بـري يرتّـب الأولويـات وهمـس آذاري ضـد خوجـة ولبـنان إلى الريـاض بوفـدين
أعاد الرئيس نبيه بري ترتيب الأولويات الداخلية في ضوء المؤتمر الصحافي الذي كان قد عقده الثلاثاء، وهو أن حصان الحل يتقدم عربة مجلس النواب الذي يشكل دوره جزءاً من التسوية المؤجلة شأن المحكمة الدولية وتأليف حكومة وحدة وطنية بثلث معطل للمعارضة. وهو أكد أمام زواره في الساعات المنصرمة “لن أغطي احداً ولن أسكت لأحد بعد اليوم. الحوار مستمر ولن أفوّت فرصته شرط أن تكون جدية. لقد وصل الى مفاصل أساسية لا يجوز إهمالها، وإن كان البعض يعتزم تفجير الوضع وتعطيل الجهود السعودية والإيرانية من أجل مصالح آنية وضيقة”.
وقال بري: “لا يجوز أن نسمح لهم بذلك، المهمة ليست مهمتي وحدي، ويد واحدة لا تصفق”.
ونقل الزوار قوله إنه لا يزال هناك وقت للتوصل الى حل للأزمة وخصوصاً إذا تحركت السعودية في هذا الصدد. وكشف عن محادثة هاتفية بينه وبين رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري وقال له فيها إن تحرك نواب 14 آذار في مجلس النواب “هو تحرك ضدك وليس ضدي، وهم من خلاله يقولون انك لا تمثل الاكثرية ويريدون عرقلة ما اتفقنا عليه”.
إلا أن السقف الجديد الذي وضعه بري لمراحل الحل لاقاه السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة بحضه إياه ورئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري على عقد اجتماع عاجل لمتابعة جولات الحوار و“أن يتوصلا الى حل جذري مناسب مفيد لهذا البلد قبل انعقاد القمة”. فيما تردد أن الرجلين ربما اجتمعا في جولة حوار سابعة علنية في الساعات المقبلة استكمالاً لمناقشة مشروع الحل الذي كشفه بري، وخصوصاً ان الاتفاق تم على معظم بنود الورقة ما خلا النصاب الذي ستتألف منه حكومة الوحدة الوطنية، وهو 19 وزيراً للغالبية و11 وزيراً للمعارضة. وكانت قد جرت اتصالات هاتفية بين الرجلين لترطيب الاجواء. علماً بأن النقاش يتعلق بالجديد الذي ستحمله الجولة المقبلة. وبينما ذكر وسيط بارز أن لا شروط مسبقة، قال قريبون من بري إنه لا يريد العودة الى النقطة الصفر، وإن فريق الغالبية “يعرف ماهية المطلوب منه، وإن بمقدوره رفض الحل وتحمّل المسؤولية، أو القبول بالتسوية التي تقوم على منح المعارضة الثلث الضامن، وأن يأخذ في المقابل كل ما يحتاج إليه من ضمانات في ملف المحكمة الدولية وضمان سير عمل الحكومة الجديدة”.
ولأول مرة بدت ثمة مشكلة في التفاهم بين السعودية وفريق 14 آذار. لكن التدقيق أظهر أن الجانب السعودي يميّز بقوة تيار المستقبل عن سائر قوى الموالاة، ما استدعى من هذا الفريق المسارعة الى تقويم الموقف في ضوء ما أعلنه بري والتغطية التي وفرها لكلامه السفير السعودي، الذي كرره أمس. إضافة الى أن فريق السلطة علم أن وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل كان خلف المواقف الداعمة لكلام بري.
ورداً على ما أشاعه معارضون وأوساط حكومية من أن المواقف التي أعلنها خوجة بعد اجتماعه ببري بعد ظهر الثلاثاء، وان الرجل اجتهد في تحديد موقف الرياض من جهود التسوية اللبنانية، أعاد السفير تأكيد مواقف الثلاثاء من بري وإشادته بدوره وبدقة ما كشفه ووضوحه وخصوصاً حيال الجهود السعودية في الاتصالات بلوغاً للحل. وإذ حرص على إعادة تأكيد مواقفه هذه بعد اجتماعه برئيس الحكومة فؤاد السنيورة، شدد على أن حكومته لا تتدخل في الشؤون اللبنانية.
وأضاف: “أعتقد أن هناك فرصة كبيرة جداً أمام اللبنانيين، وأتمنى أن تظل موجودة قبل القمة العربية توصلاً الى حلول”.
وفي سياق الاتصالات الممهّدة للعودة إلى الحوار زار رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الحريري مساء أمس، وناقشا الوضع في ضوء تطورات الساعات الأخيرة، في حضور الوزير مروان حمادة والنائب السابق غطاس خوري.
وكان بري قد أكد لوزير الخارجية البلجيكي كارل دوغيث أن تعيين جلسة لمجلس النواب امر منوط برئيس المجلس، إلا أن الأولوية الآن هي “لإجراء مصالحة وطنية تؤمن وجود حكومة دستورية قبل أي أمر آخر”، إلا أن ما لفت رئيس المجلس هو ما أثاره أمامه زائره البلجيكي الذي طالب بري بتعيين جلسة لمجلس النواب وخصوصاً أن الحكومة والكلام للوزير في فراغ مما يحتم التئام المجلس.
وتزامنت زيارة دوغيث واجتماعه ببري والسنيورة وجنبلاط والحريري مع زيارة وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط كيم هاولز في حضور وزير الخارجية بالوكالة طارق متري والوفد البريطاني المرافق.
لبنان في القمة
ويبدو أن مسألة تشكيل وفد لبناني رسمي موحد الى القمة العربية في الرياض في 28 من الجاري بدأت تظهر مشكلة بعدما أكدت السعودية بواسطة سفيرها في بيروت نبأ توجيه دعوة مستقلة الى الرئيس فؤاد السنيورة. وقال خوجة لـ“الأخبار” إن الرياض وجهت الدعوة الى رئيس الحكومة، لكنها تمنّت على الرئيس إميل لحود أن يكون السنيورة في عداد الوفد. وإذا تعذر ذلك فإن ترتيبات تقوم بها الأمانة العامة للجامعة العربية لأجل حضوره، وطرح أفكار تتناول ترتيب مكان جلوسه كضيف الى جانب مقعد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى. إلا أن نقطة الخلاف الاخرى تتعلق بالخطاب الذي سيلقيه رئيس الجمهورية باسم لبنان، مع أن رئيس الحكومة كان يفضل إصدار بيان عن جلسة لمجلس الوزراء وهو الأمر المتعذر. واستناداً الى مطلعين بارزين فإنه ليس في وسع السنيورة رفض ما قد يقوله لحود عن موقف لبنان من قضايا المنطقة ولا سيما ما خص المقاومة وملف التوطين والموقف من المبادرة العربية للسلام والاحتلال الاميركي للعراق. وهي عناوين تحرج فريق الاكثرية. ويخشى في هذه الحال أن تتكرر في قمة الرياض تجربة مشاركة لبنان بوفدين رسميين في قمة الخرطوم السنة الماضية وانقسام الموقف اللبناني بحدّة بين رئيسي الجمهورية والحكومة.
تحرك 14 آذار
وتحدثت مصادر في قوى 14 آذار عن لقاء قريب سيعقد لأقطابها لمناقشة الوضع السياسي المستجد وورقة عمل تتناول الموقف من المؤتمر الصحافي لبري. وذكرت لـ“الأخبار” أن مشاورات واسعة أجريت في الساعات المنصرمة بين أقطاب هذه القوى وعبر زيارات موفدين في أكثر من اتجاه بغية تسليط الضوء على مشروع سابق كان الحريري قد طرحه في الحوار مع بري وأُبلغ الى السفير خوجة، ويحدد آلية حل تقول بـ: إقرار المحكمة الدولية بعد إدخال تعديلات طفيفة لا تؤثر في فعاليتها ورفض المساس ببندي الرئيس والمرؤوس والمحاكمة الغيابية، ثم تأليف حكومة جديدة على قاعدة 19+ 10+ 1، والعودة الى المؤسسات الدستورية وإحياء نشاط المجلس النيابي وإجراء انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن.