strong>الحريـري بعـد لقـاء سـاركوزي: أطلـب إقــرار المحكمـة الدوليـة تحـت الفصـل السـابع
شهد يوم أمس تطورين بارزين، تمثل الأول في تقديم مصادر بارزة في المعارضة تبريراً إضافياً لقرار عودة الوزراء المستقيلين الى تصريف الأعمال بأن له سياقه السياسي العام، والثاني بإعلان النائب سعد الحريري من باريس دعوته مجلس الأمن الدولي إلى إقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع.
وقال مصدر بارز في المعارضة، لـ«الأخبار»، إن الاستعدادات العملية لمواجهة قرار 14 آذار «خطف البلاد ومواقعها الرئاسية والوزارية والإدارية، تفرض وضع برنامج عملي يمهد لخطوة تأليف حكومة ثانية في البلاد، وإن على المعارضة توفير مواقع عملية تنطلق منها الحكومة الجديدة».
وأضاف المصدر إن «الحديث يدور على إعادة فرض السيطرة السياسية والإدارية على عدد من الوزارات الحساسة، التي تحاول قوى 14 آذار إحكام السيطرة عليها، وحتى طرد من هم معارضون منها»، مشيراً إلى سبب آخر يفرض خطوة كهذه يتعلق «باستئناف التواصل مع جهات دبلوماسية ودولية ومناقشتها، من المواقع الرسمية، بلا شرعية الحكومة الحالية».
وفي السياق، قالت مصادر نيابية من حركة «أمل» إن وزراء الحركة يصرّفون من منازلهم أعمال الوزارات التي يتولونها، مشيرة إلى أن موقف الرئيس نبيه بري في هذا الصدد «يستند الى وجهة نظر تقول إن امتناع الوزير المستقيل عن تصريف الأعمال العادية يعد مخالفة دستورية ما دامت استقالته لم تُقبل». وأضافت «إن موقفنا هو أننا لم ولن نخالف الدستور في هذا الإطار، ولهذا كان الوزير محمد خليفة، ولا يزال، يصرّف أعمال وزارته من دون المشاركة في جلسات مجلس الوزراء او المداومة في الوزارة».
لكن مصادر المعارضة قالت إن المواقف الأخيرة التي أعلنها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أطاحت مبادرة «ربع حل» تمثلت بعودة الوزراء المستقيلين الى تصريف الأعمال، التي أعدها الرئيس بري رداً على «الانعطافة الإيجابية» للنائب وليد جنبلاط والتي ساهمت في تطويق مضاعفات جريمة قتل الشابين من وطى المصيطبة.
وأوضحت المصادر أن ما أعلنه السنيورة دفع بري الى التراجع عن مبادرته لأن رئيس الوزراء «ارتكب في حق أهل الضاحية والجمهور الشيعي عموماً إساءتين معنوية ومادية، ما دفع الوزراء المستقيلين أنفسهم الى التوقف عن تصريف الأعمال والبقاء على الاستقالة لأن الجمهور الذي يمثلون قد أُهين معنوياً، عندما وصف السنيورة الضاحية الجنوبية بأنها غابة، ما طرح السؤال عمن يسكن الغابة، ومن ثم وصفه أهلها بأنهم وسخون في الشارع ونظيفون في منازلهم، وكذلك وصفه أهل الجنوب المقاومين بأنهم خارجون على القانون». وأضافت «كما أُهين هذا الجمهور مادياً بامتناع الحكومة عن صرف التعويضات المستحقة للمتضررين، الأمر الذي كاد يدفع الجمهور الى تحرك عفوي ضد الحكومة بتظاهرات شعبية مباشرة لولا تدخل حركة أمل وحزب الله لقوننتها وضبطها، وعلى هذا الأساس صدر القرار بأن يبدأ التحرك على مستوى النواب لتنفيس الاحتقان الشعبي وضبط الاعتراض وأدواته، عسى أن تتم خلال الأيام المقبلة معالجة مضاعفات ما أعلنه السنيورة سواء بالاعتذار أو التوضيح».
الحريري والفصل السابع
في هذا الوقت، أعرب النائب الحريري، من باريس حيث التقى الرئيس جاك شيراك وخلفه المنتخب نيكولا ساركوزي، عن ثقته بأن الأخير سيواصل السياسة الفرنسية الحالية حيال لبنان. وقال إن اللقاء تضمّن «مناقشة صريحة في شأن لبنان واستمرار السياسة الفرنسية فيه»، مضيفاً إن «الرئيس المنتخب ساركوزي أكد ضرورة إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة رفيق الحريري وجميع الشخصيات الأخرى التي اغتيلت في لبنان، وأكد أيضاً ضرورة مواصلة العلاقات بين لبنان وفرنسا كما كانت في الماضي في عهد الرئيس شيراك».
وأفاد بيان للرئاسة الفرنسية أن شيراك ذكَّر «بالتزام فرنسا حيال سيادة لبنان التامة، وضرورة تطبيق واحترام قرارات مجلس الأمن الدولي لإحقاق العدالة وضمان استقرار لبنان وخصوصاً عبر إنشاء محكمة ذات طابع دولي».
وقال الحريري، رداً على سؤال، «أعتقد أن آلية إنشاء المحكمة قد انطلقت. لقد حاولنا نحن في لبنان بكل الوسائل، ومارسنا كل الضغوط لإقرارها لبنانياً في البرلمان، وقد وصلنا إلى موقف بات جمع البرلمان اللبناني فيه غير ممكن، وبات على الأمم المتحدة الآن أن تتخذ قرار إنشاء المحكمة تحت الفصل السابع. وأنا سعد الحريري أؤيد إنشاء المحكمة تحت الفصل السابع، وآلية إنشاء هذه المحكمة بدأت مع فرنسا والولايات المتحدة والدول العربية ودول أخرى أيضا، وأعتقد أننا سنتوصل إلى ذلك في أسرع وقت ممكن».
مبادرة 14 آذار
وحالت زيارة الحريري إلى باريس دون حصول اجتماع لقوى 14 آذار في قريطم. وقالت مصادر هذه القوى إنه لم يكن مقرراً انعقاد اجتماع بالمعنى الحصري أمس، لكن الاستعدادات جارية لإنجاز وثيقة سياسية تمثّل نوعاً من مبادرة تتضمن جملة اقتراحات وآلية لتطبيقها. وأضافت إن الاجتماع لو عُقد أمس لكان تمهيدياً، لأن الوثيقة تحتاج الى كثير من النقاش لأنها تتضمن جملة أفكار أساسية منها «إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس جديد وتمرير الفترة الباقية حتى نهاية ولاية الرئيس لحود في ظل بقاء الحكومة الحالية التي تستقيل دستورياً حكماً فور انتهاء هذه الولاية، والإسراع في وضع قانون انتخابي جديد مع تسلم الرئيس الجديد مسؤولياته الدستورية وإعلان حياد لبنان الإيجابي إزاء القضايا العربية بما يجنبه ردات الفعل السلبية».
ملف التعويضات
بعيداً عن الاحتجاج التقليدي، وضع نوّاب الجنوب أمس «اللبنة» الأولى على طريق تصفية حساب الماضي مع حكومة السنيورة، التي «أطالت» الحديث في ملفّ التعويضات، طيلة تسعة أشهر من دون ترجمة فعليّة للوعود.
وجاء تحرّك نواب الجنوب كـ«خطوة أولى» في مسيرة مواجهة سياسة الحكومة في قضية الإعمار، بما يؤسّس لحركة تتّسع لتشمل كل المناطق المعنيّة، وأسفر عن دعوة رؤساء البلديات والنقابات والقطاعات الاقتصادية والفاعليات الحزبية والدينية الجنوبية الى المشاركة في اللقاء الموسّع الذي سيعقد بعد ظهر غد السبت، وذلك لـ«إطلاق حركة شعبية وإعلامية لاستعادة حقّ الجنوب المصادر».
ويشهد مجلس النواب اليوم مؤتمراً صحافياً لنوّاب البقاع تحت عنواني الأضرار والتعويضات، والموضوع السياسي الراهن، وسيعقبه اجتماع لهؤلاء النواب الأحد المقبل في بعلبك، مع رؤساء البلديات والمخاتير في المناطق البقاعية، لتحديد الخطوات اللاحقة. وفي وقت لاحق، سيتداعى نوّاب بيروت وجبل لبنان إلى عقد اجتماع، بمشاركة نوّاب المناطق الأخرى، للبحث في تفاصيل تخصّ ملفّ إعمار الضاحية على أن يلي ذلك تحرك نيابي موحّد في اتجاه سفارات الدول التي قدّمت التبرعات لمتضرّري عدوان تموز.