بدا أمس أن هناك في لبنان من يقود محاولات عملية لتوريط الجيش في مزيد من المواجهات الدامية التي لا تؤدي إلى شيء، فيما كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يتهم المقاومة بالتسلح الإضافي ويضع مسألة تهريب السلاح من سوريا في مقدمة اهتماماته.وإذا كانت مواجهة مسلحي «فتح ــــــ الإسلام» مبررة لناحية الجرائم التي ارتكبها هؤلاء بحق العسكريين والمدنيين، فإن الجريمة التي وقعت أمس قرب مخيم البداوي أعادت الى الواجهة النقاش في ما إن كان هناك من يخطط لتوريط الجيش اللبناني في مواجهة مع كل مخيمات لبنان. كلام حرص أركان فريق 14 آذار على الدعوة إليه من باب إنهاء السلاح الفلسطيني خارج المخيمات.
وبينما استمرت الاشتباكات في مخيم نهر البارد، شهد مخيم البداوي الشمالي مواجهة دموية بين عناصر من الجيش ومتظاهرين، أدّت الى سقوط 3 قتلى وأكثر من 40 جريحاً. وقال شهود عيان إن التظاهرة انطلقت عقب صلاة الجمعة، وعندما اقتربت من الطريق الدولي، طلب عناصر الجيش من المتظاهرين عدم التقدم، وأطلقوا النار في الهواء، فتوقف المتظاهرون وافترشوا الطريق، لكن فجأة بدأ الرصاص ينهمر عليهم.
وقالت النّاشطة الإيرلندية، كويفا باترلي، التي كانت تسير في مقدمة التظاهرة، إنّ «المسيرة كانت سلمية تماماً، ولم يبدر منها أيّ استفزاز، وشارك فيها نساء وشباب بشكل حضاري جدّاً»، مضيفة أنّه «عندما طلب منا الجيش التوقف، جلسنا على الأرض، وكنّا نبعد عن عناصره نحو 200 متر على الأقل، قبل أن يطلقوا النار في اتجاهنا».
أما الجيش فقد اتهم، من جهته، المتظاهرين بتجاهل تحذيراته المتمثلة بإطلاق النار في الهواء. وقال بيان لمديرية التوجيه «إن قوى الجيش عملت جاهدة لإنهاء هذا التحرك سلمياً، لكنها لم تلاق أي تجاوب من جانب المحتجين الذين حاولوا اجتياز الحواجز العسكرية من دون الامتثال للإنذارات المتكررة من جانب عناصر الجيش، كما لم يهابوا إطلاق النار التحذيري، بعدما مثّل اندفاع المتظاهرين المزوّدين بالعصيّ والآلات الحادة تهديداً أكيداً لسلامة تلك القوى».
وبينما اتهمت وسائل إعلامية متظاهرين بحمل السلاح، قال مصدر عسكري لبناني، لـ«الأخبار»، إن «أياً من المتظاهرين لم يحمل سلاحاً لكن بعضهم حمل العصي»، وإن «الجيش أطلق النار إلى الأرض لكن الرصاص ارتدّ وأصاب المتظاهرين».
أما قوى التحالف الفلسطينية فقد أصدرت بياناً استنكرت فيه «الجريمة ـــــ المجزرة التي ارتُكبت». وطالبت الحكومة اللبنانية بإجراء تحقيق عاجل ومحاسبة مطلقي النار، متهمةً «عناصر من الجيش بالتفرد في إطلاق النار خلافاً لقرار القيادة على خلفية انتمائهم السياسي».
لكن ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي قال إن «عناصر فوضوية قامت بتصعيد مفتعل في الشمال، وتسلّلت الى مسيرة سلمية، فأخرجوها من البداوي الى الشارع». واتهم «البعض في مخيم البداوي بمحاولة إشعار حثالة العبسي بأن لهم أنصاراً خارج نهر البارد». وأضاف «سنبقى نساعد الجيش ولن نكون خنجراً في ظهره، ويجب إعطاؤه الفرصة والوقت الكافيين لإنجاز مهمته».
وفي السياق، اتهمت قوى «14 آذار» «مجموعات في مخيم البداوي باستغلال معاناة بعض الاخوة الفلسطينيين وتحريضهم لجرّهم الى مواجهة مرفوضة مع الجيش اللبناني وإن ما حصل هو تنفيذ لمخطط سوري، باستغلال معاناة الفلسطينيين لتنفيذ مآرب ضرب الاستقرار وحماية القتلة وتحريض أبناء المخيمات الفلسطينية على أشقائهم اللبنانيين، وتخفيف الضغط عن العصابة المحاصرة في المخيم».
نهر البارد
وعلى صعيد المعارك في نهر البارد، دارت اشتباكات عنيفة منذ فجر أمس، استُعملت فيها مختلف أنواع الأسلحة، فيما استُشهد جنديان لبنانيان متأثرين بجروح أصيبا بها أول من أمس في المعارك.
وأعلنت «رابطة علماء فلسطين»، في بيان، تعليق مساعيها لوقف الاشتباكات بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الإسلام»، ما يشير الى انسداد أفق الحل السياسي نهائياً، لافتة إلى أن الجيش اللبناني حقّق إنجازاً عسكرياً «ينبغي التأسيس عليه لبلوغ حل يضمن عدم إطالة المعركة وينهي ظاهرة التنظيم».
صفير والموقوفون
على صعيد ملف التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، أبلغ المحقق العدلي الياس عيد «الأخبار» أنه أنجز ملاحظاته القانونية على طلب محامي 14 آذار تنحيته عن الملف. وأحال ملاحظاته الى القاضي سامي منصور الذي سينظر فيها مع غرفة المذاكرة لمحكمة الاستئناف لاتخاذ القرار خلال أيام قليلة.
وقال عيد إن طلب تنحيته كشف عن أنه عرضة لانتقادات جانبي المدّعين والمدعى عليهم ولكنه سيقوم بما يمليه عليه واجبه المهني وضميره الإنساني.
أما اللواء الموقوف جميل السيد فاتهم المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا بأنه برّر استمرار التوقيف باعتبارات سياسية في مناقشة قال السيد إنها جرت بين ميرزا والمحقق الدولي سيرج براميرتس.
في هذا الإطار، نقل عن البطريرك الماروني نصر الله صفير قوله إنه يجب عدم إقحام العناصر السياسية في هذا الملف، وهو ناقش الأمر أمس مع بعض زواره الأجانب الذين سألوه رأيه في الجدل القائم حول ما يجري، وقال صفير: «لقد طالت مدة توقيف الضباط الأربعة من دون اتهامهم أو تقديم أدلة بحقهم، وعلى القضاء بت الأمر، فإذا كانوا مدانين بأدلة فليعلن ذلك أو فليُطلق سراحهم».
السنيورة من أوروبا إلى القاهرة
إلى ذلك، اختتم الرئيس فؤاد السنيورة جولته الأوروبية، وتوجه مساء أمس الى القاهرة، في زيارة تستمر يومين، يلتقي خلالها الرئيس المصري حسنى مبارك ورئيس الوزراء أحمد نظيف والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
وعلمت «الأخبار» أن السفير السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة غادر أمس إلى جدة للتشاور مع القيادة السعودية في تطورات الوضع اللبناني، على أن يعود إلى بيروت الأسبوع المقبل.