سحب مطلب المعارضة بحكومة الوحدة شرط التوافق على الرئيس وحذّر من «شرّ مستطير» في الأيام العشرة الأخيرة
رمى الرئيس نبيه بري كرة الاستحقاق الرئاسي في ملعب «14 آذار»، مقيماً الحجة على هذا الفريق بإعلانه سحب مطلب المعارضة بحكومة الوحدة الوطنية من التداول، شرط إقرار انتخابات الرئاسة «على أساس التوافق وبالثلثين»، معلناً مبادرته «اللبنانية الصرفة» المنتظرة، وقوامها: فور التوافق على مبدأ التوافق والثلثين، يتعهد إطلاق تشاور وحوار مع بكركي وقادة الحوار الوطني للاتفاق على اسم الرئيس العتيد، ثم إنهاء الاعتصام «ووأد الفتنة وإبعاد الشر المستطير الذي يتربص في الأيام العشرة الأخيرة»، معتبراً أن ما يقترحه ليس فيه غلبة لفريق على آخر، وأن «من يتنازل يتنازل للبنان».
وقالت مصادر قيادية في المعارضة إن ما طرحه رئيس المجلس «كان محل تشاور مكثف خلال الأيام الماضية بين قادة المعارضة على مستويات رفيعة، وإن تفاهمات جرت على عدم الانجرار الى أي نوع من الخطوات التي قد تمنح الطرف الآخر ذرائع لاستقدام مزيد من الدعم الخارجي، أو تدفعه إلى العمل على تجييش طائفي ومذهبي». وأكدت أن المعارضة «غير مستعجلة على أي نوع من الخطوات ذات البعد الانقسامي، ولن تلجأ الى أي خطوة دستورية أو سياسية أو شعبية إلّا متى لجأت الأكثرية الى خطوات من النوع الذي يقود البلاد الى الدمار».
وقرأت هذه المصادر في موقف بري «تشجيعاً للتحرك الفرنسي الذي فيه الكثير من التقاطعات مع الموقفين السعودي والإيراني»، معربةً عن خشيتها من إمكان أن «تنسف الولايات المتحدة المبادرة إذا ما وجدت أنها غير مستعدة لاتخاذ قرار في شأن التسوية في لبنان ما دامت عمليات المقايضة لم تبدأ بعد في العراق وفلسطين».
وفي المقابل، رفض أحد أقطاب الموالاة في اتصال مع «الأخبار» التعليق على المبادرة، مشيراً الى أن «اتصالات حثيثة» تجري بين أركان هذا الفريق تمهيداً لتحضير ردّ قد تتبلور معالمه اليوم.
مبادرة بري جاءت في احتفال خطابي حاشد أقامته حركة «أمل» لمناسبة الذكرى 29 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، في مرجة رأس العين في مدينة بعلبك، وتوجّه فيه الى الأكثرية، بالقول: «أنتم تقولون إن قراركم لبناني، وأنا أعترف بأنني عملت وما زلت على مساعدة عربية ودولية وآخرها المبادرة الفرنسية المشكورة، وقبلها الكثير مع السعودية ومع الجامعة العربية، إن ما أطرحه الآن هو مبادرة لبنانية صرفة. يا من تدّعون العصمة داخل الدار، إلّا إذا أردتم أن تأخذوا وطنكم الى حيث الفتنة والدمار، نحن لا نتراجع لكم، نتراجع لأجل احتضانكم، فنحن للوطن لنثبت ما ندّعيه، إلا إذا كان القصد التحكّم، لا المشاركة لا سمح الله، وإنني أجزم أننا خلال المهلة الدستورية سنصل الى توافق حول شخصية ورئيس البلاد، وبالتالي لن ندفع بلدنا نحو المجهول، ولا سيما أننا في القضايا الوطنية وبناء الاستقرار العام يجب أن لا يكون هناك فرق بين موالاة ومعارضة»، مؤكداً أن «انتخاب رئيس توافقي صنع في لبنان في المواعيد الدستورية وآليات الدستور بأكثرية الثلثين يمثّل فرصة لإخراج لبنان من المأزق الراهن».
وأكد بري أن «السلطة» تنكّرت «لمسؤوليتها» في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وتنكّرت الحكومة لمسؤوليتها عن نتائجه العملية حتى المتعلقة بإزالة آثاره الدموية والمدمرة، وكذلك عن نتائج تسفيه الانتصار الذي حقّقته المقاومة التي «لولاها لما كان لبنان على خارطة العالم». وسأل «حكومة الأشباح، بعدما كانت حكومة مقاومة» عن «التأخير والتلكؤ في إزالة آثار الحرب»، وعن «السلاح للجيش اللبناني»، وعمن أوصله «الى هذا الامتحان» و«لماذا لم يعد أحد يتحدث عن الحقيقة والعدالة في قضية الرئيس رفيق الحريري». وأكد عمق التحالف مع «حزب الله».

باريس

وفي باريس، أعلنت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية باسكال أندرياني أن الموفد الفرنسي جان كلود كوسران بحث أمس في واشنطن مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد وولش ومسؤولين أميركيين في الملف اللبناني. وأشارت الى أن كوسران التقى، قبل سفره، النائب سعد الحريري في إمارة موناكو. وأوضحت أندرياني، أن الموفد الفرنسي سيواصل اتصالاته مع أطراف أخرى إقليمية، وأن تحرك باريس في الأيام المقبلة مرتبط بنتائج هذه الاتصالات.
وفيما تحدثت مصادر عن تباين في وجهات النظر بين واشنطن وباريس حول «الخطوات المقبلة» قبل الاستحقاق الرئاسي، وصفت الناطقة الفرنسية الموقف الأميركي بأنه «إيجابي»، وأن «الأميركيين يقوّمون بإيجابية عالية ما يقوم به السفير كوسران». لكنها أقرت رداً على سؤال عن التمايز بين موقفي البلدين، بأن «هناك موقفاً أميركياً من جهة، كما أن هناك موقفاًُ فرنسياً من جهة أخرى. وثمّة فارق بين ما يفعله الفرنسيون وما يقوم به الأميركيون». إلا أنها استطردت قائلة: «لكننا جميعاً نتمنى عودة الاستقرار» إلى لبنان. وكررت تمسك فرنسا بـ«إجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية في موعدها وبحسب القواعد الدستورية». كما جدّدت موقف بلادها من دمشق، بالقول «إن على سوريا أن تعمل ما بوسعها للمساهمة في استقرار لبنان».