الـ«ميتسوبيشي» جاءت من الإمارات إلى طرابلس والانتحاري لم يعش في لبنان و«بنك المدينة» ليس دافعاً رئيسيّاً
جدّد المحقق الدولي القاضي سيرج براميرتس في تقريره الى مجلس الأمن الدولي، أمس، تأكيده أن عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري نفّذها انتحاري قال إنه ليس أحمد أبو عدس، مضيفاً إن الدوافع قد تكون خليطاً من العوامل السياسية والطائفية. وأشار في تقرير اللجنة الثامن الذي قدّمه الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى «ان تدهور الأوضاع السياسية والأمنية سيضرّ، على الأرجح، بعمل لجنة التحقيق في الاشهر المقبلة». وأشار الى أن «لجنة التحقيق اتخذت عدة تدابير ضرورية لتسهيل رفع القضية الى المحكمة الدولية عندما تصبح عملانية».
وعن سير التحقيقات في عملية اغتيال الحريري أكد التقرير أن المتفجرات التي استخدمت في العملية «مؤلفة من مزيج من الـRDX والـPETN و الـTNT». وأكدت اللجنة استنتاجاتها السابقة بأن «انفجاراً واحداً نتج عن شحنة ناسفة وضعت فوق الأرض تزن حوالى 1800 كيلوغرام من المتفجرات». وأضاف أن وجود أشلاء تعود لذكر مجهول في مسرح الجريمة يؤكد «استنتاجات اللجنة السابقة بأن التفجير على الأرجح نفذه انتحاري»، واستثنت «بشكل كبير نظرية حدوث هجوم من الجو».
وعن هوية المفجر الانتحاري أوضح التقرير أنه ذكر في سن 20ــ 25 عاماً وأن شعره أسود قصير وينحدر من منطقة أكثر جفافاً من لبنان، وأنه لم يمض شبابه في لبنان ولكنه عاش هناك خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر التي سبقت وفاته. وأضاف ان هذا الشخص أمضى السنوات العشر الأولى من حياته في منطقة حضرية والسنوات العشر الأخيرة في منطقة ريفية. واعتبرت اللجنة أن النتائج التي توصلت إليها «تعزز استنتاجاتها السابقة بأن التفجير قد تم الأرجح من داخل شاحنة الميتسوبيشي»، مشيرة الى ان السيارة التي سرقت في اليابان نقلت الى دولة الامارات العربية المتحدة ومنها الى طرابلس في الشمال، من دون أن تشير الى طريقة وصولها الى لبنان، وما إذا كان ذلك تم براً أم بحراً. وأفاد التقرير ان اللجنة حصلت أخيراً على معلومات في شأن بيع هذه السيارة إلى أفراد ربما كانوا متورطين في التحضيرات النهائية لاستهداف الحريري، وأن «مسار التحقيق في هذا الخصوص تجري متابعته بشكلٍ مناسب على اعتبار أنه أولوية».
وجددت اللجنة تأكيد استنتاجاتها السابقة بأن أحمد أبو عدس الذي ظهر في شريط الفيديو الذي تضمّن إعلان المسؤولية عن اغتيال الحريري «ليس المفجر الانتحاري». وأشارت الى وجود احتمالين: أن يكون أبو عدس خدع للظهور في شريط الفيديو ثم قتل بعد ذلك، أو أن يكون سجل الشريط بإرادته مع آخرين ينتمون الى مجموعة متشددة أوسع تجمعت للقيام بتصوير شريط إعلان المسؤولية وامتلاك شاحنة الميتسوبيشي وتجهيزها بالمتفجرات. وأضافت اللجنة ان «بعض زملاء أبو عدس لهم ارتباطات بشبكات متورطة في نشاطات متشددة في لبنان وأماكن أخرى خلال السنوات الأخيرة».
الدوافع
ووصلت اللجنة إلى «فهم مرضٍ للأحداث التي أحاطت بفضيحة بنك المدينة والتي كانت على صلة بالتحقيق. واللجنة تستطيع القول إن موضوع بنك المدينة لم يكن الدافع الأساسي لهذا الاغتيال». كما ان اللجنة «ضيقت بشكل كبير تحقيقاتها على الدوافع المحتملة المرتبطة بأنشطة الحريري السياسية وعلى العلاقات الشخصية والسياسية بين رفيق الحريري وقادة ومسؤولين سياسيين في لبنان وسوريا وفي دول أخرى». وزادت «أنه بينما لا تزال بعض الأحداث التي أحاطت باعتماد القرار 1559 بحاجة إلى مزيد من التحقيق فإن فرضية عمل اللجنة هي أن هذه الأحداث لعبت على الأغلب دوراً مهماً في تهيئة المناخ الذي ظهرت فيه عملية اغتيال الحريري». لكن اللجنة «استمرت باستكشاف نظريات بديلة أخرى. وهذا يشمل احتمال أن الحريري استهدفته، على سبيل المثال، عناصر متطرفة لأنه كان يُعتبر على مستوى واسع في لبنان وفي العالم العربي عنصراً قيادياً في طائفته».
ولاحظت اللجنة أن «الجهود المشتركة المتخذة ساعدت في تحديد عدد من الأشخاص ذوي الأهمية الخاصة الذين يمكن أن يكون لديهم تورّط في بعض المراحل في التحضير وتنفيذ الهجوم على رفيق الحريري أو في القضايا الأخرى التي يجري التحقيق بها أو ربما كانت لديهم معرفة مسبقة بأن هناك خططاً لتنفيذ هذه الهجمات تم إعدادها». كذلك «لاحظت أن سوريا ودولاً أخرى استمرت في الأغلب بتقديم إجابات إيجابية لطلبات المساعدة التي وُجّهت إليها. ويبقى التعاون من كل الدول ذا أهمية خاصة حتى يتسنى للجنة تنفيذ ولايتها في التوقيت المطلوب. ولذلك فإن اللجنة تطلب من كل الدول الاستمرار بالاستجابة بشكل كامل لطلبات اللجنة».
نهر البارد
من جهة ثانية عنفت الاشتباكات في مخيم نهر البارد بين الجيش ومسلحي «فتح الإسلام» على نحو لم تشهده منذ اندلاعها في 20 أيار الماضي. وشاع أن الجيش بدأ يعد العدة لحسم المعركة عبر تضييق الخناق على المسلحين. وأدّت المواجهات الى استشهاد 6 عسكريين بينهم ضابط برتبة نقيب أصيب برصاص القنص، فيما استشهد اثنان من العسكريين بعد وقوعهما في كمين نصبه لهما المسلحون على تخوم المخيّم القديم، إضافة الى استشهاد مدني برصاصة قنص على الطريق الدولية المحاذية للمخيم. وعمل الجيش لاحقاً على تفجير أبنية في محيط المخيم ليحول دون استعمال المسلحين لها في أعمال القنص، وسط محاولات تقدم لفوج المغاوير باتجاه المخيم القديم، لإحكام الطوق على المسلحين الذين أطلقوا عدداً من قذائف الهاون التي وقعت في خراج بلدات الريحانية وبحنين والمحمرة. وعلمت «الأخبار» أن أربعة من مسلحي «فتح الإسلام» قتلوا على المدخل الشمالي للمخيم القديم.
في هذه الأثناء استمرت الجهود لتأمين إخراج نحو 50 مدنياً ما يزالون داخل المخيم، إضافة الى المساعي التي تبذلها «رابطة علماء فلسطين» لإخراج عوائل مسلحي «فتح الإسلام»، حسب ما أشار الى ذلك عضو الرابطة الشيخ محمد الحاج الذي لفت الى أن «الجيش اللبناني تجاوب مع هذا المطلب، وأبدى استعداده لإعطاء كل التسهيلات اللازمة لذلك».
وأفاد مراسل «الأخبار» في الشمال نزيه الصديق أن الجيش اللبناني أكد أن «العمليات العسكرية الجارية حالياً في مخيم نهر البارد لا تزال في إطار تضييق الخناق على مسلحي تنظيم فتح الإسلام لإجبارهم على الاستسلام والرضوخ للعدالة»، لا باعتبارها «معركة حاسمة للقضاء عليهم».
وفيما كانت الاشتباكات تدور على محاور المخيم كان القصف المدفعي يتواصل بمعدل 15 قذيفة في الدقيقة، وساهمت الزوارق الحربية التابعة للجيش في دك تحصينات المسلحين في مواقع محددة إلى الجهة الجنوبية للواجهة البحرية للمخيم القديم.