واشنطن ــ محمد سعيد
نجح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على ما يبدو، في إثبات جدارته بأن يكون «شريكاً» لرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، الذي أهدى له «بندقية» حركة «فتح» ووعده بتصفية المقاومة، فاستحق مكافأة من الرئيس الأميركي جورج بوش نفسه، الذي خرج أمس في البيت الأبيض ليعلن عن مؤتمر دولي للسلام هذا العام، استثنى منه الدول التي لا تقيم علاقة مع إسرائيل، ويدعو إلى آخر للدول المانحة يستهدف إغداق الدعم المالي على أبو مازن. (التفاصيل).
وقال بوش، في خطاب أعاد فيه التأكيد على رؤيته لحل الدولتين، «في وسع العالم القيام بالمزيد من اجل ايجاد الظروف المناسبة للسلام، وبالتالي فإنني ادعو الى عقد لقاء دولي في الخريف لتحريك عملية السلام»، مشيراً إلى أن «المشاركين الرئيسيين سيكونون الاسرائيليين والفلسطينيين وجيرانهم في المنطقة» على أن ترأسه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس.
وأضاف بوش أن «المؤتمر المقصود يجب أن يؤكد على حل الدولتين ونبذ العنف الفلسطيني والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود»، موضحاً أن «المؤتمر يجب أن يؤكد ايضاً على دعم الإصلاح وتقديم دعم سياسي للسلطة الفلسطينية وإسرائيل بما يعبّد الطريق لإقامة دولة فلسطينية، وأن يظهر دعماً قوياً لمحمود عباس ومناهضة حماس».
ودعا بوش كل الدول العربية التي لا تقيم علاقات مع إسرائيل إلى «وضع حد لوهم عدم وجود إسرائيل». وقال «ينبغي لهذه الدول إرسال وفود وزارية إلى إسرائيل»، على غرار ما قام به الرئيس المصري الراحل أنور السادات والملك الأردني الراحل حسين.
ودعا بوش الدول العربية إلى «وقف التحريض في مناهجها التعليمية والحملات الإعلامية على إسرائيل»، معتبراً أن دعم إيران وسوريا لـ«حماس» «يسحق خيار الدولة الفلسطينية».
وكال بوش الاتهامات لحركة «حماس»، التي وصفها بأنها «منظمة إرهابية»، فيما امتدح بشدة حكومة سلام فياض. وقال إن «الولايات المتحدة، بعد إجراء مشاورات مع اللجنة الرباعية، اتخذت إجراءات جادة تجاه السلطة الفلسطينية، حيث تم تعزيز التزامها المالي برفع القيود التي كانت مفروضة على تقديم المساعدات المالية والاقتصادية المباشرة للحكومة الفلسطينية».
وأعلن بوش أن الولايات المتحدة ستقدّم هذا العام نحو 190 مليون دولار مساعدات مالية واقتصادية للضفة الغربية وغزة، كذلك تعمل على جمع نحو 220 مليون دولار لمساعدة الاقتصاد الفلسطيني. وأضاف أن «الولايات المتحدة، طبقاً لخطة المنسق الأميركي الخاص لقوات أمن السلطة الفلسطينية (كيث دايتون)، ستعمل على تعزيز هذه القوات وبناء مؤسسات فلسطينية».
وقال بوش موجهاً كلامه إلى «حماس»: «عليكم أن تتوقفوا عن جعل غزة ملاذاً آمناً لشن هجمات على اسرائيل. عليكم أن تقبلوا بالحكومة الفلسطينية الشرعية»، داعياً إلى «نزع سلاح الميليشيات والاعتراف بوجود اسرائيل والسماح للمساعدات الدولية بالدخول إلى غزة».
ودعا بوش السلطة الفلسطينية وحكومتها إلى محاربة «الإرهاب» عبر تفكيك «المنظمات الإرهابية» ومصادرة الأسلحة ووقف العمل ضد إسرائيل. كذلك دعا أولمرت إلى الاستمرار في تحويل أموال الضرائب الفلسطينية إلى حكومة عباس وإنهاء الاستيطان في الضفة الغربية بحيث «تنخفض البصمة الإسرائيلية من دون تقليص مستوى الأمن» وتحسين الظروف الإنسانية للفلسطينيين، متعهداً أن تدافع بلاده «إلى الأبد» عن أمن إسرائيل «دولة يهودية ووطناً للشعب اليهودي».
ولقيت دعوة بوش ترحيباً من إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فيما رفضتها «حماس».
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، «نرحب بدعوة الرئيس بوش إلى عقد مؤتمر دولي للسلام ونطالب بتطبيق خطة خريطة الطريق ومبادرة السلام العربية وتطبيق مبدأ الارض مقابل السلام»، معتبراً أن «هذا هو الطريق الوحيد للأمن والاستقرار في المنطقة». وأضاف «نطالب بأن يكون الهدف الرئيسي للمؤتمر اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وذلك خلال فترة زمنية يحددها المؤتمر».
بدورها، رأت المتحدثة باسم رئاسة الحكومة الإسرائيلية ماري آيزين، أن المؤتمر «قد يكون مظلة ممتازة لدعم المعتدلين الفلسطينيين وإعطاء دفعة حقيقية للمحادثات الثنائية»، في إشارة إلى لقاء عباس وأولمرت في القدس المحتلة أمس. وقالت إن على السعودية والدول العربية الأخرى التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل المشاركة في المؤتمر.
أما المتحدث باسم «حماس»، إسماعيل رضوان، فرأى من جهته دعوة الرئيس الاميركي «خدمة للعدو الصهيوني». وقال «ندين هذا التدخل الاميركي في الشأن الفلسطيني الداخلي الذي يهدف الى ترسيخ الانقسام والخلاف على الساحة الفلسطينية».
وجاء خطاب بوش في وقت حذّرت فيه تقارير استخبارية أميركية من المبالغة في قدرة الرئيس الفلسطيني على تحقيق الهدف الذي تسعى إليه الولايات المتحدة. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن التقارير إشارتها إلى أنه «ليس من السهل تهميش حركة حماس». وترى مصادر الاستخبارات الأميركية أن الاستراتيجية الحالية للبيت الأبيض، المعروفة باسم «الضفة الغربية أولاً»، قد تحمل أكبر المخاطر السياسية وتعدّ تخلياً عن السياسة الأميركية التي كانت متبعة في التعامل مع السلطة الفلسطينية منذ إقامتها في عام 1994.