تمر على لبنان اليوم الذكرى السنوية الأولى للحرب الإسرائيلية الشاملة على لبنان. 33 يوماً من الحرب التدميرية لم توفر شيئاً، من دون أن تحقق نتيجة، فيما لم تتأثر عملية أسر الجنديين الإسرائيليين بهذه الحرب الوحشية التي لا تزال آثارها السياسية ماثلة في الحياة السياسة اللبنانية.في غضون ذلك، يتوجه إلى باريس، في اليومين المقبلين، ممثلو قوى المعارضة والموالاة والمجتمع المدني للمشاركة في لقاء سان كلو الحواري الذي عادت أسهمه إلى الارتفاع، وربما جاء الإشكال الذي أثاره موقف الرئاسة الفرنسية من «حزب الله» وتصرفات السفير الفرنسي في بيروت برنار إيمييه ليخدما الفريق الذي يقف خلف اللقاء.
إلا أن الجهود من خلف الستار كانت تجري في مكان آخر، ولا سيما مع الزيارة اللافتة للسفير المفوض فوق العادة جان كلود كوسران لإيران، التي لم تقتصر على محادثات محددة بجدول أعمال غير معلن، بل شملت جهوداً من كوسران لاحتواء ردود الفعل على مواقف الرئاسة الفرنسية وتصرفات إيمييه.
وذكرت مصادر مطلعة في باريس أن «جواً من التفاؤل يعمّ حلقات مقربة من الملف اللبناني»، مشيرة إلى «انفتاح النائب سعد الحريري على المبادرة في الأيام الأخيرة وابتعاده عن نبرة التحدي». ومن هنا لم تستبعد المصادر أن «تكون هناك مبادرة من ساركوزي تجاه سعد الحريري» مثل إعلان استقباله في الإليزيه في الأيام المقبلة بشكل يوازي استقبال أطراف المعارضة.
وأوضحت مصادر فرنسية أنه عندما تقرر سفر كوسران إلى طهران، كانت كل «الأضواء خضراء» لإنجاح المبادرة، وخصوصاً بعد الإيجابية التي أبدتها المعارضة في بيروت عبر «رفع مستوى التمثيل»، وخصوصاً لدى موفدي «حزب الله»، وبعدما أزيلت كل «أشكال الممانعة الظاهرة» من جانب فريق «الأكثرية» بعد «الاستقبال الرئاسي» الذي حظي به رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في باريس. كما أن قضية إثارة جمعيات يهودية لقضية الأسرى الإسرائيليين، كانت قد «طوقت» مسبقاً، بحسب مصادر مقربة من وزارة الخارجية. أما ما لم يكن وارداً فهو أن يخرج السفير إيمييه، وهو في مرحلة توديع منصبه، بمواقف يمكن أن تثير عقبات في وجه لقاء سان كلو وتعقّد مهمة السفير أندريه باران الذي يستعد لتسلم السفارة في بيروت مطلع أيلول، وهذا ما ضاعف عمل كوسران في طهران، إذ عمل على الهاتف «ساعات» لـ«تنفيس الاحتقان الذي كاد أن ينسف اللقاء»، وذلك إلى جانب «مهمته الأصلية». فقد التقى وزير الخارجية منوشهر متكي ومسؤولين في مكتب المرشد آية الله علي خامنئي، ما دفع مراقبين إلى التساؤل عن سبب الزيارة، وخصوصاً أنها تأتي بعد أقل من عشرة أيام من زيارته الأولى لطهران، وإذا ما كان سيزور عواصم أخرى كما حصل في جولته الأولى.
ويقول مصدر مطلع إن زيارة كوسران غير مرتبطة بتسهيل حوار سان كلو، وخصوصاً أنها تقررت بعد موافقة كل الأطراف على الحضور، مشيراً إلى أن «المهمة الأصلية» للموفد الفرنسي هي البحث مع المسؤولين الإيرانيين في «مرحلة ما بعد لقاء سان كلو» عبر «طرح مجموعة من الأفكار المستقبلية». ويوضح أن كوسران يضع اللمسات الأخيرة على «كانفا تؤطر الحوار» الذي أكدت مصادر وزارة الخارجية أن الوزير برنار كوشنير «سيقود الحوار بنفسه، استناداً إلى نقاط معينة». وأكدت مصادر موثوقة في باريس لـ«الأخبار» أن «لجنة متابعة» ستنبثق من اللقاء للبحث في نقطتين: الرئاسة وحكومة الوحدة الوطنية.
في هذه الأثناء، أعطى «حزب الله» موافقته على المشاركة في حوار سان كلو إثر تراجع الرئاسة الفرنسية عن وصفه بأنه «تنظيم إرهابي»، وذلك من خلال بيان عن الإليزيه وبعد اتصالات تبين أن العماد ميشال عون كان اللاعب الأبرز في ترتيبها.
وقالت مصادر قريبة من عون إنه تمكن في اتصالاته من «تصحيح ما كان يمكن أن يكون كارثة»، مؤكداً تضامنه مع «حزب الله» قوةً سياسية لبنانية أساسية لا يمكن تجاهلها في أي حوار. وأخذ على الفرنسيين تعرضهم للحزب بما يتناقض مع الحرص الذي يبدونه على نجاح المؤتمر، لافتاً إياهم إلى أن عدم مشاركة الحزب في المؤتمر يعني أنه لن يعقد أصلاً.
وقال مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي إن الحزب عاد عن قراره بعدم حضور المؤتمر، «وبعدما أزال الجانب الفرنسي العوائق التي تحول دون هذه المشاركة فإن الموقف يبقى على ما كان عليه لناحية المشاركة والتعاون الإيجابي».