السعودية تأمـل عـودة سريعة للجميـع إلى الحـوار ورئيـس المجلـس إلى سـوريا وإيـران قريبـاًفتحت زيارة الرئيس نبيه بري الى السعودية الباب امام احتمال تنفيس الاحتقان السياسي الداخلي، على امل أن تساهم ايضاً في اشاعة مناخ يصحح العلاقات مع سوريا، فيما لا تزال الاوضاع الداخلية على حالها، مع مزيد من الانقسام السياسي في الشارع، الذي يستعد لمهرجان التيار الوطني الحرب بذكرى “15 تشرين”، المتوقع أن يكون الاكبر في تاريخ الحشود الشعبية في الوسط المسيحي.
وبالتزامن مع توقعات بأن تعقد، خلال الايام القليلة المقبلة، سلسلة من الاجتماعات المتفرقة بين القوى المشكلة لطاولة الحوار، أعلن بري، الذي عاد “مرتاحاً” من جدة، أن اجتماعه مع الملك السعودي عبد الله كان “ناجحاً جداً”، مشيراً إلى انه ينتظر المزيد من الاتصالات.
وأوضح رئيس مجلس النواب أنه بدأ اتصالات مع عدد من الدول المعنية بالشأن اللبناني في اطار جهود تهدف إلى منع تفاقم الوضع السياسي الداخلي والوضع بين لبنان وسوريا. وقال، لـ“الاخبار”، “يبدو ان احتواء الازمة في الداخل يحتم اجراء الاتصالات بالخارج”. وأضاف انه تحدث بالتفصيل، خلال زيارته للسعودية، عن ملف العلاقات الداخلية والعلاقات مع سوريا، مشيراً إلى أنه لمس “مناخات ايجابية تحتاج الى متابعة”، وإلى أنه سيجري اتصالات تمهد لجولة خارجية في الاسابيع المقبلة.
وعلمت “الاخبار” ان بري سيقوم قبل عيد الفطر وبعده بزيارات تشمل سوريا وإيران وعدداً من الدول العربية والإسلامية التي تعنى بالملف اللبناني.
وقال مصدر سعودي رسمي، لـ“الاخبار”، إن الملك السعودي “كان مهتماً بمناقشة كل ما يشغل بال اللبنانيين من امور داخلية وما يخص العلاقات اللبنانية ـــ السورية”. ووصف المصدر نفسه لقاء بري مع الملك عبد الله وولي العهد الأمير سلطان بأنه “اكثر من ممتاز”.

وقائع من اللقاء
وأفاد مصدر سعودي معني “الاخبار” بوقائع من اجتماعات الرئيس بري الذي بدأ حديثه “بعرض شامل ومفصّل لمجمل التطورات التي جرت منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان”. وقال بري إن حزب الله “قام بعملية اسر الجنديين بعد فشل كل الوساطات التي تهدف الى اطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين”، مشيراً إلى أنه “جرياً على العادة، وربطاً بالتجارب السابقة، فإن ردة الفعل كانت متوقعة بحدود معينة. ولكن طبيعة الرد والعدوان أظهرت انه مبيت ومدرس ومخطط له مسبقاً”.
ثم عرض بري “أجواء التوتر والتصعيد السياسي التي أرخت بظلالها على البلاد، حيث وصل مستوى السجالات بين القوى السياسية الى سقوف غير مسبوقة، كما أن الاحتقان، الذي استوطن النفوس والشوارع معاً، بات يهدد بالانفجار في أي لحظة ويخرج عن دائرة السيطرة”. وأشار بري الى “التراجع في العلاقات السنّية ـــ الشيعية وأزمة الثقة التي تولّدت عن العدوان”، موضحاً أن هذه الأزمة “بسبب التدهور واهتزاز العلاقة والاتهامات المتبادلة، أشاعت جواً من الخوف من مخاطر الانزلاق الى فتنة كان من مظاهرها الإشكالات في الملاعب الرياضية وفي أحياء بيروت المختلطة”.
وتحدث بري ايضاً عن “ضرورة العمل على تهدئة الاجواء الداخلية في ضوء ما هو مقبل من استحقاقات مفصلية كمؤتمر بيروت واحد، الذي ينتظر أن يدعم لبنان بنحو عشرة مليارات دولار للتغلّب على خدمة الدين العام وتعويض الأضرار التي لحقت بالخزينة جراء العدوان الإسرائيلي”.
وأشار بري الى “الاستحقاق الآخر المتعلق برئاسة الجمهورية، الذي يجب العمل على مقاربته منذ الآن وصولاً الى مواعيد الانتخاب في إطار من التوافق الوطني الشامل”. وأبلغ بري القيادة السعودية “خشيته من الوصول الى الفراغ إذا تعذّر الوصول الى حل”.
كما ابلغ بري القيادة السعودية بأن “لبنان يحتاج الآن الى الدعم السياسي الكامل بعد الدعم الكبير في مجال الاغاثة وإعادة الاعمار”. وقدم شكر لبنان “للوديعة والهبة وجسر المساعدات الذي لم ينقطع وإعمار العديد من القرى والبلدات الجنوبية”.
في المقابل، اكدت القيادة السعودية ثقتها بالرئيس بري ودوره، مشيرة إلى أن “شعوره بمخاطر ما يحصل يدفعه الى مصارحتهم بالقول إن لبنان لن يرتاح ولن تستقر الأوضاع فيه ما دامت علاقاته بسوريا مهتزة ومتوترة، والمدخل الطبيعي لإخراج لبنان مما هو فيه هو السعي الصادق لتطبيع العلاقات اللبنانية ـــ السورية وتنقيتها من جميع الشوائب”.
وطلب بري من القيادة السعودية أن تقوم “بجهد مؤثر لترميم الجسور ولو أنها حاولت في الماضي، وبادرت، وأجهضت مبادرتها، واعتذر المجهضون عن الإساءة لها”.
وأشار بري في مداخلته الى “الوضع العربي المأزوم” و“تحوّل الكراهية والأحقاد عن إسرائيل واتجاهها صوب أنظمتنا ومذاهبنا”. وأعرب عن عميق قلقه مما يجري في العراق من مذابح واقتتال ومما يجري داخل فلسطين التي “انقلبت نضالاتها الى داخلها وانشغلت عن العدو بعداواتها المحلية حيث كثر القتل وقل الاستشهاد”.
وختم بري عرضه لمجمل الوضع اللبناني والعربي مطالباً بـ“موقف عربي متناسق ومتضامن وضاغط يفتح الأفق المسدود في عملية السلام كما يفتح ثغرة في جدار الوضع اللبناني، والفرصة سانحة لذلك”.
أما الملك عبد الله فرد “شاكراً لبري واللبنانيين ثقتهم بالمملكة”. وعدّد المبادرات والخطوات التي قامت بها السعودية “استجابة لنداء الضمير أولاً ولنداء الإخوة اللبنانيين منذ ما قبل الطائف وأثناءه وما بعده وكذلك التحركات والمساعي التي قامت بها المملكة لاحتواء التوترات العربية وإرساء آلية للعمل العربي المشترك وقيامها بطرح مبادرة السلام العربية التي تحفظ الحقوق وتعيد للمنطقة توازنها واستقرارها”.
كما شرح الملك السعودي “طبيعة العلاقة الأخوية الخاصة التي كانت تربطه بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وحرصه شخصياً، وحرص المملكة، على سوريا الشقيقة وسلامتها”. وقال “نحن لن ندّخر جهداً أو وقتاً للقيام بكل ما يخدم مصالح الأمة العربية ويخدم مصلحة لبنان ووحدة أبنائه وطوائفه ومذاهبه”، مضيفاً أن للسعودية “مواقف حاسمة وقاطعة لجهة عدم المساس بوحدة المسلمين في لبنان، التي تعتبرها مقدمة ضرورية لوحدة كل اللبنانيين”.
وختم الملك عبد الله مداخلته بالقول “ثقوا بأن السعودية على أتمّ الاستعداد لكل التضحيات في سبيل حفظ لبنان وحفظ حقوق العرب”. وشجّع الملك عبد الله بري على “مواصلة جهوده الخيّرة والطيبة، التي تحظى باحترام وتقدير جميع القوى السياسية من دون استثناء، كما تحظى بدعمنا وتأييدنا”، معرباً عن أمله بأن “يصار قريباً الى إعادة الاعتبار الى الحوار الوطني لأن ما يجمع بين اللبنانيين من مساحات التلاقي أكثر بكثير مما يفرقهم من مساحات التباعد والاختلاف”.

الاجتماع الوزاري
من جهة ثانية، عُقد مجلس وزاري امس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة وحضور وزراء من امل وحزب الله، انضم إليهم المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، جرت خلاله مناقشات حول ملف مخالفات البناء في اكثر من منطقة وتداعيات ما حصل على طريق المطار.
وأكد السنيورة، خلال الجلسة نفسها، على ضرورة معالجة المشكلة التي تكفل تطبيق قرار مجلس الوزراء بشأن “معضلة لم تكن ابنة ساعتها»، فيما تحدث اللواء ريفي عن الإجراءات التي اتخذتها القوى الأمنية وأبلغ الحاضرين بما نفذ في اليوم الأول من دون اي اشكال الى ان وقع الحادث الأمني، الذي “لم يكن احد يرغب في حصوله”.
ورفض الوزير أحمد فتفت “التهم التي وجهت إليه ووضعها في باب التحريض عليه لأسباب سياسية ليست خافية على احد”، فيما أعاد وزيرا حزب الله طراد حمادة ومحمد فنيش الى الذاكرة المناقشات في مجلس الوزراء عندما طرحت القضية والدعم الذي لقيته من وزراء الحزب والحركة “اذ لا يمكن لأحد ان يغطي هذه المخالفات ومنطق مصادرة حقوق الناس وأملاك الدولة، لا شرعاً ولا سياسياً ولا قانوناً”.