات وتضرر عدد من واجهات المباني في المنطقة. ولم يمض وقت طويل على حصول الانفجار وقدوم سيارات الإسعاف والدفاع المدني حتى أعلن مقتل غانم، وحضر رجال التحقيق والشرطة والمخابرات وأجهزة الأمن، وحصل التدافع الذي يحصل في كل مرة،
وحتى مساء امس لم يكن قد أعلن أي إجراء خاص في التحقيقات، بينما كان يجري البحث عن مصدر السيارة المفخخة التي تحمل لوحة مزورة تعود الى سيارة أخرى من نوع داتسون. وذكر مصدر أمني أن طريقة التفجير تشبه عمليتي اغتيال الشهيدين جبران تويني ووليد عيدو، فيما طلب الرئيس فؤاد السنيورة مساءً ضم الجريمة الى ملف التحقيق الدولي وسوف يتم إبلاغ مجلس الأمن بذلك على أن تباشر عناصر من لجنة التحقيق الدولية توفير أعمال المساعدة ومسح مسرح الجريمة في أسرع وقت ممكن. (التفاصيل).

نداء المطارنة

ووقعت جريمة اغتيال غانم بعد ساعات على إصدار مجلس المطارنة الموارنة النداء السنوي الثامن الذي لم يأتِ على ذكر مسألة نصاب الثلثين. وشدد على وجوب أن يحضر النواب جلسة الانتخاب «لأن الاستنكاف يعتبر مقاطعة للوطن وما من أحد، مهما علا قدره وشأنه، يستطيع أن يقاطع وطنه ويسهم في عرقلة أموره». وسلّط الضوء على الهجرة الكثيفة معدّداً أسبابها ونتائجها الخطيرة على المستوى الوطني بعدما وصل البلد الى حافة الإفلاس والانهيار. ولاحظ أنه «في ظل محاولة كل طائفة كبيرة أن تهيمن على مَن سواها بما تقتني من سلاح وتحصل عليه من مال وتبسط سيطرتها بالقوة والتخويف على أبناء وطنها فما من دواء»، سائلاً: «كيف سيتوفر مناخ الطمأنينة والثقة للبنانيين ما دامت هذه الفئة أو تلك تكدس الاسلحة وتحشد المقاتلين وتدرّبهم على القتال وتكاد تقطع لنفسها إمارة تستأثر بها وتمنع الذين يريدون الدخول إليها من تحقيق رغبتهم». ورأى «أن هذا الأمر ينذر بتفكك خطير وبقيام دويلات متناحرة متحاربة على أنقاض الوطن».
وفي تعليق له على النداء تمنى عون لو أن المجلس تحدث في بيانه عن المجلس الدستوري المعطل والطعون المقدمة إليه. وأضاف إن دعوة المطارنة النواب الى حضور جلسة الانتخاب الرئاسي «لن تؤثر عليّ لأن هذا القرار يخضع لقناعاتي ولن أساهم في تكريس سلطة مسروقة».

السعودية ومبادرة بري

من جهة ثانية نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر سعودي رفيع المستوى قوله أمس إن الملك السعودي عبد الله شدد أمام الرئيس السنيورة «على أهمية مبادرة بري بشأن التوافق على مرشح لرئاسة الجمهورية وعلى ضرورة التعامل بإيجابية مع هذه المبادرة وعلى أن التوافق اللبناني يمنع التدخلات الخارجية في لبنان». وقال إن الملك عبد الله أكد للسنيورة أن «المملكة ستواصل مساعيها واتصالاتها مع جميع الاطراف اللبنانيين للمساعدة على تحقيق الوفاق الوطني المطلوب».

ليلاً: إشعال إطارات في جونية

أقدم ليل أمس، عدد من الأشخاص على إشعال إطارات سيارات على جوانب طرقات المناطق الواقعة بين الجديدة وجونية، وتحديداً الفنار، السبتية، نهر الموت، غزير ويسوع الملك، وذلك استنكاراً لجريمة اغتيال النائب أنطوان غانم.
وأوضحت مصادر قوى الأمن الداخلي أنه لم يتم إقفال أي طريق وأن مشعلي الإطارات كانوا يقومون بهذه الأفعال ثم يتركون المكان.