أنهت المحكمة الجنائية العراقية العليا امس، أول استحقاقاتها وأصدرت أحكاماً بالإعدام شنقاً على ثلاثة من قياديي النظام السابق، في مقدمهم صدام حسين، لإدانته في قضية الدجيل، في ختام محاكمة مثيرة للجدل، لا تبرر تنصّل الرئيس العراقي المخلوع مما ارتكبه من جرائم خلال توليه سدة الرئاسة، لكنها تطرح تساؤلات عن صدقيتها، وخاصة أنها أنشئت بقرار من الحاكم الأميركي السابق بول بريمر وقامت بمهمتها في ظل احتلال ارتكب من المجازر ما فاق في وحشيته ما قام به المتهمون.وإضافة إلى الشكوك التي تحوم حول أساس المحاكمة ومضمونها، وخاصة ما يتعلق بتقويم سيرها ومدى الشفافية في تناولها لملفات القضية وإعلان القرائن والشهود، فإن توقيت الحكم، الذي صدر قبل يومين من الانتخابات الأميركية النصفية، يعطي انطباعاً بأنه جاء ليمنع محاكمة الشعب الأميركي لرئيسه الجمهوري جورج بوش، أو على الأقل، ليعزز من تأثيرها على محاولات الجمهوريين الاحتفاظ بالغالبية في مجلسي النواب والشيوخ.
أخطر ما في هذه المحاكمة أنها حرمت الشعب العراقي من مراجعة موضوعية لممارسات العهد السابق، بعيداً عن التشنجات والأحقاد الطائفية التي عمل الاحتلال جاهداً، ولا يزال، على تأجيجها.
لكن حكم الإعدام، وإن صدر «شنقاً حتى الموت» خلافاً لرغبات صدام الذي سبق أن أعلن تفضيله الإعدام «بالرصاص»، يبدو تنفيذه مؤجلاً، لأسباب عديدة، بينها أن نظام المحكمة ينص على استئناف الحكم آلياً إذا كان الإعدام أو السجن المؤبد، وهو ما أعلنت المحكمة أن إجراءاته ستبدأ اليوم وتستمر لأشهر.
كما أن الانقسام العالمي الذي أثاره الحكم، على قاعدة تأييد العقاب ورفض العقوبة، إضافة إلى التحذيرات من تداعياته، التي خشي البعض أن تذهب إلى حد «تفكيك العراق»، يطرح تساؤلات عما إذا كان حبل المشنقة سيلتف فعلاً على رقبة صدام.