زياد الرحباني
إنَّ الذي أحرَقَ مكتبة بغداد، هو ونهائياً، هولاكو، ملك «المَغُول».
أعزائي القرّاء، أيا أيها المؤمنون الصابرون، عفواً منكم إذا كنا اليوم أيضاً اضطررنا لاستمهالكم مرةً ثانيةً قبل نشر المتبقي من أُسُس المقترح للجمهورية -صفر B. فبعد الحديث المَهُول لـ «ملك المَهُول»، الزعيم الوطني الكبير، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، والنائب، الوزير السابق، الاستاذ وليد بك جنبلاط الذي ظَهَرَ جَلِيّاً مساء الخميس على اللبنانيين والعرب دون الحاجة إلى شاشاتهم، ليسبق المعارضة الحالية اللبنانية ويُعايِدهم بأعيادهم المثلثة هذا العام وقد اختار التوقيت، بالساعة والدقيقة هذه المرة، لِيُمَركز ألفاظه على مسافة شبه واحدة من الأعياد الثلاث، حتى إذا ما انفجرت، تضرَرّت كلها بمن في بِكرَةِ أبيها وعهدته، بنسبة متساوية قدر الإمكان، وكافية لِسَدِّ جوعه الشديد منذ نحو الشهر على انسداد الشهية المعهودة والصيام القسري عن الوطن والثورة!
بعد الذي سمعناه أعزائي، رأينا من المناسب مراجعة المتبقي من الدراسة-المقترَح، خاصة أنه يتناول الطائفتين (ويا للمصادفة) الشيعية والدرزية. فقد إرتأى السيد الوليد أن يعترف، مساء الخميس، لمناسبة الأعياد المجيدة منها والمباركة، بالحقيقة الكـــــــــــــــاملة! ودفعة واحدة. وهي كيفما فُهِمَت أو وقعت، تضع هاتين الطائفتين بشكل مباغت على ارتفاعٍ من التوتر المُبدع الخَلاّق والمجهول، طبعاً. إنَّ مجموع الصفات الثلاث الآنفة الذكر يُكَنَّى بالـ: مَهُول. ولماذا فَعَل؟ الله العليم.
يَصعُب عادةً على وليد بك، أن يُنَكِّدَ الأعياد أو المناسبات الأساسية، أحدٌ غيره. كمثل قوى 8 آذار، أو الجنرال عون، أو حتى الرئيس السنيورة أو النائب فريد مكاري، استغفر الله! من هم هؤلاء؟ سليمان بك يُهَدِّد بتسكير الطريق إلى المطار، ربما، فَيَرد عليه السنيورة بتسكير طريق الناعمة بكل تأكيد. يحصل كل ذلك ووليد بك يَتَفَرَّج؟ هذه من النتائج الحزينة للانقلاب السوري الإيراني الحاصل اليوم (أو أنَّه حصل، لست أدري ما الفرق، مع أنَّ الانقلاب عادةً غني عن التعريف ولا مكان معه للمقابلات التلفزيونية). إنها نتائج بائسة، شديدة البؤس، عودة إلى الوراء. جنبلاط يريد أن يعيش، ويريد للشعب أن يعيش من ورائه أيضاً، وقد طلب منه أن يلصق ذلك على كل شيء أو مكان، إنه لا يتعاطى مع ثقافة الموت لأنها مُحَنَّطة، عسكرية، خشبية، توتاليتارية، يا بهية! لكن الحق يُقال، بل يجب أن يُقال، لذا ظَهَرَ الوليد مساء الخميس وقامَ بالواجب. لقد وَفَّرَ عن الشهود والمشبوهين والمحققين وأهالي الضحايا والمواطنين والمحكمة الدولية الوقت الثمين الذي أُضيعَ حتى الآن لإقرارها: إنَّ «حزب الله» ضالع أيضاً في الاغتيالات التي هَزَّت الوطن. نعم. أمّا هولاكو فهو قد أحرق مكتبة بغداد فقط ولا علاقة له لا بالميتسوبيتشي ولا بالضباط الأربعة. أعزائي، ولهذه الوقائع الحديثة جداً، لا ضَرَرَ من مراجعة مشروع الجمهورية وإجراء بعض التعديل.
إلى اللقاء يوم الأربعاء 3/1/2007

***


- بما أنَّ الطريقة الوحيدة والأضمن لـ: ألاّ تموت، هي، حصراً، ألاّ تُخلَق، حاولْ وبهدوء، أن تتفهم ما يعني أن تكون: عَلِقتَ. خذ وقتك وأنت تحاول، تجد نفسك شارفتَ على النهاية.
- نهاية ماذا؟
- نهاية الولادة أو الوفاة، لا فرق.