• المطارنة الموارنة يرفضون إقرار المحكمة تحت الفصل السابع
  • واشنطن تنتقد اعتقال الضباط بلا محاكمة


بعدما بات واضحاً تعثر الاتفاق على آلية تنفيذية لحل الأزمة، عادت الأمور من جديد إلى النقطة الصفر، كما يقول أركان 14 آذار، فيما ترى المعارضة أن الكرة باتت في ملعب السعودية، اثر العرض الأخير الذي قدمه باسمها الرئيس نبيه بري الى الملك عبد الله.
وقد دفع ذلك بملك السعودية إلى العمل من جديد على عدم إبقاء الإمور في موقع المراوحة السلبية، والطلب من فريقه العمل بقوة لأجل ترتيب لقاء سريع بين الرئيس بري والنائب سعد الحريري، الموجود في الرياض، بطلب من المملكة نفسها. وعقد، لهذه الغاية، اجتماعات مع مسؤولين سعوديين بينهم السفير لدى بيروت عبد العزيز خوجة وتبلغ منه عرض رئيس مجلس النواب.
لكن الذي تبلغته مصادر رفيعة في المعارضة يقول بالآتي:
“ان السعودية قررت ألا تمارس الضغط الذي يؤدّي الى فرض الاتفاق على أي من الاطراف. وهذا يعني أنها ليست بوارد إقناع النائب الحريري بالقبول بالاتفاق. كما انها ليست في موقع القادر على فرض وجهة نظر أخرى على الطرف المعارض. كما ان السعودية عادت أخيراً لتقول إنها مستعدة لتقديم النصح واستضافة المتحاورين وتنظيم اللقاءات والمساعدة على نقل وجهات النظر حيث ينقطع التواصل، لكنها ترفض ان تكون فريقاً له رأيه في المشكلة، وان كل ما لديها هو رفض الفتنة والحرص على التفاهم”.
وحسب المصادر نفسها، فإن هذه “الوجهة تبقي الباب مفتوحاً أمام الجهود القائمة لكنها لا تؤدّي الى تغيير جوهري في المعطيات المقدمة من قبل الأطراف”. وتضيف أن “التعامل مع المقترح الذي قدمه الرئيس بري عكس برودة لافتة، ومن النوع الذي رفع منسوب القلق لدى الفريق المعارض من توجه الرياض، والذي ينعكس تمسكاً لفريق السلطة برفضه التسوية، والذهاب نحو قرارات من النوع الذي يهدد البلاد بالأسوأ”. وتساءلت هذه الأوساط “هل تخلت السعودية عن دورها الرعائي الذي يفرض تدخلها في اللحظة المناسبة؟ وهل باتت مجرد وسيط أو ساعي بريد لا رأي له في الملفات المطروحة؟ وهل هي في وارد التحول الى طرف يتبنى وجهة نظر فريق دون الآخر، علماً بأن المعارضة قدمت لها كل التسهيلات في الأفكار وتخلت عن مطالب كثيرة وأجلت خطوات تصعيدية تعتبرها مشروعة في وجه تصلب موقف السلطة؟”.
ومع ذلك، فإن الرئيس بري “قرر مواصلة التعامل مع الاتصالات من زاوية إيجابية، وقد أبلغ السعودية، رغم عدم تبلغه موقفاً مفصلاً من الحريري بشأن ورقته، استعداده لاستقبال النائب الحريري ورفضه استقبال الرئيس السنيورة في هذه اللحظة السياسية الحرجة”.
وعلمت “الأخبار” أن الحريري لم يرد سلباً أو إيجاباً على مقترح بري، لكنه ضغط باتجاه مناقشة الأمور كلها في الاجتماع بينه وبين رئيس المجلس من دون شروط مسبقة، ما دفع خوجة الى الحديث، بعد زيارته رئاسة المجلس، عن لقاء قريب بين بري والحريري، تردد أنه قد يعقد خلال 24 ساعة، من دون أن يحدد مكان حصوله، وخصوصاً أن البعض ردد احتمال حصوله في بيروت أو الرياض ليكون مقدمة للقاء موسع لأركان الاكثرية والمعارضة بغية التوصل الى حل.
وقالت مصادر بري إنه يرحب باستقبال الحريري “في أي وقت يشاء”. وأشارت الى أنه ليست هناك قطيعة بينهما وان الاتصالات تحصل بينهما من وقت الى آخر وكلما دعت الحاجة”.
أما خوجة فقال من جهته إنه حمل من رئيس المجلس “أفكاراً ممتازة وجيدة ولاقت كثيراً من القبول، لكن علينا ايضاً أن ندرس أفكار الفريق الآخر، وأعتقد أن من المناسب جداً أن يجتمع الافرقاء هنا، أو دولة الرئيس مع الشيخ سعد، مثلاً، كممثل للموالاة، لبحث الخطوط المشتركة معاً والاتفاق عليها في صورة واضحة ونهائية”.
وأفادت مصادر مقرّبة من الحريري بأنه منفتح على التواصل مع بري ويرغب صادقاً في الوصول إلى تسوية تضمن بشكل أساسي إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في المؤسسات الدستورية، وهو أمر أكد عليه رئيس مجلس النواب سواء في مبادراته السابقة أو في التصور المكتوب الذي قدّمه، مشترطاً فقط مناقشة بعض بنود النظام الأساسي للمحكمة بروح إيجابية وإدخال بعض التعديلات والتوضيحات التي لا تمسّ مضمونها، وأنها ستبقى في حدود توفير الضمانات التي تطالب بها المعارضة وإيجاد ضوابط لمنع تسييسها واستخدامها أداة للنيل من الخصوم السياسيين.
رفض 14 آذار
ولاحظت أوساط المعارضة أن التصريحات التي صدرت عن بعض أقطاب فريق 14 آذار امس شكلت نوعاً من الرد الرافض لاقتراحها، مشيرة إلى ما أعلنه قائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع، لدى زيارته السنيورة، من أن “الفريق الآخر، ويا للأسف، غير جاد، بخلاف كل ما يشيعه، في مناقشة المقترحات التي طرحت في الرياض”. وأضاف جعجع “نحن مع لقاء الرئيس بري والنائب سعد الحريري، أو أي لقاء آخر ممكن ان يتم للمناقشة والحوار لا لكسر الجرة”. ورأى جعجع أن “الذي حصل حتى الآن هو أن السعوديين والايرانيين تكلموا عن ضرورة تنفيس الازمة اللبنانية وطرحوا مبدأين: الاول، ضرورة إقرار المحكمة الدولية وإذا كانت هناك من تعديلات فلتطرح لمناقشتها. والمبدأ الثاني، تشكيل حكومة وفاق وطني على الأساس الذي طرحه (الأمين العام لجامعة الدول العربية) عمرو موسى”.
وبدوره، أكد الوزير مروان حمادة أن “ترجمة القمة السعودية ــــــ الايرانية تنتظر اقتراحات واقعية من المعارضة تزرع طريق اجتماع الرياض بالورود لا بالألغام”. ورأى في تفاؤل المعارضة واتهام الاكثرية بالعرقلة “محاولة لتفادي الاستحقاق الكبير الداخلي، وهو فتح الدورة العادية لمجلس النواب”، مشدداً على أن “الأمور لم تتقدم، ولو شبراً واحداً، على طريق الحل حتى الآن”. وأعرب حمادة عن “استعداد قوى 14 آذار للتنازل عن الثلثين، أي أكثرية الثلثين، وأن نتقلص إلى أقل من عشرين وزيراً، لكن أن نعطي الآخرين القدرة على تعطيل الحكومة أو على الأقل إقالتها، فهذا لم يكن وارداً لا بالأمس ولا اليوم ولا غداً”.
المطارنة و“الفصل السابع”
وفي هذا السياق، كان لافتاً ما صدر عن مجلس المطارنة الموارنة من أن “اللجوء الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإنشاء المحكمة الدولية سيكون ضربة قاسية تشل البلد أكثر مما هو مشلول». وأضاف البيان نفسه “إن الجدل القائم حول تأليف حكومة جديدة تتقاسم الموالاة فيها والمعارضة المسؤولية دام طويلاً من دون أن يصل إلى حل مرض، وهذا يدل على تشبث كل فريق بموقفه”. ورأى “أن كل هذه الاوضاع تهدد مصير الوطن بأكمله، لذلك ندعو المسؤولين جميعاً الى التخلي عن مواقفهم الفئوية وتغليب مصلحة لبنان على أي مصلحة اخرى، وإيجاد حل لبناني للأزمة الراهنة”. وأعرب البيان عن أسف المطارنة لـ“مقابلة الرغبة التي أعربت عنها بعض الجهات في نشر مراقبين دوليين لضبط الحدود بين لبنان وسوريا بالرفض وبالتهديد بإقفال الحدود”، معتبراً أن ذلك يدل “على أن وجهات النظر لا تزال متباعدة”.
تقرير أميركي
الى ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الاميركية تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان لعام 2006 جددت فيه إطلاق صفة “تنظيم إرهابي” على حزب الله واعتباره خارجاً عن القانون المحلّي والدولي.
ورأى التقرير، المرفوع الى الكونغرس الاميركي، أن “الحكومة (اللبنانية) قامت بتوقيف أشخاص واحتجازهم بشكل اعتباطي”، مشيراً على سبيل المثال إلى اعتقال الضباط الأربعة من دون محاكمتهم لفترة طويلة.
ولم يتوقف التقرير الأميركي عند هذا الحدّ، بل تحدّث عن ضغوط سياسية في عملية “تعيين المدّعين العامين الأساسيين وقضاة التحقيق”، ما يوحي تشكيكاً في مصداقية ما يصدر عنهم من قرارات وأحكام.
وكشف التقرير عن “تدخّل السلطات بوتيرة كبيرة في خصوصية الأشخاص الذين ينظر إليهم على أنهم أعداء للحكومة”. وفي إحدى الفقرات، يذكر التقرير أن “الأجهزة الأمنية استمرّت في التنصّت من دون إذن مسبق”، مشيراً إلى أن “الحكومة أوقفت مراقبين عبّروا عن انتقادهم للنظام القضائي”.
وتحدث التقرير عن أن “الحكومة أبقت آليات قانونية عديدة تحت تصرّفها للتحكّم بحرّية التعبير واستخدمتها”.
أما في الشأن الاجتماعي، فقد عبّر التقرير عن فشل الحكومة في إطلاق مشاريع تؤمن حقوق الناس. وعلى سبيل المثال، نصّ التقرير على “فشل الحكومة في اتخاذ خطوات لتعديل قوانين البناء لتسهيل وصول المعوقين إلى الأبنية”. كما تحدث التقرير عن حقوق المرأة والتمييز العنصري في لبنان وحقوق الفلسطينيين والحرمان الذي يتعرّضون له في مخيمات اللجوء وخارجها.