strong>لنـدن للتريّـث في إقـرار المحكمـة تحت الفصل السـابع وبـان أكد للسـوريين عـدم الاسـتعجال
سادت لبنان أمس موجة شائعات سبّبت حالاً من الذعر نتيجة استمرار غموض مصير المخطوفين زياد حسين قبلان والفتى زياد منير الغندور اللذين فقدا ليل الاثنين ـــــ الثلاثاء. وتسارعت الاتصالات على أعلى المستويات متجاوزة الفرز السياسي لتشدّد على تجنيب البلاد أي فتنة، وترافقت مع إجراءات أمنية مشددة اتخذها الجيش، خفّفت من حدّة الاحتقان.
وفي غضون ذلك، جددت السعودية تحركها لتأمين عودة الحوار بين الموالاة والمعارضة، من دون أن يحمل هذا التحرك أفكاراً جديدة، فيما برزت دعوة لندن للتريث في إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في مجلس الأمن، ونقل عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قوله للمسؤولين السوريين إن إقرار المحكمة تحت الفصل السابع ليس موضوعاً على «نار حامية».
ونشطت الاتصالات على كل المستويات السياسية والأمنية والعسكرية في وقت شهدت فيه البلاد موجة من الشائعات عن مقتل الشابين وعن أعمال خطف متبادل وقطع طرق قبل أن يتبيّن عدم صحتها. وصدرت مواقف عن قادة في الموالاة والمعارضة دانت خطف الشابين ودعت الى التهدئة وحصر المسؤولية بالفاعلين.
وفيما أُفيد أن قبلان ووالد الغندور ينتميان الى الحزب التقدمي الاشتراكي وأن خطفهما قد يكون مرتبطاً بمقتل الشاب عدنان شمص في أحداث الطريق الجديدة قبل ثلاثة أشهر، زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط منزلي ذوي المخطوفين في وطى المصيطبة داعياً الى الهدوء. كما حض الحزب أعضاءه ومناصريه على «قطع الطريق على الفتنة» و«التزام أقصى حدود ضبط النفس وعدم الوقوع في أي شائعات مغرضة».
ووصف رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري الموجود خارج لبنان عملية الخطف بأنها «علامة سوداء جديدة في سجل الباحثين عن أي طريقة لتهديد أمن المواطنين وسلامة المجتمع اللبناني»، داعياً الى «عدم إعطاء أي فرصة للمصطادين في الماء العكر للعب على بعض الغرائز وشحن النفوس». كما دان «حزب الله» الحادث «الخطير جداً»، والذي «يعد جريمة في حد ذاته»، داعياً الى «كشف ملابساته واعتقال المجرمين». وأدرجت حركة «أمل» الخطف «في إطار محاولات خلق أجواء فتنة»، محذرة «من أن تكون وراء الحادثة أياد سوداء تريد اللعب على الوتر المذهبي».
واعتبر المكتب الاعلامي لوزير الداخلية حسن السبع «أن اختفاء الشابين في هذه الظروف الدقيقة ما هو إلا محاولة لإثارة البلبة وإيقاظ الفتنة»، مؤكداً أن الشائعات المتداولة في هذا الخصوص لا أساس لها من الصحة. كما أصدر آل شمص بياناً أكدوا فيه أن العائلة «لا تقر أعمال الخطف هذه ولا تتبناها سواء أكان الفاعل أو الفاعلون من أفرادها أم لا».
وبدأ الجيش، منذ مساء أمس، تنفيذ خطة أمنية محكمة لمنع أي ردود فعل. وعلمت «الأخبار» أن معلومات توافرت للأجهزة الأمنية تشير الى نية بعض المجموعات استغلال حادثة الخطف للإخلال بالأمن. وفي موازاة ذلك، تابعت الأجهزة الأمنية تحقيقاتها، وكشفت مصادر مطلعة أن خيوطاً جدية تجري متابعتها لكشف مصير المخطوفَين، أهمها أرقام لوحتي السيارتين اللتين استُخدمتا في العملية، إذ زوّد شهودٌ الأجهزة بهذه الأرقام مما أدى إلى تحديد أصحابها.
سياسياً، واصل السفير السعودي عبد العزيز خوجة تحركه في اتجاه القادة السياسيين، فالتقى الرئيس نبيه بري ووصف أجواء اللقاء بـ«الممتازة»، مؤكداً أن الرياض «مستمرة في مساعيها». وقالت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» إن خوجة لم يحمل أفكاراً جديدة، لكنه ينصح بالتهدئة ويركز على «العودة الى طاولة الحوار». وأضافت أن الموقف المصري ليس بعيداً عن الموقف السعودي. وكان السفير المصري حسين ضرار قد زار بري أيضاً.
في غضون اطلع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على أجواء زيارة الأمين العام للأمم المتحدة لدمشق أول من أمس، عبر اتصال هاتفي بالأخير. كما تلقى اتصالاً من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والتقى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون.
الى ذلك، أبدى مصدر سوري مطلع ارتياحه لأجواء المحادثات التي أجراها بان في دمشق، وقال لـ«الأخبار» إن الزيارة «فتحت الباب واسعاً أمام مرحلة جديدة من التفاهم، وشكلت نقطة انطلاق لاستعادة الثقة بين سوريا والمنظمة الدولية». وفي ما يتعلق بموضوع المحكمة ذات الطابع الدولي أفاد المصدر بأن ما أدلى به بان في شأنها دل على أن مسألة إقرارها تحت الفصل السابع سابقة لأوانها، وهي ليست موضوعة على «نار حامية».
وفي هذا السياق، برز موقف بريطاني لافت على لسان وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط كيم هاولز الذي رأى أن من المبكر الحديث عن إقرار المحكمة داعياً الى إقرارها وفق الآليات الدستورية اللبنانية. وحثّ هاولز، في لقاء مع صحافيين على هامش مناقشات مجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط، على «التريّث، وعدم دفع الأمور بسرعة لا يستطيع اللبنانيون استيعابها»، مشدداً على ضرورة إمرار المحكمة بـ«سلاسة»، ومشيراً الى أنه لمس في زيارته للبنان الشهر الماضي إجماعاً على أهمية المحكمة ورغبة في تحقيق العدالة. وأشار الى أن التقرير الذي سيرفعه مساعد الأمين العام للشؤون القانونية نيكولا ميشال عن زيارته للبنان «سيكون بالغ الأهمية، ويحدّد طبيعة التحرك في المرحلة المقبلة». وأبدى الوزير البريطاني تحفظاً على مواقف الرئيس نبيه بري «الذي أغلق أبواب البرلمان، وهذا أمر مؤسف».

جعجع

الى ذلك، أكد رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن المحكمة أصبحت خارج «البازار» السياسي، داعياً إلى الانتقال إلى مرحلة سياسية أخرى من دون أن يحدّد ماهيّتها، لكنه شدّد على أنها لا تعني البحث في موضوع الحكومة. ورأى في مقابلة تلفزيونية مساء أمس أن موازين القوى الداخلية تميل إلى مصلحة «قوى 14 آذار»، وقال: «إننا نعيش أياماً وطنية لا سياسية». وعن الاستحقاق الرئاسي أكد جعجع أنه سيجري في موعده، معتبراً أن إجراء الانتخابات «بما تيسّر أفضل من الفراغ».