عملنا اللي فينا نعملوا». بهذه العبارة اختصر أحد الأساقفة الثلاثة، لـ«الأخبار»، نتيجة المسعى البطريركي الذي قاموا به، والذي يبدو أنه انتهى الى الفشل، ليبدأ قرع الطبول استعداداً لواقعة الانتخابات الفرعية، بعد غد، والتي يتوقع أن تدخل البلاد في ضوء نتائجها، وخصوصاً في المتن، في مرحلة جديدة يتوقف عليها مصير الاستحقاقات المقبلة، إلا إذا حدث ما ليس في الحسبان بما يمكّن من تفادي معركة، يشير «القصف الكلامي» المتبادل الى أنها ستكون حامية الوطيس.فـ«الجواب النهائي» الذي كان الرئيس أمين الجميل قد وعد به رداً على مبادرة البطريرك الماروني نصر الله صفير جاء إيفاداً لسجعان قزي وسليم صايغ الى اجتماع مع المطران سمير مظلوم في بكركي نفى «التيار الوطني الحر» علمه به أو أن يكون قد دُعي إليه، فيما أوفد النائب سعد الحريري مستشاره داود الصايغ الى صفير الذي أمل أن «تنجح المساعي التي نقوم بها خلال هذين اليومين لتجنب المعركة في المتن»، داعياً الى «الهدوء والروية والحكمة».
ومن على شاشة الـ«إل بي سي»، أطلق الجميل، مساءً، «مبادرة» تستند في عنوانها إلى ضرورة «الالتقاء مع موقف بكركي»، ما يحتّم «الاجتماع تحت سقفها»، مقترحاً التوقف أمام ثوابتها، بدءاً من بيان مجلس المطارنة، عام 2006، الذي «اعتبر أن ما يحصل في وسط بيروت لا يطمئن»، ومروراً بالنداء السابع لمجلس المطارنة، في 6 أيلول 2006، الذي «ينتقد تفرّد جماعة ما بالقرار الوطني، كقرار الحرب والسلم»، وصولاً الى بيان المطارنة بتاريخ 5 نيسان 2007 الذي «يشدّد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية الفرعية، والانتخابات الرئاسية، بصرف النظر عن موضوع النصاب». و«كي لا تبقى بيانات بكركي وثوابتها حبراً على ورق»، رأى الجميل أن مبادرته الداعية لضرورة الاجتماع تحت سقف بكركي من شأنها «تطرية الأجواء وتبديد الغيوم»، وذلك من أجل «التفاهم على هذه الثوابت، ومن ضمنها القضايا الانتخابية»، بما يؤسّس لـ«مرحلة جديدة يتمّ التوافق عليها». وبمجرّد «الالتقاء حول ثوابت بكركي»، أعلن الجميل استعداده المطلق لـ«الالتزام» بأي قرار يصدره البطريرك صفير، مستبعداً عدم ترحيب عون بمبادرته.
وفي شأن «الورقة» التي تسلّمها من المطران بولس مطر، والتي «لم تكن مذيّلة بأي توقيع»، أكّد الجميل أنها «ليست من صياغة البطريرك صفير»، لأن مضمونها «يتنكّر للحكومة الحالية»، في مقابل إشارته الى أن مطر أبلغه بأنها «لا تحمل أفكار البطريرك»، وأن صفير «كتبها»، معتبراً أنها بمثابة «اقتراحات أُمليت عليه».
وفي مضمون الورقة، لفت الجميل الى أنها تتضمّن ثلاثة بنود: «الأول يتعلّق باعتبار الحكومة غير شرعية. والثاني يشدّد على ضرورة الاعتراف بالتقاليد والأعراف في شأن الانتخابات الفرعية، بما يعني أن تتمّ التسوية على اسمي... وهذا البند مرفق بالدعوة الى ضرورة تأجيل الانتخابات، لكون الحكومة غير شرعية». وفي هذا الصدد، لم يذكر مضمون البند الثالث.
وتساءل النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» إبراهيم كنعان في اتصال مع «الأخبار»: «كيف يمكن لمن يضع نفسه في تصرف غبطة البطريرك أن يرفض مبادرته ويتقدم بمبادرة بديلة»، مؤكداً أن «التيار الوطني الحر» ملتزم مبادرة صفير «حتى النهاية». ورأى أن «كلام الجميل معيب ويعد استخفافاً بسيد بكركي الذي يعلم الجميع دقته، ولا يمكن أحداً أن يصدق أنه يكتب بخط يده مبادرة لا يتبنّاها، ويرسلها الى المعنيين من دون أن يوافق عليها».
وكانت الانتخابات الفرعية مدار بحث في اتصالين أجراهما الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى مع الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة. وقالت مصادر قريبة من بري إن موسى سأله عن الأجواء السائدة، فأبلغه أنه لا يمكن البحث في أي شيء يتصل بالمبادرة العربية أو غيرها في انتظار انتهاء الانتخابات، وطلب منه أن يبقى جاهزاً لتلقي دعوة منه للعودة الى بيروت فور بروز معطيات إيجابية تشجع على متابعة جهود المبادرة العربية.
ونقل زوار بري عنه قوله أمس إنه إذا استمر الوضع القائم في المنطقة على ما هو عليه مع ما يرافقه من تعقيد إقليمي ودولي فإن المفروض على اللبنانيين أن يحسموا أمرهم والعمل على تجاوز قطوع الاستحقاق الرئاسي بتوافق من أجل نقل البلاد الى مرحلة جديدة. وكرر أنه قبل شهر على بدء المهلة الدستورية للاستحقاق الرئاسي سيبدأ تحركاً في شأنه، وأكد أنه مؤمن بأن «لا مناص من الهجوم على الاستحقاق الرئاسي متسلحاً بوطنية النواب وبوعي اللبنانيين لخطورة المرحلة، حتى يتم اقتحامه بتوافق وبنصاب الثلثين لانتخاب الرئيس الجديد بإجماع أكبر عدد ممكن من النواب بما يعطيه حرية حركة في مطلع عهده للانطلاق في مسيرة وطنية واحدة».
ولفتت أمس زيارة وداعية قام بها السفير الفرنسي برنار إيمييه الى بعبدا للمرة الأولى منذ إقرار القرار 1559 قبل نحو ثلاثة أعوام، للقاء رئيس الجمهورية إميل لحود الذذي كرر الدعوة الى تأليف حكومة وحدة وطنية وأنه لن يسلم الرئاسة إلا الى «أيادٍ أمينة».
وقالت مصادر مطلعة إن اللقاء بين لحود وإيمييه «كان مفيداً» وإنه عُقد بناءً على طلب الاخير لمناسبة انتهاء عمله في لبنان وتمت تلبيته سريعاً. وعرض إيمييه خلال اللقاء وجهة نظر فرنسا من التطورات اللبنانية الجارية من الوضع الامني الى انتخابات رئاسة الجمهورية الى دور الجيش اللبناني والوضع في مخيم نهر البارد الى بقية المواضيع المطروحة. وكذلك شرح للحود مبادرة الوزير برنار كوشنير ونتائج زيارته الاخيرة لبيروت.
وفي المقابل شرح لحود لإيمييه مواقفه من مجمل هذه التطورات، وشدد على العلاقة التاريخية التي تربط بين لبنان وفرنسا على رغم ما كان للرئيس جاك شيراك من مواقف.
الشرع
من جهة أخرى، أكد نائب الرئيس السوري فاروق الشرع أن «القيادة السورية لا تفكر إطلاقاً بعودة قواتها المسلحة الى لبنان، وهي حريصة على تمتين الروابط الأخوية مع لبنان كدولة، ومع اللبنانيين كافة كإخوة وأشقاء»، مشدداً على «قيام علاقة سورية ـــــ لبنانية سليمة ومستفيدة من تجارب الماضي بإيجابياته وسلبياته»، بحسب بيان وزعه الوزير السابق بشارة مرهج ورئيس تجمع اللجان والروابط الشعبية معن بشور اللذان التقيا الشرع في دمشق.
وفي واشنطن، أفاد مراسل «الأخبار» محمد سعيد أن الرئيس الأميركي جورج بوش ابلغ الكونغرس أنه طلب من حكومته بناءً على المرسوم الذي أصدره في 29 حزيران الماضي، والذي يقضي بالتعامل مع «التهديدات التي تواجهها الحكومة اللبنانية برئاسة السنيورة»، تجميد أموال «الأشخاص المؤيّدين لسوريا الذين يمكن أن يشكلوا تهديداً لاستقرار لبنان ويستهدفوا إعادة التدخل والهيمنة السورية في لبنان والعمل على تقويض سيادة لبنان وتهديد استقراره السياسي والاقتصادي».
وكان البيت الأبيض قد أصدر قائمة بأسماء الشخصيات السورية واللبنانية التي يحظر دخولها إلى الولايات المتحدة ضمت عدداً من الوزراء والنواب اللبنانيين السابقين ومسؤولين سوريين كباراً.