غزة ـــ رائد لافي
بات الوضع الداخلي الفلسطيني على مشارف نقطة اللاعودة، وهو ما يهدّد اتفاق مكة وحكومة الوحدة الوطنية بالانهيار، خصوصاً بعد قبول رئيس الوزراء إسماعيل هنية استقالة وزير الداخلية هاني القواسمي، فيما سقط خمسة قتلى جدد في الصدامات الدامية بين حركتي «فتح» و«حماس».
وفي ظل حالة الاقتتال الداخلي وفقدان الصلاحيات، قرّر وزير الداخلية الفلسطيني تقديم استقالته مجدّداً، فيما أعلن هنية، في بيان، قبولها، على أن يتولّى بنفسه الإشراف على الوزارة، علماً بأن الاتفاق على اسم وزير الداخلية كاد يطيح تأليف حكومة الوحدة الوطنية.
وفور الإعلان عن استقالة القواسمي، شن نائب رئيس الوزراء «الفتحاوي» عزام الأحمد هجوماً عنيفاً على وزير الداخلية، واتهمه بانه مثّل «عامل فرقة» بين الفصائل الفلسطينية. واستهجن «الطريقة التي اتبعها وزير الداخلية في اعلان استقالته ثم سحبها ثم تعليقها وتقديمها وتوقفه عن العمل».
وبرّر القواسمي أمس استقالته بأنه «لم يلق دعماً حقيقياً يمكّنه من السيطرة الأمنية على الوزارة، وأنه لم يمنح أي صلاحيات». وقال «أرفض أن أكون في منصب شكلي لا صلاحيات له ولن أعود للوزارة بعد اليوم».
وحذّر القواسمي «من عودة الأمور الى المربع الأول ما قبل اتفاق مكة إذا لم يصر إلى تدارك الأمور واتخاذ خطوات غير تقليدية تنقذ الوضع». وطالب جميع الفصائل الفلسطينية «بإعادة تقويم اتفاق مكة، لأنه لم ينجح في انهاء حال التوتر والاقتتال داخل الساحة الفلسطينية».
وفور تسلمه مهامه الأمنية، سعى هنية إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار، هو الثاني خلال 24 ساعة. وأعلن وزير الإعلام الفلسطيني والمتحدث باسم الحكومة مصطفى البرغوثي، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة وممثلي الفصائل الفلسطينية اتفقوا على سحب جميع المسلحين من شوارع غزة والبدء فوراً بتطبيق الخطة الأمنية.
وقال البرغوثي إن عملية انتشار تشارك فيها جميع الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية والرئاسة، ستبدأ بتنسيق من غرفة عمليات مشتركة ومركزية تحت إشراف ومسؤولية مباشرة من هنية.
إلا أن محاولات التهدئة لم تنعكس على أرض الواقع حتى وقت متأخر من ليل أمس. وكان خمسة فلسطينيين، بينهم عنصران من حركة «فتح»، وموظف في صحيفة «فلسطين» اليومية المقربة من حركة «حماس»، قد قتلوا وأصيب أكثر من عشرة في اشتباكات دامية أمس.
وتجددت الاشتباكات بين الحركتين في محيط منزل القيادي في حركة «فتح»، ماهر مقداد، في حي النصر في مدينة غزة. واتهمت «فتح» «حماس» بمحاولة اغتيال مقداد، الأمر الذي أدى إلى مقتل مرافقه علاء شبير، والناشط في الحركة محمد العبسي.
وكالعادة، رفضت حركة «حماس» اتهامات «فتح»، وقالت، على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم، إنها «حريصة على تطبيق الاتفاق الميداني الذي رعاه الوفد الأمني المصري، بغية وقف التدهور».
وأعلنت «كتائب شهداء الأقصى»، الذراع العسكرية لحركة «فتح»، الاستنفار التام «للرد على جرائم العدو الإسرائيلي أولاً وعلى التيار الدموي في حركة حماس»، قائلة إن هذا التيار ومن يسانده «ومؤسساتهم أهداف مشروعة لرصاص الكتائب». وتوعدت الكتائب، في بيان، «حماس» وقادتها «بدفع ثمن غال لمجازرها بحق أبناء حركة فتح وقادتها».
وكانت مصادر طبية في مستشفى الشفاء في مدينة غزة قد أعلنت، في وقت سابق أمس، عن مقتل الشاب محمد عبدو، الموظف الاداري في صحيفة «فلسطين»، متأثراً بجروحه الخطرة التي أصيب بها مساء الأحد، ليلحق بزميله الصحافي سليمان العشي.