واشنطن ــ محمد دلبح
“توّج” الرئيس الأميركي جورج بوش رسمياً أمس وزير دفاعه دونالد رامسفيلد أول ضحية لهزيمة الجمهوريين في الانتخابات النصفية الأميركية. قلده وسام تخبط إدارته في المستنقع العراقي. حاول التعالي على الصفعة التي وجهها له الأميركيون، رغم إقراره بالحاجة إلى “منظور جديد” للتعاطي مع هذا الملف. كابر. أكد تمسكه بباقي طاقمه، من مهندسي سياسته الخارجية على مدى الأعوام الستة الماضية. لكنه بات مدركاً، بشهادة صناديق الاقتراع، أن المسمار الأول قد دق في نعش ما بقي من ولايته الرئاسية، وأن حملة التنكيل به على أيدي الديموقراطيين لا حدود لها.
اعترف بوش بأنه يتحمل “جزءاً كبيراً من المسؤولية في هزيمة حزبه”. قال: “إنني أعترف بأن الكثير من الأميركيين صوّتوا لتثبيت عدم رضاهم عن افتقاد إحراز تقدم” في العراق. لكنه رفض اعتبار نتائج الانتخابات إشارة إلى ان الولايات المتحدة ستنسحب من هذا البلد، فهو لا يزال يعتقد بأن “معظم الأميركيين والزعماء هنا في واشنطن من كلا الحزبين السياسيين يدركون أننا لا نستطيع قبول هزيمة”.
وأقر بوش أيضاً بأن سياسته في العراق “ليست ناجحة بشكل كاف وتفتقر إلى السرعة الكافية”. وأشار إلى أنه ورامسفيلد يتفقان على الحاجة الى “منظور جديد” في التعاطي مع هذا البلد، مشيراً إلى أن “الوقت قد حان لقيادة جديدة في البنتاغون”.
أعلن تسميته المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية روبرت غيتس خليفة لرامسفيلد، على قاعدة أنه «سيأتي بإمكانات وقدرات ادارية جديدة”. قال: “إذا ثبته مجلس الشيوخ، فسيكون بوب متسلحاً بخبرة 25 عاماً في مجال الأمن القومي وسمعة لامعة لكونه زعيماً فعلياً يتمتع بحكم سليم”، مشيراً إلى أن غيتس “خدم في ظل ستة رؤساء ينتمون إلى الحزبين السياسيين وتدرج من موظف عادي في الـسي آي إيه الى مدير للاستخبارات المركزية”.
لكن بوش أعلن، في الوقت نفسه، تمسكه بنائبه ديك تشيني، المسؤول الآخر عن مسار الحرب على العراق، التي رأت غالبية الناخبين الأميركيين أنها السبب وراء إطاحة سيطرة الجمهوريين على الكونغرس.
ترحيب الديموقراطيين بإقالة رامسفيلد كان سريعاً، فقد اعربت النائبة الديموقراطية نانسي بيلوسي، الزعيمة المرجحة لمجلس النواب الجديد، عن اعتقادها بأن خطوة كهذه “ستتيح لنا بداية جديدة”.
كانت بيلوسي قد دعت قبل ساعات فقط إلى استقالة رامسفيلد، قائلة إن “هناك حاجة الى قيام الرئيس ببادرة لتغيير الاتجاه”.
حصل ذلك والنتائج الرسمية للانتخابات النصفية لم تصدر بعد؛ فقد أظهرت النتائج شبه الرسمية أن الديموقراطيين انتزعوا السيطرة على مجلس النواب من الجمهوريين، ولا تزال امامهم فرصة لتحقيق النصر في مجلس الشيوخ. لقد فازوا بنحو 30 مقعداً في مجلس النواب، وانتزعوا خمسة مقاعد من أصل ستة يحتاجون إليها من مقاعد الجمهوريين في مجلس الشيوخ كي يحصلوا على الغالبية.
وتبقى الأنظار متوجهة إلى ولاية فرجينيا، التي ستحسم الغالبية او التعادل (50 مقابل 50، وعندها سيكون صوت نائب الرئيس الأميركي مرجحاً). لا شك في أن نتيجتها، في ما لو كانت فوزاً للديموقراطيين، ستحول حياة بوش إلى جحيم.