strong>دعم فرنسي وإيراني وسوري لتغيير الحكومة ومفاوضات نهر البارد مستمرّة والإرهاب يضرب كسروان
انتقل مسلسل التفجيرات أمس إلى منطقة الزوق في كسروان حيث فُجّرت عبوة كبيرة أوقعت قتيلاً وعدداً من الجرحى، إضافة إلى خسائر مادية كبيرة. فأضيف توتّر جديد لما هو مستمرّ في مواجهات نهر البارد، من دون أن يكبح ذلك جماح الاتصالات السياسية بشأن تغيير حكومي قريب، وفق مبادرة تعمل عليها السعودية وإيران وفرنسا. ويتجه فريق 14 آذار الى عقد اجتماع قريب على مستوى القادة الرئيسيين للتداول في الموقف النهائي من المبادرة.
وقالت مصادر متابعة للاتصالات السياسية إن المشاورات تحظى بدعم من سوريا التي لا تمانع التوصل الى اتفاق على تغيير حكومي. وأضافت ان موقف فرنسا يدعم بوضوح مخرج الحكومة الجديدة، وإن القيادة السعودية تتحدث بطريقة مختلفة عن السابق، وتشير الى أنها تمارس ما يناسب من ضغوط على الفريق الأقرب إليها في 14 آذار، وإن الرياض تضمن موقف النائب سعد الحريري كما الرئيس فؤاد السنيورة الذي قيل إنه «للمرّة الأولى يظهر تمايزاً عن الآخرين ويقترب بقوة من الطرح السعودي». ولفتت المصادر إلى أنّ النائب وليد جنبلاط لن يواجه هذا الضغط وأنّ المشكلة قد تنحصر أخيراً في موقف «القوات اللبنانية» التي تخشى «تقلّصاً في الحضور والنفوذ داخل السلطة».
ومع أنه لم يطرأ أي جديد استثنائي بعد، فقد ظلّ الرئيس نبيه بري محور القسم الأكبر من الاتصالات. وقد أبلغ الوسطاء أنّه لن يعيد تكرار تجربة الحوار المفتوح من دون ضمانات حاسمة، وأن المعارضة تنتظر إعلاناً واضحاً وصريحاً من جانب فريق 14 آذار قبل الشروع في أي إجراء تفصيلي. وكرر عدم ممانعة المعارضة توسيع الحكومة الحالية أو تغييرها بالكامل، وأن ليس لدى المعارضة أي تحفظ على مشاركة أي فريق من 14 آذار.
ولفتت المصادر الى أن السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة يتحدث براحة أكبر في هذه الفترة ويكرر أمام من يتصل بهم أن قيادته أكثر اقتناعاً هذه المرة بضرورة التغيير الحكومي وأنه يجد آذاناً صاغية عند جميع قادة «المستقبل». ولا يتوقف خوجة عن تكرار دعوته وتمنياته على الرئيس بري كما على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون أن يقبلوا بفكرة الاجتماعات المباشرة في أسرع وقت ممكن. وهو يشير أيضاً الى أن الولايات المتحدة الاميركية في أجواء تفصيلية للمشاورات الجارية.
جنبلاط وجعجع
وشنّ قائد «القوات» الدكتور سمير جعجع هجوماً عنيفاً على المبادرة، معتبراً أن الوقت ليس لتغيير الحكومة بل لتغيير رئاسي ولتثبيت سلطة الدولة الأمنية، ورأى أن طرح المعارضة للحكومة سيؤدي الى الشلل وخراب ما بقي في لبنان، مشترطاً أن يكون أي تعديل للحكومة مسبوقاً بتفاهم على الأمور الخلافية، وبوصول رئيس جمهورية جديد بسياسة واستراتيجية غير معطلتين. واتهم فريق المعارضة باعتماد القرصنة الدستورية.
من جانبه، بادر جنبلاط الى إطلاق موقفين يحملان شيئاً من التناقض. فقد أعلن بدايةً أنه لم يسمع بأي مبادرات وأن همّه الأول هو صمود الجيش وتسليحه، والثاني هو إرسال مراقبين دوليين الى الحدود اللبنانية ــــــ السورية. لكنّه عاد وصرح بعد زيارة مسائية لقريطم ولقائه النائب الحريري بأنّه «يأخذ القرار دائماً من خلال هذا البيت الكبير، القرار المشترك الجماعي. ومن الأفضل أن ننتظر أقرب فرصة كي نجتمع في هذا البيت ونرى الظروف ونتخذ القرار الملائم وفق الظروف الملائمة». وأرفق كلامه هذا بالقول «قريباً سنملي عليهم إجماع الوفاق، أي إخراج السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وترسيم الحدود».
نهر البارد
في هذه الأثناء، حافظت الاشتباكات في مخيّم نهر البارد على الوتيرة نفسها التي شهدتها في الأيام الثلاثة الماضية. وعلم أن قيادة الجيش طلبت إبقاء كل ما يتعلق بالمفاوضات والوساطات سرياً بما في ذلك أسلوب التفاوض والطروحات التي تضمّنتها، ما دفع الاطراف المفاوضة الى إطلاق عدد من «القنابل الدخانية» لتغطية واقع الأمور وتفاصيل الحوارات. إلا أن الاتصالات الاولى أتت إيجابية وأعلمت بها القيادة العسكرية في الشمال فوراً، علماً بأن موعد الاتصال التفاوضي التالي وتفاصيله بقيت قيد الكتمان.
وينقل من تمكن من الدخول الى المخيم واللقاء بعدد من الشخصيات هناك واقعاً حياتياً صعباً، إضافة الى حجم كبير من الدمار الذي لفّ المخيم من مدخله الجنوبي الى مدخله الشمالي، وانتشار عدد من الجثث في شوارع المخيم، لا يتمكّن أحد من رفعها، كما تنتشر روائح لجثث من منازل مدمرة في المكان.
ورأى المتحدث باسم «فتح الإسلام» شاهين شاهين في مبادرة الداعية فتحي يكن «إيجابيات لم تظهر سابقاً، رغم أنها لم تصلنا بسبب عدم قدرة المكلفين إبلاغنا بها على الدخول إلى المخيم». وهدّد بـ«نقل المعركة الى أبعد بكثير مما يريده السنيورة، الذي يملك أجهزة أمنية معروفة بعمالتها تعرف قدراتنا وهي تخفي ذلك عن الجيش من أجل توريطه».
وأبلغ يكن «الأخبار» أن ثلاثة موفدين من الجبهة قصدوا مخيم نهر البارد، أمس، غداة إعلانه عن مبادرة تتركز على إقناع عناصر «فتح الإسلام» من اللبنانيين بتسليم أنفسهم بعد الحصول على ضمانات بإجراء محاكمات عادلة لهم. وأقرّ يكن بصعوبة المهمة نظراً إلى الوضع المربك داخل المخيم وحالة الغموض التي تحيط بـ«فتح الإسلام» وما يتردّد عن «اختفاء» شاكر العبسي أو إصابته.