في مشهد يعكس جدلية الحرب والسلام التي تظلّل العلاقة بين تل أبيب ودمشق منذ عدوان تموز، رُصدت أمس نقطة تقاطع في التقارير الإسرائيلية بين الحديث عن «رسالة إيجابية» يحملها وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس من الرئيس السوري بشار الأسد إلى المسؤولين الإسرائيليين، وبين الحديث عن قاعدتين بحريتين تعتزم سوريا السماح للأسطول الروسي ببنائهما على شواطئها في طرطوس واللاذقية، في خطوة اعتبرها مراقبون إسرائيليون «تغييراً لقواعد اللعبة في حوض المتوسط» (التفاصيل).وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن رئيس الدبلوماسية الإسبانية، الذي كان قد اجتمع مع الأسد الأسبوع الماضي، طلب لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، لنقل «رسالة إيجابية» إليه حول رغبة دمشق بالتقدم في عملية السلام. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن هذه المصادر قولها إن موراتينوس بحث مع الأسد في إمكان استئناف التفاوض مع إسرائيل وإنه سمع منه «عروضاً مثيرة» حول عملية السلام. إلا أن الوزير الإسباني رفض الكشف عن تفاصيل «الرسالة الخاصة» التي يحملها، واكتفى بإبلاغ المسؤولين الإسرائيليين، بموازاة تقدمه بطلب رسمي لزيارة تل أبيب، بأن الأسد معنيّ بالتقدم في العملية السلمية وأنه «مدرك للمشاكل والمصاعب التي كانت في الماضي، وأنه معني في التغلب عليها».
في هذا الوقت، أثارت الأنباء التي تتحدث عن نية روسيا تشييد قاعدتين بحريتين لأسطولها على الشواطئ السورية الخشية في أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لجهة الانعكاسات الاستراتيجية التي يمكن أن تترتب على ذلك إقليمياً.
ورأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الخطوة تشكّل مرحلة أخرى في «التطلعات الإمبريالية» للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ورأت أن رفع العلم الروسي على الأرض السورية هو أمر «ذو أهمية استراتيجية من الدرجة الأولى» ويشكل تحدياً روسياً لواشنطن واحتجاجاً على سيطرة أسطولها السادس على البحر المتوسط.
أما بالنسبة لإسرائيل، فإن الخطوة الروسية تعدّ تغييراً في قواعد اللعبة في البحر المتوسط بشكل خاص، وحيال الشواطئ اللبنانية ـــ السورية بشكل خاص، إذ بالإضافة إلى النشاطات التجسسية التي يمكن أن تمارسها القطع البحرية الروسية على إسرائيل، لم تستبعد «يديعوت» أن ينعكس الأمر أيضاً على مستوى حرية عمل سلاح البحرية الإسرائيلي «في استهداف أي منشآت على الشواطئ (اللبنانية ـــ السورية) خلال الحرب».
وخلصت الصحيفة إلى أنه سيتعين على إسرائيل، في كل الأحوال، أن تأخذ الوجود الروسي بالحسبان، في أي عملية عسكرية محتملة ضد سوريا في المستقبل، وهو وجود «لن يكون بالضرورة حيادياً، إذ من المعقول جداً الافتراض بأن روسيا ستتخذ جانباً ما، على الأقل سياسياً، في مثل هذه المواجهة».