strong>اعتصام المعارضة يتوسَّع وقدّاس اليوم في ساحة الشهداء والسنيورة يردّ: صامد في مكاني
وفي اليوم الثاني من تحرك المعارضة الاحتجاجي على تهميش التمثيل السياسي لفرقاء وطوائف في السلطة التنفيذية، كانت التجمعات في وسط بيروت التجاري تتسع لعدد كبير من المشاركين ولأنشطة فنية وخطابات سياسية، وهي ستستكمل اليوم بقداس على نية خلاص لبنان، وبحفل خطابي وفني مسائي يتحدث فيه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وآخرون، علماً بأن أصداء هذا التحرك لم تفعل فعلها بعد مع القاطن القريب في السرايا الكبيرة، الذي ابلغ امس مرجعاً سياسياً أنه يرفض أي تنازل في الشكل والمضمون، وأنه باق في منصبه مهما طالت التظاهرات، وذلك في ظل استنفار عربي هو الأول من نوعه لناحية توفير الغطاء لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة من جهة، والضغط على المعارضة للتراجع عن تحرك الشارع من جهة ثانية.
وبينما احتشد الآلاف من المتظاهرين في ساحتي رياض الصلح والشهداء، بدت الأبواب السياسية موصدة أكثر من السابق. وقال مرجع معني بالاتصالات “إن الحديث عن مأزق الجميع، من هم في السلطة أو خارجها، صحيح الى حد كبير ولا يخضع لأي نقاش”، مضيفاً ان “الحديث عن حلول ومخارج يبدو انه امر مستبعد في المدى المنظور، فالوساطات التي قامت حتى الآن والمساعي التي بذلت لا تزال مقفلة على أي حل قابل للتطبيقوكان الخرق السياسي الكبير قد جاء على لسان الرئيس المصري حسني مبارك، الذي حذر “من احتمال تدخل دول عربية في الازمة اللبنانية إذا ما استمرت التظاهرات” ضد حكومة السنيورة. ووصف مبارك التظاهرات بـ“المتطرفة، وقد تؤدي الى تدمير لبنان”. وقال:“إنني ارى ان هذا التطرف غير حكيم ويحتاج الى حسم اكثر لأن ما نخشاه هو أن المسيرات في الشارع، إذا كانت طائفية، سيأتي لها إمداد من الخارج وتكثر المسيرات وقد تؤدي الى شجار وتدمير وهذا خطر جداً”. وأضاف: “هذا خطر جداً، ولبنان لا يتحمل كل هذا، وإذا استمرت المسيرات فترة طويلة فسيأتي من يناصر السنيورة من الخارج ومن بلاد عديدة عربية كثيرة وسيأتي من يناصر حزب الله وستكون النتيجة تحول لبنان الى ساحة للقتال والخراب وسيضيع لبنان”.
ورداً على سؤال عما اذا كانت إيران وسوريا تقفان وراء تحرك المعارضة، قال مبارك: “أنا لا أتهم سوريا أو إيران. إني أتحدث عن التشكيلات الطائفية الموجودة في لبنان. فقد ترسل إيران الى حزب الله، والله اعلم مما سيضطر دولاً اخرى الى ان تفعل ذلك أيضاً”، مشيراً إلى أن مصر والسعودية تدرسان كيفية مساندة لبنان والحفاظ على ما سمّاه “سيادة القرار اللبناني”.
وقد أتبع مبارك كلامه هذا برسالة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، هي الثانية خلال 24 ساعة، وذلك عبر السفير المصري حسين ضرار، ذكّره فيها بخطورة الوضع في لبنان ودعاه الى بذل أقصى الجهود الممكنة لاحتواء الوضع. وعلم أن الرسالة تضمّنت ما وصفته المصادر بـ“معلومات الرئيس المصري عن احتمال حصول ما يضر لبنان إذا لم تتوقف التظاهرات سريعاً”. ورد بري بأنه لم يتوقف لحظة عن القيام بمسعى لإنهاء الازمة ولكن المشكلة هي أن الأكثرية لم تقدم له أي مشروع عملي حقيقي يمكنه ان يسوّقه كمشروع حل لدى المعارضة. ودعاه الى “المساعدة في هذا الاتجاه لأنه لا يجوز رمي المشكلة على طرف واحد”.
وكان السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة قد دعا من جانبه المعارضة الى النزول الى المجلس النيابي لمعالجة المشكلة مع الحكومة وليس في أي مكان آخر. بينما تلقت قيادات معارضة رسائل تفيد بأن السعودية ترى إسقاط الحكومة في الشارع خطاً أحمر وعملاً لا يمكن القبول بهترويكا عربية إلى بيروت
وفي هذا السياق، يصل الى بيروت اليوم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ويُحتمل أن يرافقه وفد وزاري عربي قد يضم وزراء خارجية البحرين والسودان والإمارات، وذلك للبحث في مخرج للأزمة اللبنانية الداخلية. وهو سيعقد اجتماعات مع الرؤساء الثلاثة ومع أقطاب من فريقي السلطة والمعارضة. وقد ابلغ موسى الرئيس بري بمهمته هذه. وقال، في تصريحات له امس، “إن المهم الآن هو حماية الوحدة الوطنية اللبنانية وتحقيق الوفاق الوطني الذي كان الدرع الحامي للبنان ولا يزال”.
كما تلقى بري اتصالاً آخر من مستشار الرئيس السوداني عمر البشير، الدكتور مصطفى عثمان، الذي استوضحه طبيعة التطورات، وآخر من وزير خارجية إسبانيا ميغل انخل موراتينوس الذي أوفد مبعوثاً الى بيروت ودمشق للبحث في احتواء الوضع القائم. وهو كان قد التقى امس وزيري خارجية بريطانيا وألمانيا مارغريت بيكيت وفرانك فالتر شتاينماير. ودعت بكيت جميع الاطراف الى “العمل معاً من أجل خير لبنان والعودة الى الحوار”، فيما قال شتاينماير إن “لبنان يمر في مرحلة صعبة” وأكد دعم بلاده “لاستقلال لبنان في ادارة شؤونه التي يجب أن تتم من دون تدخل اجنبي”.
وأوضح الرئيس بري للوزير الألماني أن ما يجري على الصعيد السياسي الداخلي اللبناني، والذي يختصر بضرورة إقامة حكومة وحدة وطنية، “لا علاقة له مطلقاً بتقدير جميع اللبنانيين والجنوبيين خصوصاً لقوات اليونيفيل”، مضيفاً، في رد غير مباشر على النائب وليد جنبلاط، إنه “غير مسموح بأن يتاجر البعض بالقول ان ما يطرح داخلياً هو استهداف للقرار 1701 أو لقوات اليونيفيل”. وتابع: “مرة اخرى نقول: ما دامت هذه القوات ملتزمة القرار 1701 والبند السادس وخارج اطار القوات المتعددة الجنسيات، وهي كذلك، فاللبنانيون عموماً والجنوبيون خصوصاً متمسكون بها أشد التمسك وهي قضية وطنية عامة لا علاقة لها بما يجري هنا نتيجة إفشال الدعوة الى الحوار والتشاور”.
السنيورة وجنبلاط
الى ذلك استقبل الرئيس السنيورة في السرايا الكبيرة امس وفوداً شعبية داعمة له من إقليم الخروب ومن بيروت. ونقل الزوار عنه قوله: “أنا صامد في السرايا الكبيرة حتى النهاية ومهما أخذ الاعتصام من وقت، والكرة لدى الطرف الآخر وليست عندي، وليتحملوا المسؤولية ولا سيما على المستويات الاقتصادية والاجتماعية”. وأضاف: “ان ما يحصل انتحار بكل معنى الكلمة، ورغم مخاطر ذلك والنتائج الخطيرة المترتبة عليه، ما زالت اهون من الاستسلام لشروطهم. وان التسويات المطروحة اخطر بكثير وانعكاساتها خطيرة على المستقبل، فمشاريع تركيع الدولة سترتد على قادتها ومحاولاتهم لن تصل الى نتيجة”.
وختم زوار السنيورة بالتأكيد على “أنه يستوعب خطورة ما يحصل، وهو مدعوم ما يكفي من المراجع الدولية وقادة لبنان ولديه الكثير من الناس يدعمونه وهم سينزلون الى الشارع يوماً ما، فالشارع ليس لفئة دون اخرى”.
وكان السنيورة اعلن امس: “لن تحل الامور لا في الشارع ولا في التهديد ولا في الضغط ولا في التخوين. والطريق الوحيد لحل المشاكل هو الجلوس معاً وأدعو الرئيس نبيه بري الى استئناف الحوار”. وأكد ان حكومته، “تستمر ما دامت تتمتع بتأييد المجلس النيابي، وان محاسبتها تتم هناك”.
أما النائب جنبلاط فقد كرر من جانبه اعتبار “ان كل ما جرى ويجري هو ضمن مشروع انقلابي على كل حركة 14 آذار” وقال: “صحيح أنهم يتظاهرون بالمظاهر الديموقراطية، لكن ذلك يتم من خلال دولة ضمن دولة وبجيش لا شرعي الى جانب جيش شرعي، وأمن لا شرعي الى جانب امن شرعي، ومال لا شرعي الى جانب موازنة عادية”. وأضاف : “لم نكن بحاجة ابداً الى مغامرة حرب تموز”. وتحدث عما سمّاه “امر عمليات إيرانياً سورياً بإسقاط الحكومة”، مشدداً على أن “علينا ان نصمد وأن نتبصر بالامور، ونفسنا طويل، وسنرى ماذا سيفعلون في اليومين المقبلين، سنرى، وفي النهاية يبقى الحوار مدخلاً لكل شيء” .




دمشق تعلن تأييدها لمطالب المعارضة

أعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أمس دعم دمشق لمطالب المعارضة اللبنانية بقيام حكومة وحدة وطنية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن المقداد قوله، خلال محاضرة في جامعة دمشق، إن سوريا تؤكد دعمها “للشعب اللبناني وقواه الوطنية وتصدّيها البطولي للعدوان الإسرائيلي، وأهمية احترام خيارات الشعب اللبناني في إقامة حكومة وحدة وطنية، كما تم التعبير عنها من خلال التظاهرات الحاشدة التي شهدتها بيروت” الجمعة.
(يو بي آي)