strong>تجمّــع للمـوالاة والمعــارضة في المجلـس... وميــركل وبيلــوسي تدعــوان إلى اســتمرار الحــوار
ما حملته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي الى بيروت من دعوة لطرفي الازمة اللبنانية الى الاتفاق على حلّها، لم يغيّر من توجّه نوّاب الأكثرية الى الاعتصام اليوم في مقر المجلس النيابي للمطالبة بجلسة لإقرار مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي، في وقت توقّعت فيه مصادر مطلعة انعقاد لقاء حواري جديد بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري في أي وقت بعدما استكملت الاستعدادات له.
وإذ توقعت مصادر في الأكثرية أن يستكمل نوابها اليوم توقيع العريضة النيابية التي تنوي رفعها الى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون والتي تطالب بإقرار المحكمة بالصيغة التي أقرتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، قال أحد أقطاب 14 آذار ليلاً لـ“الأخبار” إن اليوم “لن يشهد ولادة أي عريضة جديدة وإن الحضور النيابي سيرتفع الى حدوده القصوى على مستوى نواب الاكثرية، وقد يزيد على ما بين 50 و55 نائباً، ذلك أن حركة بعض الأقطاب التي لجمتها التدابير الأمنية الاحترازية تحول دون تأمين نصاب شامل للحضور يصل الى 69 أو 70 نائباً”. وأكد المصدر “أن العريضة التي يحكى عنها لن تصدر اليوم ولا غداً ولا بعد غد، وأن اللجوء إليها سيكون آخر الدواء، وقد يرتبط موعد رفعها إلى الأمم المتحدة بالنصف الثاني من الدورة الحالية للمجلس”.
وفي المعلومات التي توافرت لـ“الأخبار” أن السيناريو الأكثري يفرض أن تتولى الفضائيات العربية نقل كثير من المؤتمرات الصحافية والمواقف التي سيطلقها بعض الأقطاب اليوم مباشرة على الهواء، وقد حجزت مساحات واسعة من هوائها سلفاً، بغية نقل الصورة هذه الى الرأي العام العربي والدولي.
وقال القطب إن هدف الأكثرية من هذه الخطوة هو الإشارة الى “استمرار الرئيس بري في إقفال المجلس أمام النواب، الأمر الذي يقود تلقائياً الى استحالة إقرار نظام المحكمة عبر المؤسسات الدستورية”. ورأى أن المحكمة “باتت خارج الهم اللبناني وفي عهدة الأمم المتحدة إلا إذا اتخذ بري قراراً جريئاً”.
ونقل زوار الرئيس نبيه بري أمس عنه تقليله من وقع ما ينتظر المجلس اليوم، ويعتقد بأن تحرّك هذا الفريق لن يتعدّى تكرار الدعوة الى عقد جلسة عامة لإقرار مشروع المحكمة الدولية. وأكد أنه لن يدعو مجلس النواب إلى الانعقاد لمناقشة مشروع المحكمة إلا عندما تتألف “حكومة شرعية في وسعها المثول أمام مجلس النواب”. وهي الرسالة غير المباشرة التي وجهها أمس إلى الرئيس فؤاد السنيورة والأكثرية عندما طلب من الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر عدم تسلّم مشروع المحكمة “إلى أن تتألف حكومة شرعية”.
وأكد بري أنه لا يمانع حق نواب الأكثرية في الحضور إلى المجلس والاجتماع في أي بهو أو غرفة يختارون، بما في ذلك مكتبه الخاص، باستثناء القاعة العامة، قائلاً “لن أفتح القاعة العامة لقوى 14 آذار ولا لقوى 8 آذار. وهي مخصصة لجلسات المجلس لا لأي من الفريقين”. وأكد أنه سيدعو المجلس إلى جلسة عامة قبل نهاية العقد العادي الأول (31 أيار المقبل). لكنه لاحظ أن نواب الغالبية يهدفون إلى ممارسة ضغوط عليه وقال: “كلما ضغطوا تأخر انعقاد المجلس”. وأعلن أن مجلس النواب “لن يُدعى إلى الانعقاد إلا بعد التوصل إلى تسوية سياسية تشمل موضوعي المحكمة الدولية وحكومة الوحدة الوطنية”.
من جهته، أكّد السنيورة أن مشروع المحكمة نُشر في الجريدة الرسمية في كانون الأول الماضي “وليس هناك من حاجة إلى إعادته إلى مجلس النواب”، وأضاف: “أرسلناه الجمعة الماضية الى المجلس ولم يتم تسلمه. واليوم (أمس) أرسلناه مرة ثانية ولم يتم تسلمه أيضاً. (...). وإننا لن ندخر وسيلة من أجل أن نصل إلى إقرار المحكمة. وهذا قرار الشرعية الدولية ومجلس الأمن ويعلم الجميع أنه لا يمكن التغاضي عنه بل يجب إقراره”.
ميركل وبيلوسي
وتزامنت كل هذه التطورات والمواقف مع المحادثات التي أجرتها كل من ميركل وبيلوسي مع بري والسنيورة وبعض أقطاب الأكثرية. وأعلنت ميركل أنّ بلادها تريد “أن يكون في لبنان دولة وحكومة تتمتع بالاستقرار”. وقالت: “إنّنا على وفاق مع الحكومة اللبنانية. إن مسألة المحكمة ذات الطابع الدولي ليست مسألة الحكومة وحدها وإنما تحتاج إلى وفاق شامل في البلاد”، ورأت “أن على سوريا أن تقوم بدورها لكي يتطور لبنان كدولة مستقلة وأن تعترف به دبلوماسياً وأن يصار إلى ترسيم الحدود في وضوح ويتوقف التهريب وأن تقوم سوريا بكل ما يمكنها لتلبية كل ما طلبته لجنة التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري”.
أمّا بيلوسي فأعلنت بعد محادثاتها مع بري والسنيورة والنائب سعد الحريري أن زيارتها الى سوريا اليوم “مهمة لإطلاق حوار” معها، وقالت بعد اجتماعها بالحريري: “إن الطريق لحل بعض المشاكل يجب أن تمرَّ بدمشق. عندما نذهب إليها سنتحدث عن موضوع مكافحة الارهاب برمته، وعن الحرب على الإرهاب وعن الدور الذي يمكنها أن تقوم به في المساعدة أو العرقلة لحل هذه الأمور. وسنتحدث أيضاً عن المحكمة الدولية التي من المهم جداً إقرارها لمعرفة الحقيقة والتمكن من المضي قدماً. ومن المسائل التي سنحملها معنا أيضاً ما يتعلق بدور سوريا في العراق ودورها في مساندة حركة “حماس” و“حزب الله”.
بر ي و ميركل
وقالت مصادر اطلعت على أجواء المحادثات بين بري وميركل أن الأخيرة طلبت منه مواصلة مسعاه الحواري لحل الأزمة وقالت له : “لديكم كلبنانيين فرصة للوصول الى هذا الحل فاغتنموها لأن العالم كله مهتم بكم”. فرد بري: “أرجوك أن تحددي لي من أين أبدأ مع الأكثرية بعد كل الخطوات الحوارية التي اتخذتها في اتجاهها، فموضوع المحكمة الدولية هو في حكم المنتهي، والمشكلة هي في الحكومة حيث يرفضون تعديلها أو توسيعها، ثم إن هناك خلافاً بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، والدستور يمنعني كرئيس لمجلس النواب من تسلم أي إحالة حكومية ما لم تكن موقعة من رئيس الجمهورية، فهذه من صلاحية الرئيس. لكن الرئيس السنيورة لا يريد حل المشكلة القائمة بينه وبين الرئيس لحود”.
وردت ميركل مؤكدة أنها لا تريد التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية ولا في الدستور والصلاحيات، “ولكني أشجعك على الاستمرار في مساعيك لأن المجتمع الدولي مهتم بلبنان ويريد له أن يتجاوز الأزمة التي يمر بها”. وقال بري: “لقد استبقت اللقاء معك باجتماع عقدته مع السفير السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة، وأكدت له حرصي على الاستمرار في الحوار، وهو يقوم بنشاط كبير في هذا الاتجاه”. فردت: “ما أعرفه أنك قمت بمسعى حواري وعليك أن تستمر به”.
وطرحت ميركل موضوع تنفيذ القرار 1701، فردّ برّي “إن الأزمة الداخلية لا علاقة لها بالوضع الجنوبي حيث المطلوب وضع حد للخروق الإسرائيلية وتحقيق وقف إطلاق نار ناجز لأن القرار 1701 تحدث عن “وقف الأعمال الحربية”.
... ومع بيلوسي
وذكرت المصادر نفسها أنه كان هناك تشابه بين ما طرحته كل من ميركل وبيلوسي مع بري، وقالت إن بيلوسي قالت لبري “إن لديكم في لبنان صيغة تعايش ممتازة ويجب أن تصلوا الى حل لأزمتكم تحت هذه الصيغة”. فرد بري: نحن من أوجدنا الأكثرية من خلال التحالف الرباعي الذي تم في الانتخابات عام 2005، ولكن المشكلة تكمن في الخلاف القائم بين رئيسي الجمهورية والحكومة، وعندما استقال الوزراء الشيعة من الحكومة قلنا للسنيورة سمِّ وزراء بدلاً منهم لكنه لم يفعل، فلا عيّن وزراء ولا حل مشكلته مع رئيس الجمهورية. فموضوع المحكمة الدولية انتهى والمشكلة تكمن في الحكومة”.
وعندما سألته بيلوسي عن عدم دعوته مجلس النواب الى الاجتماع، ردّ شارحاً الموانع الدستورية لاتخاذه هذه الخطوة، لكنه وعد بالدعوة الى جلسة قريباً لإقرار المحكمة خلال عشرة أيام “وفي انتظار ذلك آمل أن أكون قد تمكنت من إيجاد حل للأزمة القائمة بين الأكثرية والمعارضة”.
ولم تدخل بيلوسي في تفاصيل زيارتها لدمشق اليوم، لكنها قالت: “ما يهمنا هو أن تكون هناك علاقة جيدة بين لبنان وسوريا”، ورد بري مذكراً بقول شهير للرئيس الحريري وهو “إن لبنان لا يُحكم من سوريا ولا يُحكم ضد سوريا”.