ما هو مصدر القلق لدى الفريق المسيحي من احتمال قيام تسوية على حساب مصالح المسيحيين في لبنان، وما سبب الإصرار من جانب فريق 14 آذار على آليّة تستبعد العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية والمعارض الدرزي طلال أرسلان؟مسيحياً، نقل زوّار البطريرك الماروني نصر الله صفير تساؤلاً حيال مشروع التسوية المطروح للأزمة والقائم على معادلة ــــ مبادلة، بين المحكمة الدولية والحكومة. هذه الصيغة التي تلبي مطلب الفريق «السنّي السياسي» في شق المحكمة، ومطلب الفريق «الشيعي السياسي» في شقّ الحكومة، لا تجيب عن السؤال: ما هي حصة الفريق «المسيحي السياسي»؟
ويشرح زوّار الصرح المارونيّ أنّ عدم احتساب التعديل الحكومي في سلة المسيحيّين، عائد الى كون الاستحقاق الرئاسي مؤجلاً حالياً، وهو في كل الأحوال خاضع في حينه لحسابات متشعبة، لا تعكس إرادة مسيحية صافية في اختيار الموقع المسيحي الأول في الدولة، على عكس ما هو حاصل بالنسبة إلى رئاستي المجلس النيابي والحكومة. كما أن أي تعديل حكومي ممكن الآن، لن يعطي القوى المسيحية كامل الحصة الحكومية المخصصة لهذه الجماعة، على عكس ما هو حاصل مع الجماعات اللبنانية الأخرى. فالثنائي الشيعي يسيطر على جميع المقاعد الوزارية الشيعية، والقوة الدرزية الأساسية تحتكر كامل مقاعد طائفتها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التحالف السنّي الأكثري. وحدهم المسيحيون يتوزعون حكومياً بين وزراء محسوبين على أحزابهم الكبرى، وآخرين يسمّيهم أركان الطوائف الأخرى، استكمالاً لحصص هؤلاء على حساب التمثيل المسيحي الحكومي الصحيح.
ويرى صفير، كما ينقل عنه زوّاره، أن العلة تكمن في قانون الانتخاب الذي أجريت على أساسه الانتخابات النيابية الأخيرة، علماً أن هذا القانون مثّل هاجساً واضحاً في أدبيات بكركي منذ عام 1992، وصولاً الى الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأساقفة في 12 أيار 2005، يوم رفض قانون عام 2000، وختم بيانه بالمقولة الشهيرة «ولقد أعذر من أنذر». والجدير بالذكر أن صفير كان قد استبق هذا الاجتماع بكلام أشد صراحة: «لقد أعطانا الدستور 64 مقعداً، ونحن نريد أن ننتخب 64 مقعداً».
وتشير المعلومات الى تنسيق كبير قائم الآن بين بكركي والرابية وبنشعي بقصد ضمّ بند القانون الانتخابي الى مشروع التسوية المتداول اليوم. وفيما رأى فريق 14 آذار أن هذه الوجهة تدل على رفض القوى الفاعلة مسيحياً لما هو مطروح، فإن العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية أكّدا أن الأمر لا يتّصل بموقف سلبي من مشروع التسوية، بل هناك تأكيد أن التسوية في حال حصولها لن «تغصّ» بالقانون، وذهب فرنجية الى القول لـ“الأخبار”: “إن أي تسوية لا تتضمّن القانون الانتخابي لن تكون تسوية”.
وأضاف الوزير فرنجية إن قانون الانتخابات الأصح هو الذي يقوم على أساس القضاء، بما يؤمّن صحة التمثيل لكل اللبنانيين. ونحن نؤيد إجراء انتخابات رئاسية في موعدها، ونرشح كتيار المردة العماد عون لهذا المنصب، لكونه يمثل الأكثرية الشعبية في الشارع المسيحي”.
أما العماد عون فأكد أنّ الاقتراح واضح لجهة وضع آلية تقول بأنّ اللجان التي ستدرس الملاحظات على ملف المحكمة الدولية، وتدرس تأليف الحكومة الجديدة، يمكنها أن تدرس القانون الانتخابي وتعدّه ليكون جاهزاً للإقرار كسائر الأمور في الحكومة العتيدة، وتالياً في المجلس النيابي.
وبحسب مصدر واسع الاطلاع، فإنّ توافقاً أولياً تم بين عون وفرنجية مع بكركي لدعم العودة الى قانون القضاء، وثمّة تفهّم من جانب حزب الله لهذا المطلب، فيما تدعم قوى كثيرة في المعارضة هذا الاقتراح، بما في ذلك الرئيس بري الذي لم يقل موقفه النهائي بعد، لكونه يربط الأمر بمسائل أخرى.
واذا كانت آلية التشاور قائمة من دون توقف بين قوى المعارضة كافة، فإنّ اللافت ما قاله فرنجية لـ“الأخبار” الذي نقل عن عون تفهّمه له، وفيه: “اذا لم يُحسم موضوع قانون الانتخابات، فإنّ الجميع سوف يخسرنا. وأمام الحلفاء في المعارضة مسؤولية تاريخية في هذا المجال”.