اقتحمت كوريا الشمالية أمس النادي النووي، خارقة حلقة “محور الشر” الأميركية، وواضعة الولايات المتحدة أمام أمر واقع نووي يلغي استراتيجية “الضربة الاستباقية”، التي وضعتها إدارة الرئيس جورج بوش، وهو ما جعلها تسارع إلى مجلس الأمن لاستصدار إدانة بالإجماع وتمرير مشروع قرار يستند إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على استخدام القوة والعقوبات. وبرغم الإدانة الروسية والصينية للتجربة النووية، فإن البلدين لم يتطرّقا إلى العقوبات أو استخدام القوة ضد بيونغ يانغ، وشددا على ضرورة إعادة كوريا الشمالية إلى طاولة المفاوضات السداسية، الأمر الذي يشير إلى جولة دبلوماسية حامية ستشهدها أروقة الأمم المتحدة، لرسم استراتيجية التعاطي مع كوريا الشمالية و“قنبلتها الشيوعية”، التي كانت موسكو على علم مسبق بتفجيرها (التفاصيل).
وأعلنت كوريا الشمالية أمس أنها أجرت تجربة نووية تحت الارض تكلّلت بالنجاح ولم تؤدّ الى انبعاث إشعاعات. وفيما لم تحدد بيونغ يانغ موقع التفجير بدقة، ذكرت سيول أن التجربة تمََّت في موقع هواديري قرب منطقة كيلجو، مشيرة إلى أنها أجريت في نفق أفقي حفر في عمق احد الجبال على الساحل الشمالي الشرقي. وأضافت أنه “تم رصد انشطة غير عادية في شمال شرق كوريا الشمالية، وهو ما يدعو الى الاعتقاد بأن بيونغ يانغ قد تكون في صدد إعداد تجربة نووية ثانيةوأعلن مسؤول في وزارة الخارجية الروسية أمس، أن كوريا الشمالية أبلغت روسيا عن تجربتها النووية الاولى قبل ساعتين من إجرائها. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف، إن قوة القنبلة النووية الكورية الشمالية بلغت ما بين “5 و15 كيلوطن” (اي ما بين خمسة آلاف و15 ألف كيلوغرام من الـ“تي ان تي”).
وبرغم الإعلان الكوري والروسي، سادت أجواء من التشكك في الأوساط الاستخبارية الغربية، فقال مسؤول اميركي رفيع المستوى إن الاستخبارات الاميركية رصدت انفجاراً بقوة تقلّ عن كيلوطن من دون أن تتمكن من تحديد ما اذا كان نووياً أم لا. وأشار إلى أن اولى التجارب النووية تاريخياً كانت بقوة تقدر بأكثر من كيلوطن بكثير.
وقال باحثون إن معهد “نورسار” النروجي لرصد الزلازل سجل هزة بقوة 4.2 درجات على مقياس ريختر في كوريا الشمالية، الذي يعني أن قوة القنبلة النووية بلغت ما بين “كيلوطن و10 كيلوطن”.
وتداعى مجلس الأمن الدولي إلى جلسة عاجلة، دان خلالها التجربة النووية الكورية الشمالية. وأعلن المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، أن الولايات المتحدة وزعت على مجلس الامن مشروع قرار ينص على فرض عقوبات على كوريا الشمالية بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.
وفي لندن، قالت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت إن “بريطانيا ستنشط من اجل الرد بقوة وبموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة”، مضيفة “بكلام اكثر بساطة، سنضغط لفرض عقوبات على كوريا الشمالية”.
وبحسب دبلوماسي غربي، فإن العقوبات التي تطلبها واشنطن تتضمن التفتيش الدولي لكل السفن المتوجهة إلى كوريا الشمالية أو الآتية منها، إضافة إلى تعليق “اي نشاط على علاقة ببرنامج الصواريخ الباليستية” لبيونغ يانغ. كما ستدعو الدول الأعضاء الى “اتخاذ إجراءات لكي تضمن أن أراضيها لا تستخدم لتسهيل انشطة مرتبطة بهذه الاسلحة” و“حظر التعاملات المالية التي تدعم الأنشطة المرتبطة بالصواريخ”.
وفي أول رد فعل من طهران على التجربة الكورية، قال المتحدث باسم الخارجية الايرانية محمد علي حسيني إن بلاده ترغب في عالم “خال من الاسلحة النووية”. وأضاف أن “ايران تأمل استمرار المفاوضات بشأن نشاطات كوريا الشمالية النووية”.
(أ ب، رويترز، أ ف ب، يو بي آي، د ب ا)