السنيورة يقنع رايس برفض تعديل المادة 49 وخوجة يقترح الاتفاق على اسم الرئيس قبل حكومة الوحدة
بين كلام النائب ميشال المر عن تسارع الاتصالات والتحركات لـ«التوافق» في موضوع الرئاسة، ومواقف الأكثرية التي رأت أن الطرح الداعي إلى رئيس توافقي «شرط تعجيزي»، وأنه «إذا تعذرت الانتخابات، فإننا ذاهبون إلى انتخابات على أساس النصف زائداً واحداً (...) والخروج برئيس يمثل قوى 14 آذار»، برزت بوادر موقف أميركي يعارض أي تعديل دستوري يتيح وصول قائد الجيش العماد ميشال سليمان إلى سدة الرئاسة.
فقد علمت «الأخبار» من مصادر دبلوماسية، واسعة الاطلاع، أن تحوّلاً مهماً طرأ على موقف واشنطن من الاستحقاق الرئاسي ينتظر الكشف عنه في الأيام المقبلة، هو إعلان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس معارضتها تعديلاً دستورياً للمادة 49 يسبق انتخابات رئاسة الجمهورية، في إشارة إلى استبعاد العماد سليمان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة من الوصول إلى الرئاسة. وبحسب معلومات دبلوماسية، مصدرها واشنطن، فإن هذا الموقف يبدو موجهاً ضد قائد الجيش في ضوء تصاعد الخلاف بينه وبين فريق 14 آذار. وظهرت ملامح هذا التحوّل في التحرك الأخير للسفير الأميركي جيفري فيلتمان على مسؤولين وقادة، للحؤول دون أي بحث يرفع القيود الدستورية من طريق انتخاب موظفي الفئة الأولى لرئاسة الجيش وخصوصاً العماد سليمان.
إلا أن اللافت في الأمر أن السفير الأميركي أجرى في الفترة الأخيرة أكثر من لقاء مع قائد الجيش، وخصوصاً بعد أحداث مخيم نهر البارد، وخاض معه في ملفات سياسية بالغة الدقة والحساسية على نحو أبرز اهتمام الإدارة الأميركية بجوانب محددة في طريقة تفكير سليمان ومواقفه من هذه الملفات والخيارات المتاحة، فضلاً عن الدور الذي اضطلع به الجيش في مواجهة «فتح الإسلام». وقد أحرزت أحاديثهما، بحسب مطلعين على جوانب منها، «تقدّماً في البحث السياسي».
ووفق المعلومات الدبلوماسية، فإن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اضطلع بدور في حمل رايس على تعديل موقفها ومناوأة أي تعديل للمادة 49 من الدستور يتيح انتخاب قائد الجيش للمنصب. وذكرت المعلومات نفسها أن رايس أخذت بوجهة النظر هذه في إطار مقاربتها لرفض تعديل الدستور على أنه موقف مبدئي لجهة عدم انتهاك أحكامه على نحو موقف إدارتها من تعديل الدستور لتمديد ولاية الرئيس إميل لحود في أيلول 2004.
الاتصالات
وفيما جال المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسن على رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائبين ميشال عون ووليد جنبلاط للبحث في الاستحقاق الرئاسي، زار السفير السعودي عبد العزيز خوجة عين التينة ووصف أجواء اللقاء بأنها «إيجابية»، و«أن للبحث صلة». وعلمت «الأخبار» أن السفير السعودي يطرح اقتراحاً يقضي بالاتفاق على اسم الرئيس العتيد من دون إعلانه، على أن يلي ذلك تأليف حكومة وحدة وطنية تشرف على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.
وكان خوجة قد زار فرنسا التي شهدت لقاءات مكثفة لافتة لرئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، في فندق «لو باري موناكو»، مع نائب رئيس المجلس فريد مكاري ونواب من «الأكثرية» للبحث في الاستحقاق الرئاسي.
في غضون ذلك، أوحى النائب ميشال المر، بعد زيارته أمس البطريرك الماروني نصر الله صفير، بتسارع الاتصالات والتحركات لـ«التوافق» في موضوع رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى وجود دخان أبيض، «لكنه لم يبدأ بالتصاعد». وأكد أن بري «سيكون قريباً في الديمان وعنده أفكار توافقية»، مستبشراً بأن هذه الزيارة والمساعي والاتصالات «وتوجهات صاحب الغبطة في اتجاه الوصول إلى حلول توافقية»، ستساعد في الوصول إلى صيغة الخروج من الأزمة. وأكد عدم البحث حالياً في مرحلة انتقالية، بل أن تكون «رئاسة كاملة لمدة ست سنوات»، مؤكداً أن صفير «ليس عنده مرشح يزكّيه، وهو على مسافة واحدة من الجميع».
ونقل زوار بري عنه، أمس، أنه سيلتقي صفير بعدما يجري اتصالاته ومشاوراته عبر مختلف الأقنية المعلنة وغير المعلنة، بحيث يجوجل نتائجها، ويعرضها معه حتى يكون اللقاء منتجاً. وكرر بري التشديد على لبنانية الاستحقاق الرئاسي، من دون إسقاط العوامل الخارجية من الحساب، بحيث يتم التعاطي مع الدول على النحو الذي يوفر النجاح للقرار اللبناني.
وقال بري إن «نصاب الثلثين لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية بات في حكم المحسوم، وهذا ما يعطي جرعة تفاؤل ويصبح أمر التوافق على الموضوع الرئاسي مسلّمة لا بد منها ما دام فريقا الموالاة والمعارضة يعلنان أنهما لا يحبذان حصول فراع في سدة الرئاسة الأولى».
وقالت مصادر قريبة من بري إن حركته «مفتوحة على الجميع في الداخل والخارج، حيث يتم التواصل معه من خلال السفراء الذين يتسابقون على طلب اللقاء به، لاستطلاع أجواء تحركه وأهدافه».
وكشفت المصادر أن بري شرح للسفير الأميركي، الذي سيغادر خلال أيام إلى واشنطن، وجهة نظره حول سبل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، مشدداً على أن المدخل إلى ذلك «يكمن في تأليف حكومة وحدة وطنية، وطلب منه نقلها إلى الإدارة الأميركية، وإذا كانت لديها وجهة نظر أخرى حول سبل إنقاذ لبنان من الأزمة التي يعيشها، فلتطرحها».
عون
من جهته، رأى العماد ميشال عون في حديث تلفزيوني إلى محطة «إل . بي. سي» «أن الدعم الأميركي المفرط لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة جعلته لا يقوم بأي جهد لتسوية الأوضاع في لبنان». وأشار إلى «أن الأميركيين يرفضون الحلول ولا يقدمون أي مساعدة للحل»، مطالباً الولايات المتحدة «بأن توضح ما تريده منا»، رافضاً تقديم المصالح الحيوية الأميركية التي لا ينكرها أحد على مصالح لبنان ومستقبله ومصيره، مشدداً على أن «الوحدة الوطنية بالنسبة إليّ هي أهم من رئاسة الجمهورية».
وتمنى عون لبري التوفيق في المبادرة التي سيقوم بها، وقال إن «قضية رئاسة الجمهورية ليست قضية شخص، وإنما هي قضية برنامج وطاقة الشخص على تنفيذ هذا البرنامج». وأكد أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون له دور في صياغة الحل وضمانه. ونفى وجود فتور في العلاقة بينه وبين السعودية، وقال «إن هناك أناساً يضعون العراقيل حتى لا تحصل مصالحة»، وللحؤول دون زيارته السعودية.
كرامي
وفي تطور جديد في المواقف من الاستحقاق الرئاسي، قال الرئيس عمر كرامي إثر لقاء عقده مع الرئيس سليم الحص في طرابلس، أمس، «إن من يسمّون الأكثرية لا يزالون يركبون رأسهم»، وأشار إلى أن «هذا الوضع لا يجعلنا نستبشر كثيراً بأننا قادرون على حل الأمور داخلياً»، لافتا إلى أن الرئيس إميل لحود «مؤتمن على الدستور، وكان واضحاً بأنه لن يسلم مقاليد الرئاسة لهذه الحكومة». ورأى أن «هناك مخارج كثيرة، وفي النتيجة هو قادر على إجراء استشارات نيابية، وهذه لا تحتاج إلى نصاب، وإذا سمّت الأكثرية النيابية الرئيس لحود رئيساً للوزراء، فهذا ممكن»، وحذر من «أننا إذا وصلنا إلى نهاية الاستحقاق، أي إلى 24 تشرين الثاني، ولم يحصل انتخاب للرئيس، فلا شك أننا ذاهبون إلى حكومتين وربما إلى رئيسين».