فيلتمـان لـ «الأخبــار»: نريـد انتخابـات الرئاسـة حلاً للأزمـة... وبلا تدخـل سـوريا وإيـران
طغت على الاهتمامات في عطلة الأسبوع مواقف رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الداعية إلى الحوار وسعيه لإطلاق مبادرة سياسية، ردّ عليها حزب الله مرحباً بمحادثات بعيدة عن «الغلبة والوصاية» الخارجية، في وقت ظلت فيه الاتصالات والمواقف منصبّة على منع أي مضاعفات لجريمة قتل زياد قبلان وزياد غندور، اللذين جمعت التعزية بهما وزراء ونواب من الموالاة والمعارضة.
وفي ضوء استعدادات جنبلاط لإطلاق مبادرته السياسية، التي أشارت إليها «الأخبار» أول من أمس، عُقد مساء اليوم نفسه لقاء في المختارة بينه وبين السفير الأميركي جيفري فيلتمان، بناءً على طلب الأخير.
وعلمت «الأخبار» أن فيلتمان حاول معرفة ما إذا كان هناك من تطور معين في موقف جنبلاط وإمكان تحوله إلى دينامية سياسية، فما كان من رئيس «اللقاء الديموقراطي» إلا أن نقل النقاش إلى مكان آخر بتوجيه أسئلة حول ما سيحصل في مؤتمر شرم الشيخ الخاص بالعراق. فكرر فيلتمان التأكيد أنه ما من شيء سيحصل إقليمياً على حساب لبنان وتحديداً على حساب فريق السلطة.
في المقابل، أكد جنبلاط لفيلتمان أن لبنان يجب أن يستفيد من جو التفاوض في المنطقة، وأنه ينبغي أن تحصل مفاوضات بين اللبنانيين تواكب الحلول الإقليمية، وعكس ذلك يعني أن الأوضاع في لبنان ستذهب إلى مزيد من التأزم «لأننا إذا وصلنا الى حكومتين، فهذا يعني أننا نكون قد وصلنا الى مرحلة المدافع المتواجهة». وأضاف «نحن لا نشك في أن حلفاءنا وأصدقاءنا لن يتخلّوا عنا، لكننا نرى أن المصالح الدولية تصبح فوق كل اعتبار».
وقالت مصادر مطلعة على موقف جنبلاط، لـ«الأخبار»، إنه جادّ في ما يعلنه من مواقف، «لكنه لا يريد أن يتخذ أي خطوات إجرائية في إطار المبادرة التي يُعِدّها قبل أن يطمئن الى أن الجميع اقتنعوا بأنه لا يأخذ دور أحد ولا يريد أن يأخذ دور أحد في الموالاة والمعارضة». وأكدت المصادر نفسها أن جنبلاط «يعمل بدقة متناهية على إعداد مبادرته وأنه سيستعمل في البداية أسلوب الدبلوماسية غير المعلنة بحيث إنه سيرسل موفدين لاستطلاع الأجواء».
ورد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في مهرجان للحزب في حي السلم، على مواقف جنبلاط من دون أن يسميه قائلاً «لقد سمعنا كلمات إيجابية في الأيام الأخيرة، ونحن نرد عليها أننا كنا في السابق إيجابيين ولم نتوقّف، والآن نحن أكثر إيجابية أيضاً، وأيدينا ممدودة لملاقاة الاقتراحات الوحدوية والوطنية، ونحن حاضرون لأي حلّ بعيد عن الوصاية وعن الاستئثار والغلبة».
تحرك سعودي ـــ سوري
في هذا الوقت، تعوّل أوساط نيابية على تحرك سعودي ـــ سوري مرتقب من شأنه المساهمة في تهدئة الأجواء اللبنانية المضطربة، إلا أنها تبدي قلقها من استمرار حالة التوتر في العلاقات اللبنانية ـــ السورية مع غياب أي مؤشر إلى حصول تحسن ـــ ولو طفيفاً ـــ قد يطرأ عليها.
وتفيد الأوساط نفسها أن مردّ هذا القلق هو معلومات تحدثت عن «رسالة سرية»، كشف عنها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته الأخيرة الى دمشق، وقال إنه تلقاها من الرئيس فؤاد السنيورة بعد أيام على مغادرته بيروت نهاية الشهر الماضي، يؤكد له فيها استمرار تهريب السلاح من سوريا الى لبنان.
واشنطن وانتخابات الرئاسة
وفي السياق، قال السفير فيلتمان، لـ«الأخبار»، «ليس من مصلحة أحد، إلى أي فريق انتمى، أن تكون نتيجة الانتخابات الرئاسية أزمة جديدة. نريد الانتخابات أن تكون نهاية الأزمة الحالية لا فاتحة أزمة جديدة». وإذ أكد أن واشنطن «لن تتدخل» في الاستحقاق، وأنها «تقف على الحياد»، أعرب عن أمله في أن ينتخب مجلس النواب رئيساً «بحرية وبعيداً من أيّ تهويل خارجي». وحدد مواصفات الرئيس المقبل قائلاً إنه يجب أن يتمتع «بصدقية المجموعات اللبنانية المختلفة، ويلتزم استقلال لبنان وسيادته وديموقراطيته».
وأضاف فيلتمان «تقول سوريا وإيران إنهما تؤديان دوراً بنّاءً في لبنان. الآن هو الوقت الملائم كي تبرهنا ذلك وتقفا على الحياد وتستجيبا للقرار 1559، الذي يحض على انتخابات رئاسية وفق الدستور اللبناني، ومن دون تدخل خارجي». وتابع ان واشنطن «تعتقد بأن الوقت قد حان لسوريا وإيران كي تعترفا فعلاً وقولاً بلبنان بلداً مستقلاً»، مشيراً إلى أنه «ليس بين المرشحين من يريد أن يأخذ لبنان إلى مواجهة مع سوريا، وأن قاسماً مشتركاً بينهم هو الحاجة الى علاقات مع سوريا مبنية على الاحترام المتبادل والمساواة».
صفير وولش
من جهة أخرى، عقد في الفاتيكان أمس اجتماع بين البطريرك الماروني نصر الله صفير ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد وولش. وقالت مصادر قريبة من بكركي، لـ«الأخبار»، إن اللقاء كان مفاجئاً، ولم يكن في برنامج لقاءات صفير. وأضافت ان كل ما عرف عن اللقاء «أن كل شيء طرح فيه، من الوضع غير الطبيعي القائم في البلد، الى الاستحقاقات المقبلة، بما فيها استحقاق رئاسة الجمهورية الذي يعطيه البطريرك الأولوية المتقدمة على ما عداه من الملفات الأخرى الظرفية».
الموقف السوري
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في حديث تلفزيوني أمس، أن نظام المحكمة الدولية كما هو مطروح «أمر غير مسبوق في تاريخ المحاكم الدولية». وقال «إن هذا النظام يحوّل المدعي العام الدولي حاكماً ثانياً، ليس في لبنان وحده إنما في المنطقة». وأضاف «إذا قرر لبنان التنازل عن جزء من سيادته فهذا قرار لبناني، إنما سوريا مصممة على الحفاظ على سيادتها ونظامها القضائي، وإذا ثبت تورط أي مسؤول سوري فسيحاكم وفق القانون السوري الذي نعتز به. ولذلك قال الرئيس (بشار) الأسد وقلنا إن موضوع المحكمة لا يعنينا. ونحن ندعم قيام محكمة لمحاكمة منفذي جريمة اغتيال الحريري».
وتابع المعلم «ان هناك ملاحظات أردنية مهمة وأخرى لقانونيين في بريطانيا، وللرئيس (اميل) لحود ملاحظات مهمة، ولا نقرّ بنظام يريد محاكمة مقاومة مشروعة لقوى الاحتلال».
وكشف المعلم أنه أبلغ بان، رداً على طلبه من سوريا التعاون لإنهاء الأزمة اللبنانية، «أن سوريا ليست اللاعب الوحيد على الساحة اللبنانية، وليعطوا للأطراف الباقية إجازة مفتوحة لمدة شهر وشوفوا الحل كيف بيكون».