اعتقال عميل إسرائيلي رمى أسلحة قبالة الدامور وتوقيف كواتم صوت للسفارة الأميركية في المطار
دخلت البلاد مرحلة من التوتر السياسي الحاد عشية جولة جديدة من الاتصالات الهادفة إلى ترتيب اجتماع هيئة التشاور بعد أسبوع من الموعد المفترض. وكان البارز في حدة المواقف ما صدر على ألسنة سياسيي فريق الأكثرية ووسائل إعلامها من تلويح باللجوء الى العنف لمواجهة أي مطالبة شعبية بتغيير الحكومة وصولاً الى استخدام الحزب التقدمي الاشتراكي لغة الرصاص. وترافق ذلك مع استنفار أمني هو الأول من نوعه لأجهزة السلطة التي طلب إليها إعداد خطة طوارئ لمواجهة احتمالات التظاهر من بينها احتمال فرض حظر للتجول إذا اقتضى الأمر، والعمل بكل الوسائل لمنع وصول أي متظاهر الى أي من مقارّ الحكومة أو مقارّ سياسية تابعة لفريق الاكثرية.
  • استنفار السنيورة الأمني
    وكان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قد عقد على مدى اليومين الماضيين سلسلة من الاجتماعات الأمنية شملت كل من له علاقة بالأمن في لبنان، قبل أن يحمل الخلاصة مساء أمس إلى اجتماع لم يعلن عنه مع الرئيس نبيه بري في عين التينة، وهو الاجتماع الذي تطرق إلى ملف هيئة التشاور الذي يبحثه بري اليوم مع السفير السعودي عبد العزيز الخوجة الذي أكد أن الرياض تدعم انعقاد هيئة التشاور في أسرع وقت.
    وكان السنيورة قد أمضى يوم السبت من صباحه حتى آخر الليل في اجتماعات أمنية مع الوزراء والضباط المعنيين في كل البلاد. وعرض معهم الأوضاع العامة في البلاد وكيفية التصرف إزاء احتمال حصول مواجهات شعبية وتظاهرات وعصيان مدني من جانب قوى المعارضة. وسأل عن السبل لمنع وصول المتظاهرين إلى الوسط التجاري ومنعهم من التجمع في ساحة الشهداء أو قرب السرايا الحكومية أو بالقرب من سفارات أجنبية، كما سأل عمّا إن كان لدى الاجهزة الأمنية نقص في التجهيزات والمعدات لمواجهة كل الخروق الأمنية.
    ومع أن المصادر الرسمية نفت علمها بوجود خطط خاصة، كشف مصدر مطلع لـ“الاخبار” أن البحث تناول خططاً وقائية أعدتها قوى أمنية تخضع لفريق الأكثرية وفيها احتمال اللجوء إلى نشاط أمني يحدّ من احتمالات “تعرّض المصالح العامة والخاصة للخطر بما في ذلك إعلان حالة الطوارئ أو إعلان حظر التجول في أمكنة محددة وفي ساعات محددة”.
  • الاستنفار السياسي
    وإذ ينتظر أن يعلن الأمين العام لـ“حزب الله” السيد حسن نصر الله غداً سلسلة من المواقف الهامة في مقابلة تلفزيونية مع قناة “المنار”، يقوم وفد نيابي من الحزب بزيارات الى حلفاء تشمل العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقوى من اللقاء الوطني، فيما أبلغ الرئيس نبيه بري وفد الاكثرية أنه لا مجال لتعديل جدول أعمال هيئة التشاور وأن كل العناوين الخلافية يمكن حلها من خلال حكومة وحدة وطنية. كما أبلغ بري الوفد أن كل أعذارهم غير مقبولة باستثناء عذر النائب وليد جنبلاط لأن موعد زيارته لواشنطن ومواعيد لقاءاته فيها مقررة مسبقاً. وعلم ان بري استبق بيان التأجيل باتصالات أجراها بعدد من القيادات المدعوة الى طاولة التشاور ومنها قيادة حزب الله والعماد عون، وتشاور معها في الأسباب والحيثيات التي فرضت التأجيل.
    من جهتها نقلت قناة «المنار» عن مصادر وصفتها بالموثوقة في حزب الله قولها إن قوى الاكثرية «تضيّع على البلد فرصة ذهبية وتستخف بطريقة غير مسؤولة بمستقبل لبنان، وإن البرنامج المحدد للتشاور لا يمكن إلا ان تنحصر نتائجه بمحورين: إما الوصول إلى حكومة وحدة وطنية، وإما الدخول في أزمة سياسية كبيرة يشغل الشارع حيزاً منها ضمن ممارسة دستورية للتعبير عن الرأي بكل ديموقراطية».
    في المقبل برز استنفار عند فريق الأكثرية تمثل في مواقف عدة. إذ فيما أصر قائد “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع على “التحذير من أعمال شغب واضطرابات” قال نائبه جورج عدوان إن النزول إلى الشارع لن يحقق مطلب تغيير الحكومة، فيما كان الوزير جو سركيس يطلق “تحذيرات من أننا لن نتركهم يأخذون السلطة من خلال تشاور ملغوم”. لكن النائب أكرم شهيب نطق بعبارة هي الاخطر في كل كلام فريق الأكثرية قائلاً “سنرد على التظاهر بالتظاهر ولن نرد على الرصاصة بوردة” دون أن يوضح ما إذا كان يتحدث باسمه الشخصي او الحزبي او باسم السلطة. وأضاف إليه وزير الصناعة الكتائبي بيار الجميل ان هذه الحكومة لها قواها “صاحبة التمثيل الحقيقي، ولن نترك لهم الأمر”. وبدوره رأى وزير الاتصالات مروان حمادة أن لبنان «ينهار خارج النظام الديموقراطي» لافتاً الى أنه “بالهوبرة لا يستطيع أحد إسقاط الحكومة لأنها تتمتع بثقة مجلس النواب وباحترام عربي ودولي”.
    وكان لافتاً ما قاله البطريرك الماروني نصر الله صفير عن “أن ما نراه ونسمعه لا يدعو الى الطمأنينة. وهناك من لا يزال يعمل للعودة بلبنان الى عهد الوصاية. لكن إذا لم يقتنع أهل السياسة بأن لكل من العائلات اللبنانية دوراً في بناء المجتمع، وإذا شعر بعض هذه العائلات بالتهميش والإقصاء عن مراكز المسؤولية، فالعاقبة لن تكون سليمة».
    وحيث نشطت الاتصالات بين نواب من كتلة “التيار الوطني الحر” والبطريرك الماروني فإن العمل جار لترتيب لقاء قريب بين صفير والعماد عون. علماً بأن قوى الأكثرية تحث صفير على إدانة الشغب المتوقع في الشارع من قبل تحالف عون ــــ حزب الله وهو ما كان ينتظره فريق الأكثرية من صفير امس، بعدما نصحوه بحث الناس على عدم تقبل أي دعوة الى التظاهر والاحتجاج. وسارع النائب جورج عدوان الى زيارة صفير وبحث معه الأمر من زاوية ان التغيير الحكومي يعيد الوصاية السورية وأن ملف التهميش يمكن معالجته من خلال تفعيل العمل الحكومي وتوسيع هامش المشاركة العامة في صناعة القرارات.
  • كواتم صوت أميركية وأسلحة إسرائيلية
    لكن التطور الأمني الأخطر تمثل في ما كشفته مصادر أمنية لـ«الأخبار» عن أمرين متزامنين حصلا في شباط الماضي، وترافق ذلك مع تزايد النشاط الأمني لأجهزة أمنية أميركية وفرنسية وأوروبية في المنطقة، وترافقت مع كشف شبكة العميل محمود أبو رافع واختفاء الحقائب السوداء التي كشف عن وجودها في التحقيقات، والتي لم يعرف مصيرها، علماً بأن تفجيرات كثيرة حصلت في الفترة الماضية قد تمت بواسائط مشابهة.
    وعلمت «الاخبار» أن الأجهزة الأمنية اعتقلت قبل مدة مواطناً لبنانياً يدعى فيصل المقداد واعترف بأنه يتعامل مع الجيش الاسرائيلي منذ مدة غير قصيرة، وقدم معلومات مثيرة عن نشاطه الذي وصف بأنه أخطر بكثير من نشاط العميل ابو رافع. وكان اللافت والخطير في اعترافاته أنه تولى في منتصف الشتاء الماضي نقل شحنات أسلحة بواسطة سفن صغيرة مصدرها إسرائيل وتولى رميها على ساحل الدامور.
    وإذ تكتمت المصادر الأمنية عن تفاصيل اعترافات المقداد، أشارت الى أنه حصل على تعليمات محددة من الاستخبارات الاسرائيلية تتعلق بالنقاط التي يفترض أن يلقي فيها السلاح والعتاد الذي يخص عمل مجموعات مسلحة.
    لكن المصادر كشفت من جهة ثانية عن فضيحة أمنية من نوع أكثر خطورة لكنها لفتت إلى تزامن حصولها مع الفترة التي قال فيها المقداد إنه رمى السلاح قبالة الدامور. وقالت «إنه في الثالث من شباط الماضي كشفت عناصر الجمارك في مطار بيروت الدولي على طرد مشبوه مرسل الى ديبلوماسي في السفارة الاميركية في عوكر يدعى مارك سافاجو (MARK SAVAGEAU)، مرسل من بريطانيا عبر شركة “ليبان بوست” يحمل الرقم R1616223700GB ويحتوي على عتاد حربي يبدو أن جزءاً منه مخصّص لعمليات “كوماندوس”. فوجد عناصر الجمارك في الطرد “غطاء بندقية حربية” (عدد ثلاثة) وثلاثة كواتم للصوت من نوعيات مختلفة».
    وقد سلمت إدارة الجمارك الطرد ومحتواه الى المحكمة العسكرية حيث جرت متابعة للتحقيقات ولم يُستجوب الدبلوماسي الاميركي، وعمدت السفارة بدلاً من ذلك الى إرسال موظف لبناني هو جوزف الياس شليطا ويعمل بصفة محقق خاص ويمثّل مكتب الامن الديبلوماسي في السفارة الاميركية. علماً بأن «الاخبار» سألت شليطا نفسه عن الامر فنفى علمه بأي شيء، برغم ان صورة عن بطاقته الشخصية موجودة لدى القضاء المختص (تفاصيل الملف الأمني).