strong>اسـتعراض وقـائع عن «التواطـؤ» مع العـدوان الإسـرائيلي وانفتـاح على مبـادرة المطـارنة المـوارنةينتظر أن تدخل المواجهة الدائرة بين السلطة والمعارضة مرحلة جديدة في ضوء الخطاب “السهل الممتنع” المتلفز الذي توجه به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى المعتصمين مساء امس، الذي بمقدار ما كان متشدداً في التمسك بثوابت المعارضة ومطالبها جاء متسامحاً مع الأكثرية الحاكمة على رغم اتهامه بعض أركانها بـ“الخيانة والتآمر”. لكنه أكد ان المعارضة “لن تستسلم” في تحركها للمطالبة بإسقاط الحكومة معتبراً ان “الفرصة ما زالت متاحة وأبواب التفاوض قائمة”.
ففي كلمة طويلة متلفزة وشديدة اللهجة وجهها إلى المعتصمين في وسط بيروت وضمّنها اتهامات للحكومة التي وصفها مجدداً بأنها “حكومة فيلتمان” و“الحكومة الساقطة شعبياً”، ظل نصر الله عند السقف السياسي الذي حددته المعارضة لمطالبها منذ ما قبل الاعتصام وهو تأليف حكومة وطنية “بثلث ضامن”.
ودعا نصر الله في الوقت نفسه الى “التفاوض”. وقال “تعالوا نعد بعضنا الى بعض.. الفرصة متاحة وأبواب التفاوض قائمة”. وأضاف “ما زلنا نقبل بأن نحول الحكومة الحالية برئاسة فؤاد السنيورة الى حكومة وحدة وطنية، لكم الغالبية وللمعارضة ثلث ضامن”، مضيفاً “اذا اصررتم على العناد فقد بدأنا ندرس خياراً آخر”. وقال: “بعد مدة لن نقبل حكومة وحدة يرأسها احد منكم، سيتحول هدفنا الى اسقاط هذه الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة شخصية سنية وطنية شريفة نزيهة يعرفها العالم كله تجري انتخابات نيابية مبكرة”.
وقال: “لن تكون هناك فتنة مذهبية سنية شيعية في لبنان”. وأضاف “نرفض الحرب الاهلية، نرفض الفتنة بين الطوائف وبين أتباع المذاهب”، وأيّد مبادرة مجلس المطارنة الموارنة ورأى انها “تحمل العديد من الايجابيات وتستحق ان تناقش وأن يتم التلاقي على اساس بنودها فيقبل ما يقبل ويعلق ما يعلق ويؤجل”.
واتهم نصر الله شخصيات من الاكثرية لم يسمّها بالطلب من الولايات المتحدة أن تشن اسرائيل الحرب خلال الصيف الماضي. واتهم السنيورة رئيس “الحكومة الساقطة شعبياً”، كما قال، بأنه اعطى اوامر الى الجيش اللبناني لكي يصادر اسلحة كانت متجهة الى المقاومة في الجنوب خلال الحرب، وطالب بلجنة تحقيق عربية او لبنانية “مؤلفة من قضاة نزيهين”. وذكر ان جهازاً امنياً لبنانياً حاول ان يحصل على معلومات عن مقار مسؤولين في “حزب الله” وبينهم “أنا شخصياً” لكي تستهدفهم اسرائيل بالقصف.
السنيورة وفتفت يردان
وليلاً رد المكتب الاعلامي لرئاسة مجلس الوزراء على السيد نصر الله بالآتي: “بعد الاستماع الى الكلمة التي ألقاها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، تبيّن انها تضمنت جملة كبيرة من التوترات اللفظية والتناقضات والافتراءات الهادفة الى استثارة الناس، وسيصار الى الرد عليها بالتفصيل في وقت قريب، ويبدو ان السيد نصر الله لا الفرقاء الذين يتهمهم هو الذي وقع ضحية أغاليط وأوهام التآمر والشائعات والتركيبات المخابراتية الخارجية. بيد أن ما يجدر الرد عليه الليلة وبشكل فوري ما ذكره السيد نصر الله عن ان اوامر اعطاها رئيس الوزراء بمصادرة السلاح الآتي للمقاومة اثناء العدوان الاسرائيلي، وهذا الادعاء عار من الصحة ومختلق. ان رئيس مجلس الوزراء لم يعط أي امر لعسكري او غير عسكري لمصادرة أي سلاح للمقاومة اثناء العدوان الاسرائيلي”.
ووصف وزير الشباب والرياضة احمد فتفت الكلام الذي ادلى به السيد نصر الله بأنه “خطير جداً وقد يؤدي الى فتنة كبيرة”، داعياً نصر الله الى “تقديم الاسماء والدلائل على ما ساقه من اتهامات في حق” السنيورة وقادة الاكثرية. وسأل: “كيف يطالب بتشكيل حكومة وطنية مع من يتهمهم بأنهم خونة؟” وأشار في حديث الى قناة “العربية” الى ان نصر الله “كان فاقداً أعصابه خلال الخطاب”.
يوم حاسم... يوم جديد
الى ذلك وفي سياق تصعيد التحرك الذي بدأته المعارضة اكدت مصدر في لجنة التنسيق المشتركة لـ“الاخبار” ان يوم بعد غد الاحد هو “يوم حاسم” لناحية الحشود وتصعيد التحرك، خصوصاً بعد صلاة الجمعة اليوم التي “ستؤكد سياسية التحرك وابتعاده عن المذهبية التي تسعى الاكثرية الى إغراقه فيها”.
وأكد المصدر ان يوم الاثنين المقبل “سيكون يوماً جديداً في لبنان، حيث سيتم تعطيل كل المؤسسات، ويتوقف العمل في المرافق الحكومية، وخصوصاً المطار والمرفأ والإدارات العامة في بيروت أساساً وفي لبنان عموماً. وأضاف: “ان خطة التحرك ستشمل إغلاق طرق رئيسية. كما يجري البحث في توقيت العصيان المدني سواء كان ضمن يوم الاثنين أو في مرحلة لاحقة”.
المبادرات والمساعي
ولم يبرز اي تطور جديد امس على صعيد المبادرات والمساعي لإنهاء الازمة. وسجلت حركة للسفير السعودي عبد العزيز خوجة الذي زار كلاً من الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة، وقال خوجة لـ“الأخبار” انه ما زال عند قوله: “اشتدي يا ازمة تنفرجي” متوقعاً “تطورات ايجابية” قريباً.
وعلقت اوساط بري على الدعوات التي توجه إليه لكي يوجه دعوة الى انعقاد مجلس النواب فقالت انه سبق له ان ابلغ وفد 14 آذار الذي زاره أخيراً ان المؤسسات الدستورية تتبادل اليوم الطعنات، رئاسة الجمهورية تطعن بالحكومة وفريق السلطة يطعن بولاية رئيس الجمهورية، فمن يضمن إذا عقدت جلسة نيابية ان لا يستقيل 57 نائباً، وهل يبقى عندها مجلس نواب كمؤسسة؟ وأضاف بري انه يمكن مجلس النواب ان يلعب دوراً عندما يتبلور حل ما فيعمل على اضفاء الشرعية عليه، ولذا ينبغي الحفاظ على هذه المؤسسة الدستورية واحدة متماسكة ومتضامنة لم يطاولها التشهير والاتهامات. وذكر “ان الافكار المتداولة للمعالجة لم تشكل بعد مادة “حرزانة” للقيام بتحرك فعال لتحقيق الحل المطلوب”.
موقف السلطة
وتلقى السنيورة اتصالاً من نظيره التركي رجب طيب اردوغان الذي طلب منه إيفاد ممثل عنه إليه لوضعه في صورة تفاصيل المحادثات التي اجراها مع الرئيس السوري بشار الأسد. كما تلقى اتصالاً آخر من الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان الذي ابلغه انه يتابع التطورات اللبنانية وانه سيبحث فيها مع الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الموجود في نيويورك.
وبدوره قال رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط خلال مؤتمر صحافي قبل افتتاح مؤتمر الحزب الاشتراكي الاوروبي في بورتو ان “حزب الله يحاصر الحكومة، وسوريا وايران تخططان للاطاحة بهذه الحكومة المنتخبة ديموقراطياً بهدف جعل لبنان يدور في الفلك الايراني”. واعتبر ان اسقاط الحكومة يهدف ايضا الى “منع احقاق العدالة وافساح المجال امام القتلة للفرار”.