بدا واضحاً أمس أن إسرائيل لن ترضى للعرب بدور في التسوية النهائية مع الفلسطينيين، ولا تريد من مبادرتهم السلمية إلا الجانب التطبيعي فيها، خشية من تدخلات تحول دون استفرادها بأصحاب القضية، وخاصة أن بعضاً من قادتهم ارتضوا لأنفسهم صفة «المعتدلين» وباتوا مستعدين حتى لتصفية رفاق البندقية.على الأقل، هذا ما ظهر من خلال الزيارة التي قام بها وزيرا خارجية مصر أحمد أبو الغيط والأردني عبد الإله الخطيب لإسرائيل، وما رافقها من تصريحات وما خرجت به من نتائج، يبدو أنها كانت وراء الزيارة الخاطفة والمفاجئة لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إلى القاهرة، حيث التقى الرئيس المصري حسني مبارك (التفاصيل).
فرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت حرص، قبيل وصول الوفد العربي إلى القدس المحتلة، على تأكيد عزمه على البدء بعملية سياسية مع الفلسطينيين «ولن ننتظر الجامعة العربية، فإسرائيل هي التي تقود وهي التي تبادر»، مشيراً إلى ترحيبه بمساعدة دول عربية «مثل السعودية والإمارات».
عزم كشفت صحيفة «هآرتس» عن بعض ملامحه، عندما أشارت إلى أن أولمرت ينوي إجراء مفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في «المسائل التي يكون من السهل نسبياً التوصّل إلى اتفاق بشأنها». وأوضحت أنه ينوي أن يعرض على الفلسطينيين انسحاباً من «90 في المئة من أراضي الضفة الغربية باتجاه جدار الفصل كي تحافظ إسرائيل على يهوديتها، إضافة إلى إجراء عملية تبادل أراضٍ مقابل إبقاء المناطق التي توجد عليها الكتل الاستيطانية الكبرى تحت سيادة إسرائيل».
وبحسب الاقتراح، فإنه «سيتم ربط الضفة بالقطاع من خلال نفق لمنع الاحتكاك بين الإسرائيليين والفلسطينيين والحفاظ على الأمن، وفي المقابل ستطالب إسرائيل الفلسطينيين بتعويضها بأراضٍ في مقابل موافقتها على حفر النفق». وفي ما يتعلق بالقدس المحتلة، فإن إسرائيل «ترى أنه سيتم إيجاد طريقة ما ليعرض من خلالها الفلسطينيون أجزاء من القدس الشرقية على أنها عاصمة لدولتهم، على ألا تشمل أجزاء المدينة التاريخية مع الإبقاء على البلدة القديمة ومحيطها تحت السيادة الإسرائيلية».
أما الهدف التطبيعي لإسرائيل من المبادرة العربية، فظهر بأبهى صوره عندما أشار أولمرت، خلال لقائه مع أبو الغيط والخطيب، إلى أنه «يرغب بزيارة وزراء عرب آخرين من دول عربية أخرى في المرة المقبلة لمناقشة المبادرة نفسها»، من دون أن يعلن أي موقف واضح منها، مكتفياً بالإعراب عن رغبته في إسماع «وجهة النظر الإسرائيلية».
وكان زعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الأوضح بين المسؤولين الإسرائيلين الذين التقاهم الوفد العربي في التعبير عن الموقف الفعلي لقادة الدولة العربية، عندما أعلن رفضه الصريح للمبادرة العربية، عارضاً التطبيع الاقتصادي كـ«رافعة سلام».
وفي محاولة للتغطية على إخفاق الزيارة، قال أبو الغيط: «استمعنا إلى الكثير من التعقيبات الإيجابية التي نستشعر منها نية لدى إسرائيل لعمل جاد لإتاحة الفرصة للفلسطينيين للوصول إلى إقامة دولتهم».