مواجهات البارد تتواصل وفيلتمان يذكي تصريحات الجميّل... وكوسران يعرض آلية حوار من 4 بنود
وسط كلام غير محدّد عن تعزيزات خاصة للجيش اللبناني توحي بعمل عسكري كبير في مخيم نهر البارد، تواصلت أمس الاشتباكات موقعة المزيد من الشهداء في صفوف الجيش والمدنيين. وبدا التراجع الإضافي في قدرات المسلّحين متلازماً مع تراجع المبادرات السياسية لحلّ سريع.
واصطدمت المبادرات الحوارية التي قدّمتها السعودية وفرنسا برفض لافت من فريق 14 آذار، ما رفع من منسوب الحذر عند قوى المعارضة. فأعرب رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن تشاؤمه من الأوضاع، وقال إنّ الأمور سيّئة وسيّئة للغاية. وعُلم أنّ السفير السعودي عبد العزيز خوجة يعمل لدى فريقي السلطة والمعارضة على تسويق مشروع حل للوضع الحكومي يفضي إلى إقامة حكومة وحدة وطنية على أساس 19 + 11، وقد طلب من بعض المعنيّين إمهاله ثلاثة أيّام لإنجاز اتصالاته ومشاوراته.
برّي: الأجواء الصعبة
وعبّر بري لـ«الأخبار» أمس عن صورة سلبية للحوار الداخلي. وكان قد تلقّى مساءً مكالمة هاتفية من الموفد الدولي المكلف متابعة تنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن، سأله فيها الأخير وهو على أهبة الدخول إلى جلسة مجلس الأمن عن الوضع اللبناني، فقال له بري: «إنّه سيّئ للغاية. سيّئ. وسيّئ على كلّ المستويات». وأوضح لرود لارسن خلال المكالمة أن إقرار المحكمة الدولية في مجلس الأمن جعل من المجلس مرجعية وأحلّه محلّ المؤسسات الدستورية اللبنانية، وبات يقرّ ما يدخل في صلب مسؤوليات البرلمان اللبناني، وهذا أمر خطير في ذاته لأنّه ينطوي على تدخّل مباشر في الوضع اللبناني». وبدا رود لارسن مهتمّاً بالاطّلاع على الوضع الداخلي، فلفته رئيس المجلس إلى أنّ الأبواب موصدة أمام الحوار الداخلي.
وقال بري لـ«الأخبار»: «الأجواء مكفهرّة تماماً. لا يريدون حواراً ولا حكومة جديدة. لا يريدون إلا الاستئثار بالسلطة. يقدّمون العروض ويتراجعون عنها. لنصلِّ من أجل أن يعودوا إلى الحوار، ومن أجل أن يتفقوا على موقف واحد من الحوار والمبادرة الفرنسية. بينهم مَن لا يريد المبادرة الفرنسية، ومَن لا علم له بها، وبينهم مَن يؤيّدها. وهناك كذلك مَن يريد الحوار وحكومة الوحدة الوطنية، ومَن لا يريدهما، ومَن لا يعرف ماذا يريد منهما».
وأضاف رئيس المجلس: «من البداية قلنا إن المشكلة لم تكن في المحكمة الدولية، بل في الاستئثار بالسلطة. وها هم يؤكدون ذلك. أخذوا المحكمة ولا يريدون حكومة وحدة وطنية. كنا نعتقد في البداية أن هدفهم الوصول الى المحكمة، لكن تبيّن لنا أن الأمر غير ذلك».
آلية الموفد الفرنسي
إلى ذلك، واصل الموفد الفرنسي الخاص جان كلود كوسران جولته على القادة اللبنانيين والتقى امس شخصيات من فريقي الموالاة والمعارضة، وتأخّر اجتماعه مع الرئيس فؤاد السنيورة مرّة جديدة بحجّة أنّ الأخير يريد أن يحضره عدد كبير من الوزراء، وهو ما زاد من الأسئلة عمّا إن كان سلوك السنيورة يعكس الموقف اللامبالي من جانب فريق الموالاة للمحاولة الفرنسية.
وعلمت «الأخبار» أنّ الموفد الفرنسي طرح على محدّثيه اللبنانيّين الآلية التي تقترحها فرنسا للحوار اللبناني كالآتي:
ـــــ تلتئم طاولة الحوار بعد ظهر 29 حزيران وتستمر يومين ونصف يوم، حتى الأول من تموز في قصر سان كلو.
ـــــ يشارك فيها ممثلون عن الأعضاء الـ14 الذين اجتمعوا حول طاولتي الحوار الوطني (2 آذار 2006) والتشاور (11 تشرين الثاني 2006). لكن رئيس المجلس لفته إلى أن عدد المشاركين هو 15 نظراً إلى وجود ممثلين للأرمن يتناوبان على الجلوس إلى الطاولة. أما ممثلو المجتمع المدني، تبعاً للاقتراح الفرنسي، فسيكونون ما بين 10 إلى 12 مشاركاً.
ـــــ جدول الأعمال المطروح بند وحيد، هو سبل حماية النظام اللبناني ومناقشة الوضع الداخلي.
ـــــ لن يكون الممثّلون الـ15 في حاجة إلى تفويض من زعماء الكتل التي يمثّلونها، لأنّهم غير مدعوّين إلى اتخاذ قرارات حاسمة وحساسة. وبذلك، فإنّ المقصود من الجلوس إلى طاولة الحوار إعادة وصل ما انقطع بين الأفرقاء اللبنانيين منذ تشرين الثاني 2006 عندما التأموا آخر مرّة حول طاولة التشاور.
وعلم أنّ برّي أثار مع كوسران ضرورة أن تشمل اللقاءات والدعوات للقاء باريس أقطاباً من المعارضة من خارج المجلس النبابي. وأبلغه أنّ شخصيات مثل الرئيس عمر كرامي والنائبين السابقين سليمان فرنجية وطلال ارسلان يمثّلون حيثية سياسية وشعبية، وأنّ قانون الانتخاب غير العادل الذي جرت الانتخابات على أساسه حال دون وصولهم إلى الندوة البرلمانية، بالاضافة الى أنّ لهم دورهم القيادي الجدّي في الواقع السياسي اللبناني الآن. وأكّد كوسران اهتمامه بهذا الجانب، ولم يعلم ما إذا كان قد طلب مواعيد لمقابلة هؤلاء.
البارد
أمّا على صعيد المبادرات في ما يخصّ أحداث نهر البارد، فكانت «رابطة علماء فلسطين» لا تزال مستمرّة في جهودها. وقال الشيخ محمد الحاج لـ«الأخبار» إن «الوفد قدّم مقترحات لمن التقاه من مسؤولي حركة «فتح الإسلام» أثناء الزيارة الأخيرة للمخيم أول من أمس، وإننا في انتظار الردّ على هذه المقترحات من أجل نقلها إلى قيادة الجيش اللبناني». وأشار إلى أنّ «الحركة لمست وجود إيجابيات كثيرة في المبادرة». ولفت إلى أنه لمس من مسؤولي الحركة الجدد وقادتها الذين التقاهم، وآخرهم شاهين شاهين الذي «يبدو أنه مكلّف رسمياً من القيادة الجديدة في الحركة التفاوض معنا»، أن «الحركة لم تكن ترغب في الاشتباك مع الجيش اللبناني الذي تورّط معنا في حرب لا تخدم أياً منا». وأضاف أن القيادة الجديدة في الحركة أبدت مرونة ملحوظة في التعامل مع المبادرة، وهذا ما يجعلنا نتفاءل بالتوصل إلى حل قريب. غير أن هذا التفاؤل بدّدته جهات سياسية متابعة لجهود الوساطات والمبادرات القائمة على الخطّين اللبناني والفلسطيني، عندما أشارت إلى أن «المعضلة الحقيقية موجودة في الجانب اللبناني، وأن حلها يستدعي جهوداً حثيثة لإخراجها من عنق الزجاجة». وتشير هذه الجهات إلى أن «الحكومة والجيش ينتظر كل منهما الآخر كي يتخذ هذا القرار الصعب، الذي يبدو أنه يزداد صعوبة مع كل يوم يمر، نظراً إلى ما يرافقه من سقوط شهداء وجرحى في صفوف الجيش أو المدنيين».