• قدّم أول من أمس رئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج براميرتس التقرير السابع للجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري الى الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، في نيويورك

  • مفجّر موكب الحريري نشأ في المدينة وحضر الى لبنان قبل 3 أشهر من وقوع الجريمة

  • لم تتمكّن اللجنة من تحديد آلية التفجير في جريمة عين علق ولم تتلقّ بعد التقارير المخبرية

  • سوريا تتعاون مع طلبات اللجنة وكذلك الدول العشر التي لم تتعاون سابقاً


    التقرير السابع للجنة التحقيق الدولية الذي سيناقش مجلس الأمن مضمونه الأسبوع المقبل يتضمّن العديد من الفقرات التي تشير الى تقدّم ملحوظ والتزام بمنهجية علمية دقيقة في أعمال التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري كما في التحقيقات في الجرائم الـ14 وجريمة اغتيال الوزير بيار جميّل وانفجاري عين علق. وحسم التقرير بعض المسائل بينما قدّم فرضيات جديدة يُعمل على التدقيق فيها، بينما لم تحسم اللجنة ما إذا حصلت عملية عبث في مسرح جريمة اغتيال الحريري وما إذا كان سوء إدارته بدوافع جرمية. ومن جهة أخرى انحسر عدد فرضيات دوافع اغتيال الرئيس الحريري بعد تركيز عمل اللجنة على التقصّي بشأنها ودراستها، إذ غاب ذكر بنك المدينة والدوافع الشخصية ورجّحت دوافع سياسية ودوافع تتعلّق بالأعمال. وركّزت تحقيقات اللجنة على الأشهر الـ15 التي سبقت اغتيال الحريري وتبيّن لها أن مساعي دولية ومحلّية كانت تبذل من أجل خفض مستوى التوتر بينه وبين آخرين في الساحة السياسية، تخلّلها حوار مع أشخاص سوريين ولبنانيين. وفي موازاة ذلك كانت التحضيرات لعملية اغتياله قائمة. وذكر التقرير أن اللجنة تقوم بتحقيقات في الجرائم الاخرى التي وزعها التقرير كالآتي: ستة استهدفت أشخاصاً معيّنين، وثمانية استهدفت مواطنين ومصالح خاصة وعامّة، إضافة الى جريمة اغتيال الوزير بيار الجميل وجريمة عين علق اللتين خصّص لهما التقرير بابين منفصلين. وتركّزت أعمال التحقيق في هذه الجرائم على رفع العينات المجهرية والدلائل الجنائية من مسارح الجرائم وتحليلها مخبرياً، واستجوبت اللجنة شهوداً ورسمت «سكيتشات» تقريبية لمشتبه فيهم. وقال التقرير إن اللجنة تعاني نقصاً في أعضاء فريق التدقيق اللغوي والترجمة. وأفاد التقرير أيضاً أن اللجنة تعمل في ظلّ وضع أمني غير مستقرّ في لبنان وجواره.

    التقرير السابع للجنة التحقيق الدولية المستقلة التي أنشئت بموجب قرارات مجلس الأمن رقم 1595 (2005)، 1636 (2005)، 1644 (2005) و1686 (2006).

    ملخص

    طلب مجلس الأمن، بموجب القرار رقم 1644 (2005) الصادر في 15 كانون الاول (ديسمبر) 2005 من لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة تقديم تقريرها عن سير عملها للمجلس، بما فيه تعاون السلطات السورية، كل ثلاثة أشهر.
    يلخص الملحق المرفق التقدم الذي أحرزته اللجنة في نشاطاتها التحقيقية منذ آخر تقرير قدّم إلى المجلس في 12 كانون الأول (ديسمبر) 2006. خلال فترة التحقيق، ركّزت اللجنة تحقيقاتها على هدفها الأول في التحقيق بقضية مقتل الحريري وقدّمت المساعدة التقنية للسلطات اللبنانية في 16 قضية أخرى منها قضية اغتيال بيار جميل، إضافة إلى قضية تفجيرات عين علق الأخيرة في شباط (فبراير) 2007.
    في قضية الحريري، أحرزت اللجنة تقدماً في جمع أدلة جديدة وتعزيز الأدلة التي جمعت. سمح هذا للجنة بتقليص عدد المساحات التي تركز عليها خلال فترة التحقيق، وبخاصة تلك المتعلقة بتحديد الحافز وراء تنفيذ العملية.
    تستمر اللجنة في العمل عن قرب مع السلطات اللبنانية في جميع القضايا المتصلة بعملها. وتستمر اللجنة أيضاً في تلقي الإجابات على طلباتها من دول أخرى منها الجمهورية العربية السورية. ويبقى هذا التعاون جزءاً مهماً من عمل اللجنة.
    منذ التقرير الأخير، بقي الجو السياسي والأمني في لبنان وحوله غير مستقر. وتستمر اللجنة في مراقبة الحالة السياسية في المنطقة وتأثيرها المحتمل على تحقيقاتها وطلباتها بشأن الحصول على الحماية.
    في ضوء النشاطات التحقيقية الحالية والمخطط لها، من غير المحتمل أن تنهي اللجنة عملها قبل انتهاء مدة عملها في حزيران (يونيو) 2007. لذا، ترحب اللجنة بطلب تمديد فترة عملها لما بعد هذا التاريخ.

    I. المقدمة


    1. يقدم هذا التقرير بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1644 (2005) الصادر في 15 كانون الأول (ديسمبر) 2005، والذي طلب مجلس الأمن بموجبه من لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة («اللجنة») تقديم تقرير للمجلس كل ثلاثة أشهر عن سير تحقيقاتها، وعن التعاون الدولي ومنه تعاون السلطات السورية
    2. يقدم هذا التقرير، وهو السابع للجنة والأول خلال عام 2007، تحديثاً للقضايا المتناولة في التقارير السابقة المقدمة إلى المجلس ويشير إلى تطور العمل في اللجنة منذ التقرير الأخير الصادر في 12 كانون الأول (ديسمبر) 2006 (s/2006/962). مثلما أشير في التقارير السابقة، تبقى اللجنة متنبهة لالتزام حماية سرية التحقيقات لضمان صدقية العملية القانونية وحماية الذين تعاونوا مع اللجنة. وقد تم اتخاذ هذا القرار بالتوافق الكامل مع السلطات القضائية اللبنانية. من هذا المنطلق، يقدم التقرير الحالي نظرة عامة على النشاطات التي تمّت خلال فترة التحقيق أكثر منه عرضًا منفصلاً للتحقيقات المستمرة.
    3. منذ التقرير الأخير، بقيت البيئة الأمنية في لبنان وحوله غير مستقرة، مثلما أظهرت تفجيرات حافلتين في بلدة عين علق القريبة من بيروت، والتي أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص وجرح 20 آخرين في 13 شباط (فبراير) 2007. إضافة إلى ذلك، تبقى النقاشات حول إنشاء محكمة خاصة بلبنان على قمة الأجندة السياسية في لبنان والمنطقة. لذا تستمر اللجنة بمراقبة هذه القضايا لدراسة تأثيرها المحتمل على نشاطاتها التحقيقية وما تتطلبه من حماية لها.
    4. مثلما في السابق، تبقى اللجنة على علاقة عمل وثيقة بالسلطات اللبنانية بشأن جميع القضايا المتعلقة بعملها. خلال فترة التحقيق، تلقت اللجنة أيضاً مساعدة شاملة أتت في الوقت المناسب من عدة دول أخرى في مجالات عديدة. وتستمر اللجنة بتلقي الإجابات من الجمهورية العربية السورية التي تقدم المعلومات وتسهّل مقابلة أفراد موجودين على الأراضي السورية. يبقى هذا التعاون جزءاً مهماً من عمل اللجنة.
    5. استمرت اللجنة في التركيز على هدفها الأساسي: التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري و22 شخصاً غيره. وقد أحرزت تقدماً في جمع أدلة جديدة وتعزيز الأدلة التي جمعت. وقد فعلت ذلك لتعزيز التحقيق في القضية والمعلومات الموجودة، وسمحت هذه المقاربة للجنة بتحديد تركيزها في عدة مجالات، وبخاصة تلك المتعلقة بفهم الحافز وراء تنفيذ الجريمة.
    6. بناء على طلبات مجلس الأمن، كانت اللجنة تقدم المساعدة التقنية إلى السلطات اللبنانية في 14 قضية أخرى، وقضية اغتيال الوزير بيار الجميل، وأخيراً، قضية تفجيرات عين علق. بذلك، تكون اللجنة قد سعت إلى تحديد مجالات العمل حيث يمكنها أن تكون ذات فائدة في التحقيقات، مع توسيع موارد المناسبة للوصول إلى النتائج المطلوبة. ويبقى الهدف تقديم المساعدة في كل قضية على حدة، مع تحديد علاقات محتملة بينها.
    7. يستمر البرنامج الجنائي للجنة بتشكيل عنصر مهم في التحقيق بكل القضايا. وتم أيضاً تعزيز الأدلة من خلال العمل الجنائي خلال فترة التحقيق، وبدأ العمل بمهمات جديدة. وقدّمت اللجنة مقاييس لبناء القدرات الداخلية والخارجية لإدارة المشاريع المعقدة والمتعلقة بعلم الجنايات.
    8. تنوي اللجنة مقارنة عينات الحمض النووي التي جمعت والبصمات التي رفعت، مع قاعدة معلومات ذات صلة، والتي ستسهل الولوج إليها منظمة لتعزيز القانون الدولي. وتطور اللجنة قاعدة بياناتها الخاصة لعينات الحمض النووي وتستمر في العمل مع السلطات اللبنانية وخبراء أجانب لاستخدام مواد جديدة وإجراء تحاليل إضافية عند الحاجة.

    II. سير التحقيقات


    9. خلال فترة التحقيق، ركزت اللجنة في تحقيقها في قضية اغتيال الحريري على أهدافها الأساسية ووسعت دائرة المعلومات والأدلة التي جمعت. ولدعم هذه الأهداف، وإضافة إلى العمل العملياتي التي تقوم به، اجرت اللجنة 42 مقابلة متعلقة بقضية اغتيال الحريري خلال فترة التحقيق.
    10. استمر تقديم الدعم التقني للسلطات اللبنانية في القضايا الـ16 الأخرى، بما فيها قضية بيار الجميل وتفجيرات عين علق. وأجرت اللجنة 27 مقابلة إضافة إلى تحقيقات جنائية في ساحات الجرائم، وتولت عملية جمع الأدلة من ساحات الجريمة ودراستها، ووضعت رسوماً لوجوه (مشتبه فيهم) مع شهود، وجمعت أشرطة تسجيل تلفزيوني لدائرة مقفلة لدعم هذه القضايا. ويبقى الهدف الأولي العمل على كّل قضية على حدة، مع بحث عن ادلة لإقامة علاقات محتملة بين القضايا. ويمكن أن تكون العلاقات مزايا الضحايا المستهدفين، الحافز، هدف الهجمات، طريقة تنفيذ العمل، ومنفذي الهجمات.
    11. خلال فترة التحقيق، طوّرت اللجنة وطبّقت خطة أشمل لجمع الأدلة المتعلقة بجميع القضايا الخاضعة للتحقيق حالياً لتعزيز قاعدة الأدلة بالتزامن مع مقابلات. وقد فعلت اللجنة ذلك لتعزيز المحافظة على تصريحات الشهود وضمانها. وهذا ممكن من خلال جمع معلومات وثائقية مثل سجلات حكومية أو سجلات وكالات وطنية، وإدارة جمع الأدلة الجنائية، الأبحاث والتحاليل بما في ذلك تطوير بيانات وقواعد معلومات، تنسيق تحاليل خارجية قام بها خبراء جنائيون على موجودات مسرح الجريمة جمعتها السلطات اللبنانية، الاستفادة المنتظمة من أجهزة التشويش على الاتصالات، تطوير إضافي لتحاليل حجم الاتصالات، تحاليل إضافية لشركات معلومات إلكترونية مهمة وزيادة عدد الشهود ومقدمي المعلومات السريين.
    12. عبر تطبيق هذه المنهجية، تؤمن اللجنة بقدرتها على وضع صورة أكثر تفصيلاً عن الاحداث المتعلقة بالجريمة، وخطوط جديدة، وتصريحات شهود محتملين. وهذا أمر مهم عند التحقيق لجهة العلاقة المحتملة بين الجرائم والمعلومات المتعلقة بها، حيث يمكن أن تتأّثر عملية جمع الحقائق بالموضوعية الفردية أحياناً.
    13. تخصص اللجنة اغلبية وقتها ومواردها لقضية اغتيال الحريري من خلال وضع خطوط لساحة الجريمة وجمع الأدلة المتعلقة بمنفذي العملية، والعلاقة بين القضايا وسياق القضية. وتستوعب اللجنة ضرورة إقامة توازن بين قضية الحريري، وتقديم المساعدة في القضايا الـ14 الأخرى، وقضية اغتيال الجميل وقضية تفجيرات عين علق. هذه عملية متغيرة مع الوقت، لكن اللجنة تعمل جاهدة للاستفادة من الاساليب التي تضيف القيمة الأكبر إلى جميع القضايا عبر الاستفادة بأفضل الطرق من الموارد المتوفرة.

    أ‌. التحقيق في قضية الحريري


    1. ساحة الجريمة والمواضيع المتعلقة بها

    أ-خصائص المتفجرة ـــ التحليل المعتمد على علم الزلازل
    14. تستمر تحاليل المعلومات التي جمعت من خلال علم الزلازل والهزات الأرضية التي سجلها المركز الوطني اللبناني لعلم الفيزياء الأرضية في 14 شباط (فبراير) 2005 ويهدف إلى وضع خصائص الانفجار الذي قتل الحريري. ويعزز التقرير الأولي الذي تلقته اللجنة من خبراء خارجيين تقويمات اللجنة السابقة بأن التفجير الوحيد ووقت التفجير المحدد وقع في تمام الساعة 12:55:05.
    15.وقد تم شرح ظاهرة سماع أكثر من تفجير من عدة شهود، بطريقة علمية ومرضية. في الواقع، يمكن تقسيم التفجير إلى ثلاث مراحل منفصلة على أجهزة رصد الزلازل، بسبب تفاوت سرعة ثلاث موجات مختلفة: الموجات الأولية والثانوية، الموجات السطحية والموجات الصوتية. عن بعد كاف من الانفجار، يمكن الظن خطأ أن هذه الموجات ناتجة من أكثر من انفجار. وتؤكد التسجيلات الصوتية التي جمعت خلال اختبارات قياس الانفجارات هذه الشروح النظرية
    16. سيضم التقرير الأخير عن خصائص الانفجار، والذي سيقدم إلى اللجنة خلال فترة التحقيق التالية، تقويما لقوة الانفجار، إضافة إلى تحليل نسبي للتفجيرات الأخرى التي وقعت في لبنان.

    ب‌. خصائص التفجير ـــ اختبارات قياس الانفجار

    17. يؤكد تحليل اختبارات قوة الانفجار الاستنتاجات السابقة القائلة بأن الظواهر الحسية التي شوهدت في ساحة الجريمة تتناسب تماماً مع انفجار حصل فوق الأرض. فمثلاً، حجم النيران، وبقايا الكربون على واجهات الفنادق، والأذى الذي لحق بالمباني المجاورة بسبب الانفجار، لا تتلاءم مع انفجار حصل تحت الأرض.
    18- اضافة الى ذلك ستقوم اللجنة بتحليل وتشريح تقارير الجرحى والمصابين وربطها بصور الضحايا لفحص الجروح الناتجة من الانفجار على المستوى الأول (مثلاً: وجود اضرار في الرئة او اضرار في طبلة الأذن) وعلى المستوى الثاني (تطاير الشظايا) مرتبطة بانفجار حصل فوق سطح الأرض. إن تحليلاً أولياً للمعلومات سيعزّز فرضية أن الانفجار حصل فوق سطح الأرض. وهذه الدلائل يتمّ التأكد منها بواسطة الظواهر الرقمية.

    ج‌
    - نظرية التفجير من الجوّ

    19- إنّ صحّة نظرية تفجير العبوة من الجوّ، التي وضعت أمام اللجنة في آب 2006، لا تزال قيد الدرس. تتبع اللجنة تحليلاً علمياً وفنّياً واستقصائياً لتفسير فرضية أن تكون العبوة قد فجّرت بهذه الطريقة. والنتائج الأولية تشير الى عدم صحّة مثل هذه الفرضية. وتنوي اللجنة أن تقوم بمهمة استقصائية تتضمن مقابلات ولقاءات مع اختصاصيين بهذا الشأن بهدف تطوير فهم هذا الاحتمال، وستتوصل الى خلاصات في فترة التحقيق اللاحقة.

    د- المعاينة الجنائية لموجودات ساحة الجريمة

    20- كما أعلن التقرير المرفوع الى المجلس في السابق، انّ اللجنة استطاعت، وبشكل أوّلي، أن تطابق بين بعض أجزاء آلية وجدت في ساحة الجريمة وأجزاء شاحنة «ميتسوبيشي». وقد تمّ ذلك استنادا الى وثائق ومعلومات تلقّتها اللجنة من اليابان، اضافة الى المعلومات والمستندات التي تمتلكها اللجنة. ان عملية استكمال التطابق بين القطع لا تزال مستمرة وذلك وفقا لمعايير دولية وعندما تستكمل هذه العملية، ستخضع القطع لتعريف رسمي بالتعاون مع اختصاصيين وتقنيين من الخارج.

    ه- مشاريع التصوّر

    21- لقد تمّ تصوير 3 مشاريع بشكل رقمي وأضيف مشروع آخر قيد التنفيذ، وذلك لتمكين الدلائل والحقائق التي تخصّ القضية من أن تسهّل عملية الكشف عن الخطوات اللاحقة التي يمكن أن يتخذها التحقيق. المشروعان الأول والثاني، هما تصوير المدينة وساحة الجريمة من مختلف الجهات والزوايا، طول الطريق التي سلكها موكب الحريري في 14 شباط 2005، وذلك باستخدام صور بانورامية وثلاثية الأبعاد من قمر صناعي. والمشروع الثالث يكوّن تصوّر واعادة تركيب الأجزاء الزمنية لمجريات اليوم الأخير للحريري، بما في ذلك مجموعة الاتصالات التي أجراها فريق التفجير طوال تقدّم موكب الحريري على الطريق. أما المشروع الرابع فيقضي بانشاء نماذج سيسمح لمستخدميه بـ «السير» في مسرح الجريمة مُظهراً المواقع الدقيقة التي عُثر فيها على الأدلّة التي أخذت من مسرح الجريمة.
    22- إن المحاور التي تمّ وضعها في النماذج تتضمن الرسم البياني والمسالك والمحطات الأخيرة للدلائل البيولوجية والفيزيائية، واعادة تركيب الأحداث، والرسم المتحرك لشاحنة الميتسوبيشي وآليات الموكب عند وصولها الى مسرح الجريم، اضافة الى الأضرار التي نجمت عن الانفجار، المعلومات التي أدلى بها الشهود، بعض تسجيلات الفيديو من نظام سي.سي.تي.في التابع لكاميرا فرع مصرف HSBC المجاور لمكان الحدث، ومعلومات عن اختبار التفجيرات.

    و- الأصول الجغرافية لقاذف القنبلة

    23- إن المشروع الذي يهدف الى كشف الأصول الجغرافية لقاذف القنبلة، طُوّر بطريقتين. الطريقة الأولى، تستند الى استخدام فريق من الخبراء تحاليل احصائية لترددات مبنية على ملخّص للحمض النووي الخاص بـ33 قطعة من الأشلاء البشرية التي جُمعت من ساحة الجريمة.
    هذه الأشلاء يرجّح أن تخصّ الشخص الذي قام بالتفجير وسيتمّ مقارنتها بتحاليل الترددات التي ستقدّمها مختلف الدول. هذا العمل يمكن أن يقدم احتمالاً مفترضاً عن مكان وجود الشخص المزعوم أنه قام بالتفجير.
    24- الطريقة الثانية تركّز على المعلومات الموحّدة. في تقرير اللجنة السابق، أظهرت نتائج المرحلة الأولى من التحليل أنّ الشخص المزعوم لم يمض حياته في لبنان، لكنه أمضى آخر شهرين أو ثلاثة أشهر فيه قبل وفاته. وتستطيع اللجنة أن تضيف الآن إنّ هذا الشخص قد عاش في بيئة شديدة التلوّث لغاية عمر الـ12 سنة وفي بيئة أقلّ تلوّثا خلال سنواته العشر الأخيرة، هذا ما يدلّ على انه عاش الفترة الأخيرة من عمره في محيط ريفي.
    25- وبهدف التقدّم في هذا الخطّ من التحليل، جمعت اللجنة عيّنات بلغ عددها 112 عيّنة من 28 موقع في سوريا ولبنان. وخلال الأسابيع المقبلة ستقوم اللجنة بجمع عيّنات من 3 بلدان اخرى من المنطقة وعيّنات اخرى لمجموعة اخرى من المهمات البحثية.
    26- كما ورد في التقرير السابق، تسعى اللجنة الى أن تكون النتائج واضحة ومفهومة ومفسّرة بشكل جيّد. وستتعامل اللجنة مع النتائج المستقبلية كمعلومات جنائية سيتمّ استخدامها بشكل مبدئي للتوصل الى نتيجة في التحقيق.

    ز- التحقيقات الجارية لمسرح الجريمة

    27- إن النتائج الأولية للفحوص التي اجريت على التأثيرات الشخصية لاحدى الضحايا المكتشفة في ساحة الجريمة في حزيران 2006، قد ساهمت في حلّ بعض الأسئلة العالقة، لكن التحقيقات ستتواصل لإنهاء هذه المسألة في المستقبل القريب.
    28- إن مسألة وجود الضحيّة المقتولة في مسرح الجريمة، التي وجدت في مكان يحميها نسبيا من الانفجار، يُستكمل التحقيق فيها. وستؤخذ بعض المعلومات التوثيقية وستترجم بعض التحليلات قبل اتخاذ اي قرار يتعلّق بهذه الضحية ضمن سياق التحقيق.
    29- إن مسألة افتراض طمس معالم ساحة الجريمة واخفاء الدلائل والتعتيم على التحقيق لا تزال قيد التحقيق ايضاً. وستقوم اللجنة بتحليلات اخرى وخطوات استقصائية لمعرفة اذا ما كانت هذه الأفعال قد نفّذت عمداً وبقصد ام لا.
    30- تمّ استجواب عدد من الشهود للفترة التي سبقت التفجير وقد قادت تحليلات شهادات الشهود العيان والمخابرات الهاتفية واكتساب بعض العينّنات الاضافية الى نتائج قد تمثّل دلائل في التحقيق.
    31- لا تزال التحقيقات جارية في مسألة كيفية وصول شاحنة الميتسوبيشي وكيفية التحضير لتزويدها بالمتفجرات. وقد حصلت اللجنة على مجموعة من المعلومات الجديدة المتعلقة بهذه المسألة، وأكثرمن 500 صفحة تحتوي على معلومات ترى اللجنة أن ترجمتها وتحليلها من الأولويات. توسّع اللجنة الآن آخر المعلومات التي تتعلّق بالشاحنة، وتحقق في تاريخها حتى في المرحلة التي سبقت وصولها الى لبنان.
    32- لا تزال اللجنة تعمل على رسم الطريق الذي سلكته شاحنة الميتسوبيشي منذ استقدامها الى المكان قبيل حصول التفجير حتى وصولها الى اوتيل السان جورج وصولا الى هدفها الأخير في 14 شباط 2005.
    33- توصّلت اللجنة الى حلّ الافتراض القائل بأنه كانت هناك سيارة حمراء مركونة خارج السان جورج بهدف تأمين مكان لشاحنة الميتسوبيشي قبل وصولها الى مكان الجريمة. وكان من المزعوم أنّ هذه السيارة قد غادرت المكان لتأتي الميتسوبيشي وتركن مكانها. وقد دلّت بعض الصور للمكان مباشرة بعد حصول الانفجار واستناداً الى تصريحات بعض الشهود العيان، أن السيارة الحمراء كانت متوقفة على بعد نحو 15 متراً من مكان وفوع الحفرة. إن النتائج التي توصّلت اليها اللجنة على هذا الصعيد ومستوى المعلومات التي بنيت الخلاصات على ضوئها، تبيّن أنه ليس هناك من رابط او علاقة مباشرة بين السيارة الحمراء ووصول شاحنة الميتسوبيشي.

    2 الأشخاص المتورّطون بارتكاب الجريمة


    أ‌- اتصالات

    34- تستكمل اللجنة تحليل الاتصالات الهاتفية بهدف دعم وتأكيد بعض النقاط التي توصّل اليها التحقيق. ومعظم العمل اقيم بهدف تدعيم الاستجوابات وذلك من حيث الاتصالات المتتالية بالأشخاص ذوي الصلة لمناقشتها مع الشهود. وقد تمّ التركيز على تحليل تردّدات موجات الاتصالات الهاتفية وتوقيتها وباتت الروابط والصلات بين الاتصالات واضحة بالنسبة إلى التحقيق.
    35- في العلاقة بين خطوط الهاتف الخلوية الستة بطاقات السيم SIM CARDS المزعوم أنها استعملت من جانب الفريق الذي نفّذ التفجير يوم 14 شباط 2005، توصّلت اللجنة الى بعض الاستنتاجات المرتبطة بما قبل حصول التفجير من احتمال مراقبة ومعرفة التحرّك الى بعض التمارين على الاغتيال ومحاولات الاغتيال وأعمال اخرى نفّذها الفريق. وقد تبلورت آفاق جديدة للتحقيق في هذا المجال يجري حاليا تحليلها بشكل مفصّل.
    36- وقد باشرت اللجنة التحقيق في دور الأشخاص الذين استخدموا الخطوط الهاتفية الستة SIM cards وبعض النشاطات التي كانوا يقومون بها والتي تتصل بهدف استخدامها. وهذه التحليلات ترتكز على دراسة مجموعة الاتصالات التي اجريت من تلك الخطوط الهاتفية. وقد تمّ التوصل الى 4 استنتاجات: الأول، اعادة تأكيد النظرية القائلة بأن تلك الخطوط الهاتفية قد استعملت فعلا من جانب الفريق الذي نفّذ الجريمة، الثاني، التأكد من امكان استخدام هذا الفريق طرق اتصالات اخرى للتنسيق فيما بينهم او للاتصال بأشخاص آخرين بغية التوصل لتنفيذ الجريمة، الثالث، السماح للجنة بتكوين فهم اوضح وأدق لكيفية حصول جريمة 14 شباط، وأخيراً لمعرفة ما هي النشاطات الأخرى التي كان الفريق المرتكب للجريمة يقوم بها، والى اي بلدان ومناطق سافر ولأي اسباب، في الفترة التي سبقت ارتكاب الجريمة.
    37- يسمح هذا التحليل الشامل للجنة بالتوصل الى فهم افضل للفريق الذي قام بالتفجير ومعرفة دوره في تنفيذ الجريمة إضافةً إلى نشاطاته الأخرى. وهذا يخلق بدوره مزيداً من خيوط التحقيق الجغرافية والزمنية واكتشاف انشطة بعض الافراد خارج الفريق الذي قام بعملية التفجير، الذين تعتقد اللجنة أنهم استعملوا البطاقات الخلوية الست.
    38- هذا الفحص المفصل لانشطه البطاقات الخلوية الست كشف عدداً من العناصر المهمة التي من شأنها أن تساعد على استكمال التحقيق. وهذه العناصر تشمل، على سبيل المثال لا الحصر: امكان تحديد دور كل مشارك في التحضير، والتخطيط والمراقبة وتنفيذ الهجوم؛ إضافةً لقيام هذا الفريق بتعقّب تحركات ونشاطات الحريري، وإمكان إعداده لمحاولة اغتياله في محاولات سابقة.
    39- من المفترض أن يكون الفريق قد تأكد من وفاة الحريري بعد التفجير ليحظى الشريط، الذي بث لاحقاً عن مسؤولية العملية، بصدى لدى الجمهور المقصود. ومن الممكن أنّ الفريق والمسؤولين عن تنفيذ العملية ما كانوا ليعرضوا الشريط الذي يدّعي المسؤولية لو نجا الحريري من التفجير. ولذلك فان اللجنة تدرس فرضية ان واحداً او اكثر من اعضاء الفريق، أو شريكاً، كلّفوا بالتأكد من وفاة الهدف الرئيسى فى اقرب وقت ممكن ليتواصلوا بعدها مع شخص آخر كان بانتظار النبأ. واستناداً الى المعلومات الموجودة فإنّ الاطار الزمني للنشاط كان تقريبا في حدود 45 دقيقة من الانفجار.
    40- هذا بدوره يقود إلى الربط بين سلسلة من الاحداث المتعلقة بالشريط المسجّل والمكالمات الهاتفية اللاحقة بمؤسسات إعلامية. وتبحث اللجنة فرضية أن مسؤولية فرد أو أفراد من الفريق كانت تنحصر بتسليم الشريط، وإجراء هذه المكالمات الهاتفية بوسائل الإعلام. تغييرات اخرى على هذه الفرضيه يجري استكشافها بهدف تحديد عدد المحضّرين الذين قد يكونون متورطين في يوم الهجوم.

    ب - أحمد أبو عدس

    41- خلال فترة التحقيق، تطوّرت التحليلات لمعرفة كيفية اختيار أحمد ابو عدس ليظهر في الشريط المسجّل، ومعرفة من كان وراء تورّطه في هذا الفعل، ومتى وأين تمّ ذلك. فرضية معقولة يمكن الاعتماد عليها ترى أنه تم اختياره لشخصيته وسمات أخرى خاصة به. ومن المحتمل ان الرابط والعلاقة مع فرد او اكثر اجتمع به أو بهم في مكان العبادة، دفعتاه الى مغادرة منزله في 16 كانون الثاني 2005 لأسباب لم تعرف بعد.
    42- وتدرك اللجنة ان احمد ابو عدس كان على صلة بأفراد مرتبطين بمجموعات متطرفة، على الاقل لأنهم كانوا يحضرون إلى أماكن العبادة ذاتها التي كان يتردد إليها بانتظام لتأدية فروض الصلاة. وأجرت اللجنة ايضاً تحليلاً مستفيضاً لحركة الاتصالات والسجلات المرتبطة بأحمد ابو عدس، بما في ذلك تحليل الاتصالات الهاتفية في منزله ومكان عمله وخطوط شركائه المزعومين.
    43ـ إحدى الفرضيات التي يعمل بها هي أن أحمد أبو عدس قد أجبر أو خدع لتسجيل شريط ادّعاء المسؤولية. الادّعاء الذي قرأه على الشريط أعدّ لمصلحة جماعة، وأحمد أبو عدس نفسه لم يصرّح أنه هو الذي سيقوم بتنفيذ العملية. بالنسبة لإنتاج شريط التسجيل، يجدر الذكر أن أقاربه ومن عرفه قبل اختفائه صرّحوا أن مظهره في التسجيل يختلف عما كان عليه قبل 16 كانون الثاني 2005. فقد ظهر للبعض أنه أنحف من السابق؛ لحيته قد ازدادت طولاً بشكل لافت، ما يدلّ على أنه، على الأغلب، قام بتسجيل الشريط المصوّر قرابة نهاية فترة ما يقارب الأربعة أسابيع التي تفصل ما بين تاريخ اختفائه و14 شباط 2005. لباسه أيضاًً اختلف عن نمطه المعتاد، فكان يرتدي غطاء رأس ولباساً لم يره عليه أحد من أصدقائه وأقاربه من قبل.
    44ـ كان من اهتمامات التحقيق وجود، بتاريخ 14 شباط 2005، بيان مرفق بالشريط المصوّر يفيد أن المفجّر هو بالفعل أحمد أبو عدس. اللجنة تعتقد، بالاستناد الى اكتشافاتها الجنائية، أن هذا الأمر مستبعد جداً. إحدى الفرضيات التي يعمل بها هي أن الشريط والبيان قد يكونان صمّما للتضليل. فرضية أخرى يعمل بها، هي أنه في الوقت الذي قد تكون منظمة متطرفة متورطة جزئياً بارتكاب الجريمة كما يدل الشريط والبيان، هذه المنظمة هي فعلياً مستغلة من قبل آخرين لهدف آخر ليس له صلة بتطلعاتها التنظيمية.
    45ـ بهذه الطريقة، تتابع اللجنة التحقيق بالاحتمالات المتعددة المتعلقة بالمنظمة التي نفذت الجريمة. حصلت اللجنة على معلومات تتعلق بأفراد قد عملوا في لبنان وخارجه والذين قد يكونون متورطين بإنتاج شريط أبو عدس، ومشتركين في الهجوم على رفيق الحريري في أكثر من سياق. في ما يتعلق بهذه المعلومات، باشرت اللجنة العمل على عدد من المهمات خارج لبنان وأجرت 23 مقابلة حتى تاريخه، وبحثت في أكثر من 200جيغابيت من البيانات في عدد كبير من الحواسيب، معدات USB وأقراص مدمّجة وهواتف خلوية وبطاقات تشغيل الهاتف الخلوي وحلّلت مجلدات كبيرة من حركة الاتصالات.
    46ـ إحدى الفرضيات التي يعمل بها هي أن عدداً صغيراً من الأفراد المنتسبين لمنظمة أكبر اجتمعوا للعمل على تصوير ادّعاء المسؤولية والحصول على شاحنة الميتسوبيشي وتجهيزها بالمتفجرات. من الممكن أن يكونوا قد شاركوا أيضاً بالعثور على شخص يقوم بتفجير القنبلة، ومن الممكن أيضاً أن يكونوا قد ساهموا بتوصيله والمتفجرة الى ساحة الجريمة.
    47ـ لدى اللجنة عدد من الخطوط التحقيقية تتابعها، بالإضافة الى مقابلات وتحليل حركة اتصالات ومهمات جمع الأدلة الجنائية. وهي أيضاً تنتظر النتيجة النهائية لتحاليل عدد من الأشياء قد تكون على صلة بهذه الفرضية وتتضمن كاميرات فيديو ومعدّاتها وأشرطة وقطع حاسوب وغيرها. هذه الأشياء سلمت للبحث ولتحليل الحمض النووي والبصمات وللتحليل الجنائي الرقمي في فترة التحقيق الأخيرة. حتى تاريخه أخذت 118 عيّنة وسيعمل على تحليلها نووياً والعمل على التحليلات المعمّقة في الحمض النووي (mitochondrial DNA profiling) وقد تم جمع 127 بصمة.

    ج - شخصيات لها معرفة مسبقة بالاعتداء

    48ـ تعتقد اللجنة أن خلف الأشخاص المتورطين مباشرة بالجريمة والأشخاص الذين قرروا وجوب وقوعها، هناك شخصيات أخرى قد يكون لها معرفة مسبقة بالاعتداء. بعض هذه الشخصيات يمكن أن يكون لها معلومات جزئية، على سبيل المثال معلومات عن المتفجرة ولكن ليس عن الشخص المستهدف أو أن الحريري سيقتل، لكن دون العلم بالتاريخ المحدد. تتقصى اللجنة أيضاً عن فرضيات معرفة البعض بكلا التوقيت والهدف وأن يكونوا قد أعلموا لأهداف محددة.
    49ـ تطور اللجنة فرضية أن تكون المرحلة الأخيرة لعمليات اغتيال الحريري قد وضعت في أوائل شهر شباط 2005، بعد تجميع كل المعطيات الضرورية للعملية، التي تتضمن، الحصول على الحافلة وتجهيزها بالمتفجرات وإعدادها للاستخدام؛ تحضير المفجر وتزويده بالمعلومات وتجهيزه للتعبئة؛ الحصول على الحد الأدنى من المعلومات وإتمام المراقبة للتمكن من تنفيذ العملية؛ إعداد فريق التفجير للقيام بالعملية؛ إنجاز شريط أبو عدس المصوّر والتحضير لإرساله بعد نجاح العملية؛ والأهم، بقاء النيّة بأذهان من أمروا بإكمال الجريمة.
    50ـ إحدى الفرضيات التي يعمل بها هي أن فريق التفجير كان يعمل بحدود «نافذة» فرص لشن الهجوم على الحريري، عوضاً عن تحديد يوم معين، نظراً إلى أهمية الهدف والوقت الذي استغرقه في التحضير للعملية. وقد تحسب الفترة الزمنية للتحضير بالأسابيع لا بالأيام.
    51ـ عدلت تحركات بعض الأفراد الذين يعتقد أنهم على صلة بالجريمة بهذه الفترة، في حين بدأ فريق التفجير بالتحركات الأخيرة قبل العملية. اللجنة تتحقق من هذه المعطيات وتكتشف أن مواقف وسلوك وتعليقات أبداها بعض الأشخاص في الفترة التي سبقت الاغتيال قد تكون ذات صلة.

    3ـ دوافع لاغتيال الحريري


    أ‌ - سيرة رفيق الحريري

    52ـ كما ذكر للمجلس في التقارير السابقة، جمعت اللجنة قدراً معتبراً من الأدلة والمعلومات المتعلقة برفيق الحريري خلال الأشهر الخمسة عشر الأخيرة من حياته. الصورة المجمعة معقدة ومتعددة المظاهر وتقدم جزءاً من خلفيات الدوافع خلف قرار اغتياله. هذا الحيز من تحقيقات اللجنة ما زال قائماً ويستبعد إكماله في فترة التحقيق المقبلة نظراً للقدر الكبير من العمل المطلوب.
    53ـ الأمور التالية أحاطت بالحريري في تلك الفترة: صدور القرار 1559 (2004) عن مجلس الأمن والتبعات السياسية لتطبيقه؛ تمديد ولاية الرئيس إميل لحود؛ التجاذبات الشخصية والسياسية القائمة بين الحريري وأحزاب وشخصيات سياسية في لبنان وسوريا ودول أخرى؛ التحضير للانتخابات النيابية التي كانت مقررة في أيار 2005، بالإضافة الى قضايا اقتصادية أخرى كان على صلة بها. لقد تعامل الحريري أحياناً مع كل هذه العوامل المجتمعة بمبادرة شخصية وأحياناً أخرى انطلاقاً من ردات فعل على أحداث في محيطه. تعتقد اللجنة أن من المرجح أن جميع هذه العناصر شكلت بيئة خصبة لولادة الدوافع والنوايا لاغتيال الحريري.
    54. فيما اعتمدت اللجنة في وقت سابق على تركيز موسع في تحقيقها في الحافز المحتمل، شهدت فترة التحقيق الأخيرة تقليصاً محدوداً بشكل كبير لمجموعة التحقيقات المتصلة بنشاطات الحريري السياسية. وتطور اللجنة صورة مفصلة على الواقع وهي تختلف في مادتها عن فهم اللجنة المسبق للأحداث.
    55. من خلال فهم المواضيع الأكثر أهمية، أصبحت حقيقة اعتبار الحريري في موقع هش من وجهة نظر أمنية أكثر وضوحا. لكن هناك إشارات إلى أنه تلقى ضمانات بأنه لن يكون عرضة لهجوم، وأنه بقي واثقاً بذلك أو على الأقل بالنسبة إلى الآخرين، حتى الأيام الأخيرة التي سبقت اغتياله.
    56. تستمر اللجنة في تعزيز نظرية أن التهديدات التي تلقاها الحريري كانت جدية كفاية لاتخاذ تدابير لمحاولة تحسين الوضع، في المؤسسات السياسية اللبنانية وفي المجتمع الدولي.
    57. في الأشهر الأخيرة من حياة الحريري، كان يركز على انتخابات عام 2005. وتعدّ طبيعة نياته بالنظر إلى الانتخابات المخطط لها واحتمال فوزه إضافة إلى علاقاته السياسية والشخصية بأحزاب أخرى وقادتها، ذات أهمية بالغة لعمل اللجنة في هذا الإطار، وخاصة بالنظر إلى الخصومات بين بعض الشخصيات السياسية في ذلك الوقت.
    58. كُشفت مفاوضات خلال تلك الفترة بين الحريري وشخصيات أخرى، منها مرشحون محتملون، وتركز الاهتمام الكبير على مشروع قانون الانتخاب، من ضمنه وضع حدود المناطق الانتخابية في لبنان وبالأخص في بيروت. خلال تلك الفترة، كان الحريري يحاول تسوية موقفه وقد أعلن عنه يوم اغتياله.
    59. تجدر الإشارة إلى أن الحريري قتل يوم كان من المفترض مناقشة مشروع قانون الانتخابات الذي سيتم تطبيقه في الانتخابات التالية، في مجلس النواب. وتدرس اللجنة افتراضية عمل أخرى وهي أن الذين قرروا اغتيال الحريري رأوا أن قتله سيكون مفيدا قبل بدئه بحملته الانتخابية، وخاصة أن وسائل الاعلام في ذلك الوقت كانت ترجح فوزه.
    60. قالت اللجنة إن الحريري عمل على مستويات سياسية وعلمية مختلفة، وظهر ذلك في طبيعة وحجم المعلومات والآراء والمواقف التي ناقشها مع الآخرين. وهذا واضح في المعلومات التي جمعتها اللجنة من بعض أصدقائه ومعارفه ومحاوريه السياسيين ومنافسيه المعروفين.
    61. يعدّ مهماً استمرار اللجنة بمقابلة محاورين سياسيين ودبلوماسيين تعامل معهم الحريري، والأفراد المتورطين بعمليات سياسية ودبلوماسية ذات صلة على عدة مستويات. تتطلع اللجنة إلى متابعة التعاون مع هؤلاء الأفراد، بمن فيهم، مسؤولون حكوميون عند الحاجة، وذلك لضمان إتمام التحقيقات.
    62. تطور اللجنة نظرية العمل القائلة بأنه في الفترة التي سبقت مقتل الحريري مباشرة، كان هو وغيره في الساحة السياسية المحلية والدولية يقومون بخطوات للتخفيف من حدة التوتر القائم بينه وبين غيره على الساحة السياسية. ويبدو أن هذه المبادرات قد ضمت تطوير حوار دبلوماسي وسياسي بين شخصيات سورية ولبنانية وبين الحريري. وأقيم هذا الحوار في وقت سابق عبر قنوات سورية ولبنانية يبدو أنها عززت الإدراك الخاطئ للحقيقة وزادت من تأزم البيئة السياسية المتوترة.
    63. تقول نظرية العمل إن القرار الأولي لقتل الحريري اتخذ قبل بدء المحاولات الأخيرة للتقريب وعلى الأرجح في أوائل كانون الثاني (يناير) 2005. ويؤدي هذا إلى وضع محتمل في الأسابيع الأخيرة التي سبقت مقتله حيث إن هناك مسارين، ليسا بالضرورة متّصلين، كانا متوازيين. في أحد المسارين، كان الحريري موضع مبادرات تقريب من السوريين، فيما المسار الثاني موضع تحضير لاغتياله.

    ب - مجالات تحقيق مهمة أخرى

    64. في إطار أوسع، تستمر اللجنة في البحث عن معلومات لتعزيز وتوسيع رقعة فهمها للبيئة السياسية والأمنية في لبنان خلال الفترة التي سبقت عملية اغتيال الحريري وبعدها. لهذه الغاية، تلقت اللجنة معلومات موثقة ذات معنى من وكالات لبنانية معينة، وتستمر في جمع المزيد من المعلومات، بالاستناد إلى طلبات صارمة ومركزة. وستستمر بطلب وثائق ذات صلة، وتتوقع تعزيز النظرية لضم وكالات إضافية وأنواع أخرى من المعلومات حسبما تدعو الحاجة.
    65. وفي هذا الإطار كذلك، أجرت اللجنة ثلاث مقابلات مع مسؤولين سوريين تتعلق بموقع بعض الوثائق التي أعيدت إلى لبنان مع الانسحاب السوري من عام 2005. بعد هذه المقابلات، قامت اللجنة بمهمتين: جمع المعلومات عن مواقع الوثائق في مكانين بسوريا، والحصول على هذه الوثائق التاريخية التي وضعت خلال فترة محددة، والتي تعدّ ذات أهمية بالنسبة لهدف جمع المعلومات عن السياق العام. وتمت هاتان المهمتان بالاتفاق مع السلطات السورية، وكانت لها نتائج مفيدة ملحوظة في إطار جمع المعلومات الموثقة وحفظها. ومن المتوقع تقديم «طلبات (إضافية) للمساعدة» في هذا الصدد خلال فترة التحقيق التالية.
    66. تستمر اللجنة بتوضيح قضايا تتعلق بأفراد يزعم أنهم شاركوا في عمليات مالية مع رفيق الحريري، وبخاصة التي سبقت 14 شباط (فبراير) 2005 مباشرة. ونطاق هذا التحقيق معقد، وتضمن اللجنة أنه مستمر لسبب واحد هو علاقته بأهداف التحقيق.
    67- إن تركيز اللجنة على توفير المساعدات التقنية للسلطات اللبنانية في مرحلة التحقيق استكملت للربط بين عدد من المشاريع الاستقصائية. وسوف يستمر تقديم هذه المساعدات وتتطور خلال المرحلة المقبلة. إن التحليل الزلزالي ((Seismological في الجرائم الأربع عشرة يتم عبر خبراء خارجيين، كما إن اللجنة تتوقع أن تحصل على نتائج قبل انتهاء فترة التحقيق المقبلة.

    أ‌- الهجمات الست المحددة الأهداف

    68- وقد أجرت اللجنة 17 مقابلة في خصوص الهجمات المحددة الأهداف خلال فترة التحقيق، كما إنها اختتمت مقابلاتها مع الضحايا الأحياء في الهجمات الست، بالإضافة إلى أقرباء الضحايا وأصدقائهم المقربين. إن الهدف الأساسي من هذه المقابلات هو رصد حركة الضحايا في أيامهم الأخيرة؛ لتحديد حوافز الهجمات المحتملة؛ ولفهم التدابير الأمنية للضحايا في حال تواجد أي منها؛ وللتحقق ما إذا كانوا تحت المراقبة؛ ولتحديد أي تهديد أو تأمين قد تلقوه. لقد كشفت هذه المقابلات عن خيوط عديدة سوف تستكمل في الأسابيع والأشهر المقبلة.
    69- لقد أنهت اللجنة أيضاً عدداً من التحقيقات التحليلية الداخلية المتعلقة بملفات السلطات اللبنانية عن الهجمات الست، وقدمت 12 طلب مساعدة. لقد أجرت اللجنة تحليلاً لحركة الاتصالات، لدعم مقابلات أخرى متعلقة بعدد من القضايا. وتتابع التحقق في مدى ترابط الاتصالات المتعلقة في طريقة تنفيذ الهجمات، وفي النقاط المشتركة بين هذه الملفات. هذا العمل سيستكمل في المرحلة المقبلة من التحقيق، كما إن اللجنة ستقوم بتحليل قطع الموجودات في ساحة كل جريمة، بما يضمن البقايا المحتملة من جهاز التفجير الارتجالي، والمواد الأخرى المؤكد علاقتها بمسرح الجريمة. وفي موازاة هذا التحليل، سوف يتم تقويم طريقة التنفيذ المستخدمة من قبل واضعي التفجيرات لكي يتم تطوير فهم اللجنة للعناصر المشتركة بين الهجمات.
    70- إن اللجنة في صدد تحديد أولوية وترجمة عدد من التقارير الجنائية المقدمة من السلطات اللبنانية حول مسرح الجريمة، التي ستخضع لتحاليل إضافية من قبل فريق خارجي يضم خبراء جنائيين. إن اللجنة ستتحقق من كافة الوثائق والمواد الجنائية الموجودة بحوزة السلطات اللبنانية، وستقدم جردة عن قطع الموجودات والوثائق في مسرح الجريمة، وستجري تحقيقات جنائية إضافية في المعلومات والموجودات.
    71- لقد طلبت اللجنة من السلطات اللبنانية تسهيل التحقيق في سيارات الضحايا، وأخرى احتوت على أجهزة التفجير الارتجالي التي استعملت في الهجمات. أجرت اللجنة تحقيقات تمهيدية للسيارات المتاحة والتي خضعت للفحص من قبل فريق مستقدم يضم خبراء جنائيين، من أجل كشف معالم الخيوط المتعلقة بتنفيذ هذه الجرائم واحتمال ربطها بهجمات أخرى. لقد تم أخذ عدد من الموجودات والرواسب الإضافية من قبل الخبراء لإخضاعها لمزيد من الفحوص الجنائية.
    72- لقد حصلت اللجنة أخيراً على مسودة تقرير من خبراء جنائيين مستقدمين عاينوا مسرح جريمة اغتيال جبران تويني، بالإضافة الى 32 قطعة من موجودات مسرح الجريمة كانت قد استعيدت مسبقاً من السلطات اللبنانية، وقد جمع هؤلاء الخبراء وفحصوا 190 قطعة إضافية.
    73- لقد أكد الخبراء أن كمية من المواد الشديدة الانفجار قد استخدمت في الاعتداء على تويني، وأن جهاز التفجير الارتجالي وضع في سيارة رينو رابيد. وتم تفعيل المتفجرة بمجرد أن قاد تويني سيارته الرانج روفر. تعتقد اللجنة انه على الارجح تم تشغيل جهاز التفجير الارتجالي عبر جهاز تحكم عن بعد. وتستبعد اللجنة استخدام تفجير مؤقت وذلك لأنه لم يتم مسبقاً معرفة متى سيمر تويني بجانب جهاز التفجير الارتجالي تحديداً. كما استبعدت اللجنة ان يكون التفجير انتحارياً لأنها لم تجد بقايا بشرية في ساحة الجريمة غير تلك التي تعود لضحايا هذا الاعتداء.
    74- كما وجد الخبراء أن الاعتداء على تويني حصل في مكان ملائم لزرع متفجرة. تم وضع العبوة في طريق ضيق على امتداد جسر جبلي يمكن رؤيته بوضوح من الناحية المقابلة لمسرح الجريمة. إن هذا الموقع الذي اختير يوفر رؤية واضحة وغير محجوبة للسيارة التي وضع فيها جهاز التفجير، وبهذا وفّرت موقعاً فعّالاً لتشغيل الجهاز عن بعد
    75- في قضية المر، نسقت اللجنة مع رسام تخطيطي من الضابطة العدلية الدولية لتقديم رسم تشبيهي لشخصين أثارت تصرفاتهما شكوكاً أثناء التفجير. في هذه المرحلة لا تعتقد اللجنة ان الرسوم التشبيهية تتطابق مع الشخص المشتبه فيه.

    ب- التفجيرات الثمانية

    76- سوف تستمر اللجنة بتزويد السلطات اللبنانية بالمساعدات التقنية في التفجيرات الثمانية، وخصوصاً أن الملفات المرسلة من المدعي العام وقضاة التحقيق لم تبين ان التفجيرات قد استهدفت أفراداً محددين.
    77- لقد أرسلت اللجنة 7 طلبات مساعدة للسلطات اللبنانية تطلب فيها، من ضمن أشياء أخرى، المزيد من إفادات الشهود والمشتبه فيهم. كما طلبت اللجنة مقاطع من تسجيلات كاميرات المراقبة المتعلقة بهذه القضايا، والاتصالات التي تم اعتراضها إذا وجدت، والمعلومات المفيدة المرتبطة بالسيارات.
    78- إن الهدف التمهيدي من هذا العمل هو تحليل كل قضية من القضايا الثماني على حدة وتقديم بعض الاقتراحات لخطوات تحقيقية لاحقة التي قد تتبناها السلطات اللبنانية. إن الهدف التالي من هذا العمل هو تطوير تحليل أفقي بما له علاقة بهوية مخطط، مدبر، محفّز ومنفذ الجريمة.
    79- لدعم هذه الأهداف سوف تقوم اللجنة بتحليلات أولية لموجودات مسرح الجريمة وستقوم بدراسة كل موقع مع خبراء مختصين لإجراء تقويم أولي لطريقة تنفيذ الجريمة.

    2
    - قضية بيار الجميل

    80. تواصل اللجنة توفير دعم تقني تحقيقي للسلطات اللبنانية من خلال اجراء مقابلات، وتقديم تقارير تحليل شهادات، جمع صور كاميرات مراقبة، إنجاز عمل جنائي، القيام بتحليلات للاتصالات وإعادة «بناء» أحداث مسارح الجريمة. ولدعم هذا العمل، أرسلت اللجنة للسلطات اللبنانية 10 طلبات مساعدة.
    81. بعد بدء تحقيقات اللجنة في مسرح الجريمة خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، والتي بدأت بعد ثلاثة أيام من الجريمة، تم ارسال 240 عينة للفحص الجنائي، وهي تتضمن عينات حمض نووي وبصمات أصابع وهواتف خلوية وآثاراً بالستية.
    82. النتائج الاولية أثبتت أن سيارة الضحايا لم تكن مزودة بنظام تحديد الموقع (GPS)، الذي كان من الممكن ان يوفر معلومات مفيدة عن المسار. طراز واحدة على الأقل من سيارات الجناة تم تحديده. و22 عينة حمض نووي أخذت من عدد من الأماكن داخل سيارة الجميّل، وتم تحليلها. هوية الحمض النووي للضحيتين وجدت في عدة اماكن، و8 عينات حمض نووي أخذت من الباب أعطت هويات شخص مجهول غير الجميل.
    83. أجرت اللجنة تحليلات بالستية معمقة لـ 49 خرطوشة فارغة و55 طلقة أو جزء من طلقة وجدت في مكان الجريمة. يمكن الاستنتاج ان 5 أسلحة مختلفة استخدمت. بالاضافة إلى ذلك، حضرت اللجنة صوراً لأسلحة وتسجيلات صوتية لأسلحة مختلفة من اجل استخدامها في المقابلات. الشهادات التي جمعت من الشهود تقاطعت مع الموجودات العملية وسمحت للجنة بحصر فهمها للأسلحة المستخدمة في هذه الجريمة.
    84. الرسوم التشبيهية التي وفرتها اللجنة للسلطات اللبنانية نشرت، وسوف تؤلف جزءاً من قاعدة بيانات أكثر عمقاً سيتم تطويرها خلال الفترة المقبلة.
    85. طورت اللجنة خيوطاً تحقيقية إضافية من ضمنها تلك المستخرجة من تسجيلات كاميرات مراقبة اكتشفت في محيط مكان الجريمة. هذه التسجيلات ارسلت إلى مختبرات تقنية من اجل توضيح الصور. وهذا العمل ما زال مستمراً، لاعادة بناء ثلاثية الأبعاد وللفحوص الجنائية للمواد المتعلقة بساحة الجريمة، ولمواد أخرى او لأمور ذات فائدة محتملة قد تكون على علاقة بمسرح الجريمة. اللجنة ستواصل توفير مساندة تقنية للسلطات اللبنانية في هذه القضية في المدى المستقبلي المنظور.

    3-
    متفجرتا عين علق

    86. قامت اللجنة بسلسلة خطوات تحقيقية وجنائية لدعم السلطات اللبنانية في هذين التفجيرين، اللذين قتل فيهما ثلاثة أشخاص وجرح عدد آخر في 13 من شباط (فبراير) 2007. أجرى فريق من الخبراء الجنائيين فحوصاً جنائية لساحة الجريمة، من ضمنها فحص حافلتي «ميتسوبيتشي» و«كيا» اللتين تم تفجيرهما، وهي العملية التي انجزت بين 20 و24 شباط 2007.
    87. جمع الفريق 127 قطعة مهمة من موجودات مسرح الجريمة، بالاضافة إلى 242 كرة حديدية موجودة في المتفجرتين. قدم الفريق تحليلاً أولياً للموجودات وسوف يقدم تقريراً كاملاً خلال فترة التحقيق التالية. أظهرت الموجودات أنه كان هناك في كل حافلة جهاز تفجير ارتجالي، يحتوي كل منهما على مواد متفجرة، مرجح انها TNT، ووزنها التقريبي 1.5 كلغ. كان هناك ما بين 750 و1000 غرام من الكرات الحديدية من الحجم نفسه، أثبتت الفحوص البالستية أن الكرات كانت حول المواد المتفجرة.
    88. كانت طريقتا زرع جهازي التفجير في كل باص متشابهتين، في الناحية الخلفية وتحت مقعد من الجهة اليسرى. وقت التفجير، كان الجهاز يرتفع عن الأرض بما يقارب 0.75 متر عن الأرض في حافلة «ميتسوبيتشي»، و 1.1 متر في حافلة «كيا». عدد قليل جداً من موجودات مسرح الجريمة التي جمعت يمكن ان يكون ناتجاً من جهاز التفجير نفسه، وقد استخلص أن الأجهزة كانت على الأرجح مزودة بمؤقتات او بأجهزة تحكم عن بعد. أرسلت للفحوص الجنائية عدة أجزاء من حقائب من الممكن ان تكون قد استخدمت لنقل المتفجرات.
    89. سيسلّم التقرير النهائي لهذه التحقيقات في ساحة الجريمة بالاضافة إلى نتائج الفحوصات الجنائية خلال فترة التحقيق المقبلة.
    90. يبقى من غير الواضح حتى الآن، دافع التفجيرين في المكان والتاريخ والتوقيت. لناحية أسلوب التنفيذ، فإن استخدام الكرات الحديدية يمكن أن يشير إلى هدف اصابة عدد كبير من الناس بالنسبة للكمية الصغيرة من المتفجرات التي استخدمت. ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت المتفجرتان قد وضعهما شخص واحد أو اثنان، وما إذا كان أكثر من شخص متورطاً في الهجومين. اللجنة تعمل على أكثر من فرضية في هذا المجال لمساعدة السلطات اللبنانية.

    III. التعاون الخارجي


    أ‌. التعاون مع السلطات اللبنانية

    91. خلال فترة التحقيق السابقة، استمرت اللجنة بالعمل إلى جانب السلطات اللبنانية في قضية الحريري و16 قضية أخرى. هذا التعاون اللصيق أخذ شكل لقاءات دورية مع المدعي العام اللبناني وعدد من أعضاء مكتبه الأساسيين بالاضافة إلى التواصل مع قضاة التحقيق المعينين لمتابعة القضايا المختلفة، ومع الضابط المعين من جانب قوى الامن الداخلي.
    92. تبادلت اللجنة مع السلطات اللبنانية قدراً مهماً من المعلومات، من ضمنها وثائق وتقارير ومواد أخرى. تواصل اللجنة مشاركة المواد المعلوماتية التي في حوزتها من خلال تحقيقاتها مع المؤسسات المعنية بطريقة لا تؤثر على مصادر المعلومات. يتضمن هذا التشارك، باستمرار، معلومات قد تكون متعلقة بأشخاص موقوفين لدى السلطات اللبنانية.
    93. واصلت اللجنة خلال فترة التحقيق الماضية الاعتماد على التعاون والمساعدة المقدمة من السلطات اللبنانية، خصوصا أن عدد القضايا قد ارتفع، وتحقيقاتها في قضية الحريري والقضايا الـ14، واغتيال الجميل وهجومي عين علق، قد تقدمت وهي بحاجة لمستوى أكثر تقدماً من الخطوات التحقيقية.
    94. فخلال فترة التحقيق الماضية، وجهت اللجنة إلى السلطات اللبنانية 57 طلب تعاون إلى المدعي العام اللبناني، طلبت، من ضمن أمور أخرى، مساعدته في الحصول على مستندات ومعلومات أخرى، بالاضافة إلى تسهيل إجراء المقابلات ومهمات أخرى على الأراضي اللبنانية. استجابت السلطات بالكامل وسريعاً لهذه الطلبات.

    ب‌. التعاون مع الجمهورية العربية السورية

    95. تبعاً لموجبات الجمهورية العربية السورية التي نص عليها قرارا مجلس الامن 1636 و1644 والتفاهم الذي تم التوصل إليه بين اللجنة والجمهورية العريية السورية في عام 2006، يستمر التعاون السوري مع اللجنة مرضياً عموماً.
    96. خلال فترة التحقيق الماضية، أرسلت اللجنة 4 طلبات مساعدة إلى السلطات السورية طالبة معلومات تتعلق بأشخاص ومجموعات وأمور ذات فائدة للجنة، وتطلب تسهيل إجراء مقابلات ومهمات اخرى للجنة على الأراضي السورية.
    97. تبعاً لإرسال الطلبات، باشرت اللجنة، منذ كانون الأول (ديسمبر) عدداً من النشاطات التحقيقية في سوريا. تتضمن هذه النشاطات إجراء المقابلات، حيث يمكن تصنيف إجابات الأفراد مجدداً بأنها متغيرة من ناحية النوعية حسب المناسبة؛ الاجتماع مع رسميين سوريين مهمين، وجمع عينات من عدة اماكن من سوريا لتعزيز المشروع الجنائي للأصل الجغرافي، ولجمع وثائق من موقعي جمع ارشيف. المهمات الثلاث الأخيرة كانت، بالخصوص، معدة ومسهلة من جانب السلطات السورية بشكل تخصصي ومناسب لناحية التوقيت.
    98. استمرت السلطات السورية بتوفير الردود على طلبات اللجنة حسب الجداول الزمنية الصحيحة، واللجنة ممتنة للتحضيرات الأمنية واللوجستية التي وفرتها السلطات السورية لنشاطاتها في سوريا.

    ج. التعاون مع دول أخرى

    99. تستمر اللجنة بالاعتماد على إرادة دول بتقديم معلومات وتسهيل عملها على أراضيها حين يتطلب ذلك منها. خلال فترة التحقيق، تم تقديم 40 طلب مساعدة إلى 23 دولة غير تلك المقدمة إلى السلطات اللبنانية والسورية.
    100- لقد استفادت اللجنة كثيراً من تجاوب الدول لطلباتها حيث إن التعاون الكلي والدقيق كان متوفراً، مما جعل اللجنة ممتنة لهذا التعاون.
    101- وذكرت اللجنة في تقريرها الاخير، أن عدم تجاوب بعض الدول مع طلباتها كان يمكن ان يؤثر سلباً على عمل اللجنة ومجريات التحقيق خصوصا في مجالات اعداد المقابلات، والتزود بمعلومات عن مكان بعض الافراد، والمساعدات التقنية.
    102- في تقريرها الاخير، ذكرت اللجنة ان تجاوب الدول الـ 10 الاعضاء مع طلباتها كان متأخراً. نظراً لأهمية المساعدة المطلوبة والفترة الزمنية المحددة للجنة لاستكمال نشاطاتها التحقيقية، ركزت اللجنة على متابعة كل طلبات المساعدة العالقة. وقد عقدت اللجنة سلسلة اجتماعات مع السفراء المعنيين لمناقشة طلبات سابقة. ونتيجة لهذه الاجتماعات، استوضحت اللجنة عن كل الامور العالقة من خلال ردود الفعل والآليات المقدمة.

    IV- الدعم التنظيمي


    أ- التوظيف

    103- خلال الاشهر الثلاثة الماضية، قامت اللجنة بسلسلة من التدابير الادارية لرفع كفاءة سيرورتها الداخلية في نشاطات الدعم التنفيذي وللحفاظ على مبادرتها التوظيفية لشغل مواقعها المميزة. في هذه الفترة، وظفت اللجنة 35 موظفاً دولياً و5 موظفين محليين، بدعم من عمليات الامم المتحدة لحفظ السلام. خلال شهر آذار، 30 مرشحاً يخضعون للتوظيف الفعلي. سوف تستكمل هذه الجهود حتى يكتمل فريق عمل اللجنة.
    104- يضم قسم التحقيق 41 فرداً ومستشاراً في شهر آذار 2007 بالمقارنة مع 29 كانون الأول 2006. ان المزيد من المحللين، المحققين، الضباط القانونيين، الخبراء الجنائيين ومديري المعلومات يخضعون حالياً لإجراءات التوظيف.
    105- ان اللجنة تعمل مع عمليات الامم المتحدة لحفظ السلام، على تزويدها بالمرونة التنفيذية التي تحتاج إليها من اجل استكمال تفويضها، خصوصا في ما يتعلق بقضايا افراد العمل. وتعاملت مع عدد من الاعضاء الدائمين لمساعدتها في تحديد خبراء اداريين لقاعدة بيانات اللجنة.
    106- ان جميع المراكز الاضافية المطلوبة لسنة 2007 قد اقرت في الميزانية العامة ليصل عدد المراكز الدولية الى 188. ان هذه المراكز الاضافية ستمكّن اللجنة من تنفيذ تفويضها بشكل فعّال عبر القيام بنشاطات تحقيقية وتحسين مستوى الدعم التنفيذي. من ضمن المراكز الـ188 المقرّة في الميزانية العامة، تم شغل 104 مراكز حتى الآن.
    107. ما زالت اللجنة تواجه مشاكل في التوظيف والحفاظ على طاقم عمل ذي قدرات لغوية متنوعة كمترجمين فوريين للّغة العربية ومترجمين ومدونين، كما تواجه صعوبات جدّية في توظيف أعضاء مناسبين، فمن أصل 27 منصباً شاغراً في هذا المجال تمّ ملء 3 فقط. إن مثل هذه العوائق تسبب تأخيراً في نشاطات التحقيق لذا اتخذت اللجنة مبادرات توظيف متنوعة لكسب طاقات في هذا المجال الدقيق.

    ب.
    الأمن

    108. منذ التقرير الأخير للجنة التحقيق، بقي الوضع الأمني في لبنان والمنطقة متقلباً ويصعب توقّعه. إن تفجير الحافلتين في عين علق، بالإضافة إلى اكتشاف العديد من المتفجرات والعبوات المتفرقة في بيروت وغيرها من المناطق، ساهم في عدم استقرار المناخ الأمني. ما زالت اللجنة تتمتع بتنسيق وتعاون ممتازين مع القوى الأمنية اللبنانية التي لم توفّر جهداً لتأمين الحماية والاحتياجات الأمنية للجنة التحقيق خلال قيامها بأعمالها واللجنة مقدرة لهذا الدعم.
    109. إن القلق الأمني والقيود أثّرت على عمل اللجنة ونشاطات التحقيق وبالتالي أُخذت بعض الخطوات للتخفيف من الخطر المتوقع للمحافظة على مناخ آمن يعمل من خلاله طاقم عمل اللجنة بشكل فعّال.
    110. التوجهات الأمنية التي قد تظهر هي دائماً قيد التحليل ومدرجة ضمن سياق عمليات أعمال اللجنة. يُحافظ على تدابير إدارة الأزمات وعمليات الإخلاء والتخطيط لمتابعة الأعمال وفقاً للتغيرات في المناخ الأمني المحيط بعمل اللجنة.

    V
    - الخلاصات

    111. إن الهدف الاستراتيجي الأساسي لعمل اللجنة يبقى متابعة التحقيق في مقتل رفيق الحريري و22 آخرين بالإضافة إلى توفير المساعدة التقنية للسلطات اللبنانية في قضايا أخرى. من أجل الوصول إلى الأهداف في قضية الحريري، تسعى اللجنة إلى ترسيخ الوقائع ومواصلة البحث عن الروابط بين قضية الحريري والقضايا الأخرى.
    لذلك تسعى اللجنة للقيام بأعمالها ضمن قياس زمني ناشط للتحقيق مع احترام المعايير القانونية المناسبة لهيكلية العمل.
    112. خلال فترة إعداد التقرير المقبل ستحافظ اللجنة على ما تركّز عليه التحقيق في هذا التقرير. تَقرر استجواب حوالى 250 شخصاً واللجنة تسعى إلى استجواب حوالى 50 منهم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. كذلك تخطط اللجنة للحصول على وثائق معلومات والمزيد من المواد الإلكترونية ومواد الاتصالات من أجل تحليلها.
    113. اللجنة مقدرة للدعم التام الذي يقدمه المدعي العام اللبناني خلال قيامها بأعمالها وخاصة في ما يتعلق بخطوات حساسة ومعقدة في التحقيق، اتُخذت ويجري التخطيط لها. ستواصل اللجنة والمدعي العام خلق مناخ عمل آمن وسري للشهود ولطاقم عمل اللجنة.
    114. تدرك اللجنة التعقيدات في قضية الحريري مع تقدم العمل. خلال فترة إعداد هذا التقرير قلّصت اللجنة الاحتمالات المتعلقة بالحوافز المرتبطة بالنشاطات السياسية للحريري. لقد تطوّر فهم اللجنة للوقائع بشكل جوهري ما خلق روابط قيّمة بين مكونات القضية وضمنها. خلال إعداد التقرير المقبل وما بعد ذلك، اللجنة على ثقة بأنها ستطوّر نظرية واقعية موحدة مبنية على دلائل ربط جديدة. يبقى الهدف هو الربط بين المرتكبين المسؤولين عن الجريمة وغيرهم من الذين علموا بها والذين شاركوا في تنفيذها والذين ساعدوا في إعداد مكوناتها اللازمة.
    115. إن عمل اللجنة على القضايا الأخرى يتركز على تأمين المساعدة التقنية للسلطات اللبنانية من خلال تطبيق دعم في التحقيق من شأنه أن يضيف قيمة إلى كل قضية أخرى دون أن يجهد طاقم عمل اللجنة. تواصل اللجنة، حيث يمكنها، التعرّف على روابط أفقية بين القضايا الأخرى وقضية الحريري. تعتقد اللجنة أنه خلال فترة التحقيق المقبلة سوف تُعمَّق المعرفة بكل قضية من القضايا مما سيسمح بظهور روابط مرتقبة بين كل منها.
    116. تشير اللجنة إلى أن طلبات التعاون التي وجهتها إلى لبنان وسوريا وغيرها من البلدان تمت الاستجابة لها بشكل إيجابي ودون مماطلة. إن التعاون من كل هذه البلدان يبقى ضرورياً كي تقوم اللجنة بأعمال التحقيق بفاعلية.
    117. تشير اللجنة أيضاً إلى أن المناخ الأمني والسياسي المتقلّب في لبنان والقدرة على التوظيف والمحافظة على طاقم عمل مؤهل يؤثر على قدرة اللجنة في إتمام مهامها في الوقت المحدد لها. ستواصل اللجنة التركيز على جهودها لإدارة كل هذه العوامل في خلال عملها لتحقيق أهدافها.
    118. في الختام، تواصل اللجنة عملها متوقعةً قيام محكمة خاصة للبنان. وفي ضوء أعمال التحقيق الجارية والمخطط لها والمشار إليها في هذا التقرير، فمن غير المرتقب أن تنهي اللجنة عملها قبل نهاية مدة مهامها المحددة في حزيران 2007، لذا ترحّب اللجنة بطلب تمديد مهامها إلى ما بعد هذا التاريخ.