المطارنة الموارنة يقتربون من 14 آذار رئاسياً وبري يخالف المعارضة ويقرر «السير خلف البطريرك»
المراوحة المحلية في انتظار تطوّرات الوضع الخارجي، دفعت فريقي المعارضة والموالاة الى خطوات سياسية من النوع الذي يثير التساؤلات. ففيما تتجه قوى 14 آذار، في اجتماع لقياداتها في قريطم اليوم، الى إطلاق ما تسمّيه «مبادرة إنقاذ» تلحظ ملفي المحكمة والحكومة، ظهرت ملامح التباس في موقف قوى المعارضة، تمثّل في مسألتين، أولاهما بروز توجه لعودة وزراء «أمل» و«حزب الله» المستقيلين الى تصريف الأعمال في وزاراتهم، من دون التراجع عن قرار الاستقالة ومقاطعة جلسات مجلس الوزراء، وثانيتهما إعلان الرئيس نبيه بري أنه «يسير خلف البطريرك الماروني نصر الله صفير في الملف الرئاسي»، ما يعني عدم السير في الإجماع شبه المعلن لقوى المعارضة بدعم ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
وجاء موقف رئيس المجلس، بينما كان مجلس المطارنة الموارنة يقترب أكثر من توجه قوى 14 آذار، بدعوته الى توفير نصاب الثلثين في جلسة انتخاب الرئيس، من دون الإشارة الى ضرورة التوافق المسبق.
وإذا كانت خطوة «14 آذار» في شأن الوضع الحكومي تبقى ناقصة سياسياً باعتبار أن الفريق نفسه يستند الى قرار دولي بإقرار المحكمة من دون الحاجة الى توافق لبناني، فإن خطوة المعارضة تفتقر الى قوة التبرير السياسي، لأنها تلحظ أموراً إدارية، وتستهدف «منع فريق السلطة من الإمساك بمفاصل الدولة الادارية في المرحلة الفاصلة عن الاستحقاق الرئاسي» كما قال مرجع قيادي في المعارضة أمس.
وقال مصدر وزاري لـ«الأخبار» إن الخطوة، في حال اتخاذها، ستكون مهمة للغاية، لأنها تعني استعادة المعارضة ست وزارات، إضافة الى وزارة الصناعة التي يتولاها بالوكالة وزير الصحة المستقيل محمد جواد خليفة. وأضاف إن الأمر سيتم «على شكل رسالة سياسية وإدارية، مع التشديد في الوقت نفسه على أن العائدين ليسوا موظفين عند الرئيس فؤاد السنيورة»، مشيراً الى أن العودة «تهدف أيضاً الى وقف التعيينات والمناقلات الادارية التي يجريها داخل هذه الوزارات فريق 14 آذار، والتي تستبعد موظفين من لون طائفي معيّن».
بكركي والرئاسة
من جهة أخرى، لاحظ مجلس المطارنة الموارنة «أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعد نهاية ولاية فخامة الرئيس الحالي، أصبح قيد التداول، وقضية النصاب المطلوب لانتخاب الرئيس، سواء كان ثلثي عدد أعضاء المجلس النيابي أو النصف زائداً واحداً، هي الآن موضوع نقاش»، ورأى المجلس بعد اجتماعه الشهري برئاسة البطريرك صفير «أن الرئيس المنتخب بأكبر عدد من الاصوات يجب أن يتوافر له من الهيبة والسلطة والمناعة ما يجعل منه حكماً بين جميع الافرقاء»، و«ان جوهر الجدل ان يصار الى انتخاب رئيس، بحسب نصوص الدستور، والقول بمقاطعة بعض النواب جلسة المجلس النيابي حتى يصير الاتفاق على اسم الرئيس المطلوب انتخابه لا يبدو في محله لأن هذا الموقف يعطل عملية الانتخاب بتهريب النصاب المطلوب، وعلى النواب المجتمعين في المجلس أن ينتخبوا مَن يرون فيه الكفاية وأن يقاطعوا داخل المجلس. إذذاك لا تكون المقاطعة للوطن بل للحزب أو لجماعة معينة».
... وبري
من جهته، قال بري، الذي أنهى صومه عن الكلام، إنه مقتنع بأن نصاب الانتخاب المفروض «هو في حضور الثلثين من النواب في الدورة الاولى، وفي الدورة الثانية، ففي الدورة الاولى إذا حقق المرشح ثلثي الاصوات يكون رئيساً، وفي الدورة الثانية النصاب يكون في حضور الثلثين والانتخاب بالنصف زائداً واحداً». ورأى أن حسم بكركي لموقفها المؤيّد لنصاب الثلثين «يفتح الطريق أمام التوافق»، مؤكداً أنه «سيمشي خلف البطريرك صفير في الموضوع الرئاسي»، و«أنه على تواصل معه لتنسيق الخطوات والتعاون مع القيادات والمرجعيات لاختيار رئيس توافقي تتوافر فيه شروط الحَكَم والوقوف على مسافة واحدة من الجميع».
واتهم بري الحكومة بارتكاب «مسلسل طويل من الممارسات الكيدية ودوس الدستور وتجاوز القوانين والإخلال بروح الميثاق». وقال: «ما داموا يقولون الآن إن المحكمة باتت وراءنا فما الذي يمنعهم من السير بحكومة الوحدة الوطنية وهم الذين سبق أن رددوا مراراً: أعطونا المحكمة وخذوا نصف الحكومة».
مبادرة «14 آذار»
وعلم أن قوى 14 آذار ستجتمع مساء اليوم على مستوى الصف الأول للبحث في ما تسمّيه «مبادرة سياسية للخروج من المأزق القائم في البلاد». وأوضح أحد أقطابها لـ«الأخبار» أن هذه القوى ستطلق مبادرتها من أجل إيجاد صيغة «لإنقاذ الاستحاق الرئاسي» بعدما «نجحت في إنقاذ الحكومة والمحكمة، الأولى بتأمين استمرارها، والثانية بوضعها على جدول أعمال الأمم المتحدة».
وفي المعلومات أن المبادرة تعطي الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية في ظل الوضع الراهن لأنه «المخرج الوحيد لإعادة تكوين السلطة من جديد واستعادة خطوط التواصل المقطوعة بين المؤسسات»، كما تولي الموقف الذي عبّر عنه مجلس المطارنة أمس اهمية خاصة لأنه «يشجع على العمل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وعلى إيجاد صيغة لتحييد لبنان عن صراعات المحاور القائمة في المنطقة، من دون أن يشكل ذلك ابتعاداً عن التزامه القضايا العربية المحقة على أكثر من مستوى، لكن ذلك يقف عند حدود وقف كل أشكال التدخل في الشأن اللبناني الداخلي».
تحرك لأجل التعويضات
الى ذلك، تواصلت امس حملة المعارضة بالأرقام والمواقف السياسية على الرئيس فؤاد السنيورة، في ضوء ما أعلنه اخيراً من أرقام مشفوعة بمواقف سياسية حول التعويضات على المتضررين من العدوان الاسرائيلي الصيف الماضي. وفي هذا السياق يلتقي نواب الجنوب من كتلي «التحرير والتنمية» و«الوفاء للمقاومة» بعد ظهر اليوم في مجلس النواب، وتردد أن النائبة بهية الحريري قد تحضر الاجتماع الذي سيبحث في موضوع التعويضات المقررة للمتضررين من العدوان الاسرائيلي في قضايا تعني البلديات وحاجاتها الضرورية وسبل تعزيز التعاون في ما بينها.
وقال نائب معني لـ«الأخبار» إن الاجتماع «سيقر برنامج تحرك يتضمّن اجتماعات سياسية وأهلية وبلدية في الجنوب وزيارات الى سفارتي السعودية والكويت للاحتجاج على عدم وصول المساعدات التي قررتها دولتاهما الى المتضررين، والاتصال بمؤسسات دولية قررت مساعدات في هذا المجال، والاستعداد لتحرك شعبي واسع إذا واصل السنيورة عرقلة الأمر»، فيما يتناول المجلس الشيعي الأعلى في جلسته اليوم الملف من زاوية انتقاد سلوك الحكومة في هذا المجال الى جانب ملف التعيينات في الادارة العامة والتحذير من «عزل طائفة» من خلال هذه الخطوات.