استغل “الثلاثي الأوروبي” (فرنسا وإسبانيا وإيطاليا) وجود قواته في لبنان لطرح مبادرة “لحل الصراع في الشرق الأوسط”، تركّز على القضية الفلسطينية، سرعان ما اصطدمت برفض إسرائيلي وتحفّظ أوروبي يمهّد لموقف أميركي مماثل، قد يجهضها في مهدها (التفاصيل).فقد اقترح رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك في شمال إسبانيا، المبادرة التي تدعو إلى وقف شامل لإطلاق النار وعقد مؤتمر دولي للسلام، مشيراً إلى إمكانية إرسال مراقبين إلى المنطقة لمراقبة هدنة.
وأعلن الزعيمان أنهما عرضا المبادرة على رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي، الذي أيدها، فيما أشار ثاباتيرو إلى أن الدول الثلاث تريد طرح اقتراحها على قمة أوروبية تعقد في كانون الأول.
وأوضح ثاباتيرو أن “هذه المبادرة تمارِس من خلالها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا مسؤوليتها وواجبها تقريباً كثلاث قوى متوسطية لها الآن قوات في لبنان”.
وفي روما، أعلن برودي أن الاقتراح سيستخدم وجود القوات الدولية في مهمة لحفظ السلام في لبنان “كنقطة انطلاق”.
لكن إسرائيل سارعت إلى رفض المبادرة. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إن “ثاباتيرو يتحدث عن وقف لأعمال العنف. يا لها من فكرة ممتازة، وكأننا نقول: لوقف الحرب علينا إرساء السلام”. وأضاف “إن المبادرة المشتركة الإسبانية الفرنسية الإيطالية غير موجودة، وإعلان ثاباتيرو متسرع”.
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكروماك إن الولايات المتحدة لم تحصل على أية تفاصيل بشأن المبادرة الأوروبية. وأضاف ان واشنطن لا تزال ملتزمة بـ«خريطة الطريق».
وفي القاهرة، أبدى الموفد الأوروبي الخاص إلى الشرق الاوسط، مارك أوتي، تحفظه على المبادرة، متسائلاً عن «شرعيتها في الإطار الأوروبي». وقال «لا بد من الحذر بشأن هذه المبادرة حتى نرى ما مدى شرعيتها في الإطار الأوروبي». وأضاف انه لم تتم مناقشة مبادرة كهذه على المستوى الأوروبي وينبغي أن تستجيب أولاً للتوقعات الإسرائيلية والعربية لكي تكون «فاعلة وقابلة للتنفيذ». وتابع «يمكننا أن نطلق كل أنواع المبادرات ولكن المهم هو إقناع الأطراف المعنية أن لها مصلحة» في القبول بها.
إلا أن السلطة الفلسطينية رحبت بالمبادرة وبفكرة عقد مؤتمر جديد للسلام في الشرق الأوسط. وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، “نرحب بفكرة عقد مؤتمر دولي للسلام، وخصوصاً أن عملية السلام تمر بمرحلة جمود وهذا يتطلب تحركاً دولياً لإحيائها من جديد”.
في هذا الوقت، شهدت العلاقات المصرية مع حركة المقاومة الإسلامية توتراً، على خلفية إعلان “حماس” انهيار مفاوضات إطلاق الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وهو ما أثار خشية من انعكاس التوتر على مفاوضات تأليف حكومة وحدة وطنية.
في هذا السياق، التقى الرئيس محمود عباس، أمس، رئيس الوزراء اسماعيل هنية في غزة لمواصلة المناقشات بشأن تأليف حكومة الوحدة.
وأعلن عضو المكتب السياسي لـ“حماس”، عزت الرشق، أن عباس ورئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، يسعيان لعقد اجتماع “في بلد عربي” هذا الشهر لتسوية مشكلات تحول دون تأليف حكومة وحدة فلسطينية. وأضاف: إن “الضمانات التي تسلمناها من عباس لرفع الحصار غير كافية ونحتاج إلى المزيد”.
وقال الرشق إن “حماس” ترفض الربط بين المحادثات حول الحكومة الجديدة وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي.
إلى ذلك، قال مسؤولون فلسطينيون إن سوريا كثفت نشاطها الدبلوماسي وراء الكواليس لإقناع حركة “حماس” بقبول اقتسام السلطة لإظهار أن دمشق لا تزال طرفاً مؤثراً في الشرق الأوسط.
وقال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، إن “سوريا تريد تغيير التصور بأن قيادة حماس في المنفى متطرفة”.
وقال سياسي فلسطيني رفيع المستوى إن سوريا ذهبت إلى حد الاقتراح على “حماس” بأن تقبل مبادرة السلام العربية المعروفة باسم إعلان بيروت. وأضاف ان “حماس رفضت المبادرة العربية، لكنها تبدي المرونة التي يحبذها السوريون”.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز)