تنعقد قمة الثماني اليوم في ألمانيا، في ظل حال من التوتر يطبع العلاقات الأميركية ـــ الروسية، بلغ مرحلة جديدة من التصعيد، أمس، مع حملة من الانتقادات وجّهها الرئيس جورج بوش إلى عهد الرئيس فلاديمير بوتين، الذي «أخرج الإصلاحات عن مسارها». ويتوقع أن يلقي هذا التوتر، الذي أحيا أجواء الحرب الباردة، بظلاله على أعمال القمة، التي تشكل الفرصة الأولى للمواجهة المباشرة بين الزعيمين، منذ بدء الخلافات حول الدرع الصاروخية الأميركية التي تنوي واشنطن نشرها في شرق أوروبا.
وقال بوش، أمس، خلال مؤتمر صحافي في براغ، «في روسيا، أخرجت الإصلاحات التي كانت تسمح بإعطاء السلطة للشعب، عن مسارها مع نتائج مقلقة على صعيد التطور الديموقراطي». وأضاف أن «الحرب الباردة انتهت»، ومخطط الولايات المتحدة لتوسيع نطاق الدرع الصاروخية في أوروبا هو «إجراء دفاعي محض لا يستهدف روسيا»، التي شدد على أنها «ليست عدوّتنا».
وكرر بوش القول إن هذه الدرع ستحمي حلفاء الولايات المتحدة من التهديد البالستي الذي تشكله دول «مارقة». وأضاف أن «رسالته» إلى بوتين ستكون «يجب ألا تخشوا الدرع المضادة للصواريخ، لمَ لا تتعاونون في ظل منظومة دفاعية مضادة للصواريخ ولمَ لا تشاركون فيها؟». وتابع «أرسلوا إلينا جنرالاتكم لكي يروا كيف يعمل مثل هذا النظام وأرسلوا إلينا علماءكم».
وأقرّ بوش بوجود «خلافات قوية» مع بوتين بدءاً بمسألة الحريات. ووجّه الانتقادات نفسها إلى الصين، التي قال إن مسؤوليها «يعتقدون أن في إمكانهم المضيّ في فتح اقتصاد بلادهم من دون فتح نظامهم السياسي أيضاً، نحن غير موافقين على ذلك».
كما قال الرئيس الأميركي إن واشنطن ستواصل ضغوطها على كل من مصر والسعودية وباكستان كي تفتح أنظمتها السياسية وتعطي صوتاً أكبر لشعوبها. وأضاف «نقف بحزم وراء شعوب لبنان وأفغانستان والعراق في دفاعهم عن مكتسباتهم الديموقراطية في مواجهة الأعداء المتطرفين. هذه الشعوب قدمت تضحيات هائلة للحرية. هم يستحقون إعجاب العالم الحر، تماماً كما يستحقون دعمنا الذي لا يتزعزع». وتابع ان البعض يخشى من أن الديموقراطية قد «تجلب قوى خطيرة إلى السلطة مثل حماس في الأراضي الفلسطينية. الانتخابات لن تنتهي دائماً بالطريقة التي نأملها».
وسارعت موسكو إلى إعلان رفضها لتصريحات بوش. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف «لا يمكننا أن نوافق على تصريحه بخصوص خروج الإصلاحات الديموقراطية عن مسارها». وأضاف ان «روسيا دولة ديموقراطية تعتمد القيم الأوروبية والعالمية المشتركة نفسها» في هذا المجال.
كما جدّدت الصين انتقاد المشروع الأميركي للدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية جيانغ يو إن «الصين تعتبر أن الدفاع المضاد للصواريخ له تأثير على التوازن الاستراتيجي والاستقرار». وأضافت ان «هذا لا يساهم في تعزيز الثقة المتبادلة بين الدول الكبرى في الأمن الإقليمي، كما إنه قد يثير مشكلات جديدة متعلقة بانتشار الأسلحة النووية».
وتبدأ الدول الصناعية الكبرى اليوم في منتجع هايليغندام على شاطئ البلطيق، وسط أجواء أمنية مشدّدة وتظاهرات شعبية حاشدة في معظم المدن الكبرى في شمال ألمانيا.
وبلغت أجواء التوتر والخوف حدّها الأقصى بسبب انطلاق شائعات وتقارير أمنية متضاربة ومتناقضة حول استعدادات يبذلها المتظاهرون المناهضون للعولمة، هدفها إغلاق الطريق الموصل بين المطار ومكان انعقاد القمة.
وأشارت وسائل الإعلام الألمانية إلى وحدة الموقف الأمني داخل التجمّع الحاكم، حيث يطالب أقطاب الحزب الاشتراكي الديموقراطي بضرورة استخدام الشرطة للرصاص «المطاطي والمخدّر» لقمع المتظاهرين، بينما يرى أقطاب الحزب المسيحي الديموقراطي بأن الحلّ الوحيد المتوفّر لتأمين سلامة القادة هو «الفرقة التاسعة»، التي تعتبر أقوى فريق أمني يتمتع بتدريب عالي المستوى وتسليح متطور بهدف غاية واحدة: «تفريق التظاهرات وقمع أعمال الشغب».
(الأخبار، أ ف ب، أ ب، يو بي آي)