لـم يعــد ممكنـاً إحيـــاء القـــرار 2403
يوم السرايا أمس كان طويلاً، خصصّه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة للملفات الكبيرة العالقة من ذيول الحربين، الاسرائيلية الأخيرة والداخلية القديمة، منها العلاقات بين الجيش والقوات الدولية في المنطقة الأمنية الجنوبية والمياه الاقليمية اللبنانية، والربط الالكتروني بين الأجهزة الأمنية وتداعيات القرار 2403، وملف المهجرين الذي حضر في السرايا فجأة، لينتهي النهار بإفطار «ود وتلاق» جمع الأضداد على مأدبة السنيورة.
اجتماعان أمنيان رأسهما السنيورة، أولهما دولي للبحث في الوضع الجنوبي في ضوء التسويف الاسرائيلي في تنفيذ الانسحابات المقررة الى ما وراء الخط الأزرق. وحضر الاجتماع وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد ميشال سليمان وقائد قوات الطوارئ الدولية الجنرال الان بيلّيغريني وممثل الأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى العميد سعيد عيد ومدير المخابرات العميد جورج خوري ومساعده العميد عبد الرحمن شحيتلي.
وفيما وصف بلّيغريني اللقاء بـ«الروتيني للتنسيق مع الجيش اللبناني»، اكتفى رداً على سؤال عن موعد الانسحاب الأسرائيلي بالقول «قريباً»!. وعلمت «الأخبار» ان القائد الدولي ابلغ المجتمعين ان الانسحاب سيبدأ غداً من دون ان يجزم بالمدة التي يمكن ان يستغرقها، ملمحاً الى انه لا يمكن التكهن بما يمكن ان ينشأ من عراقيل اثناء تنفيذ المرحلة الأخيرة من الانسحاب الشامل.
وعُلم ان الجانب اللبناني ابلغ قائد القوات الدولية انه يحتاط لمثل هذا التأخير، وأن الاستعدادات جاهزة لرفع شكوى الى مجلس الأمن بالخروقات الاسرائيلية، ونوّه المجتمعون بالتعاون القائم بين الجيش والقوات الدولية وبخطوة بدء الطيران المروحي اللبناني دورياته فوق الحدود اللبنانية ــ السورية.
الاجتماع الأمني الثاني شكل المرحلة الثانية من الاتفاق بين الرئيسين نبيه بري والسنيورة لإنهاء الأزمة بين وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت والمدير العام للأمن العام وفيق جزيني. وحضر اللقاء الى السنيورة وفتفت وجزيني، الوزير المر وقادة الأجهزة الأمنية، وللمرة الأولى رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي المقدم وسام الحسن، الذي أثار حضوره انتقادات خافتة لأنه ليس قائداً لجهاز امني، وخصص الاجتماع للبحث في صيغة جديدة للتنسيق الأمني او ما بات يعرف بـ«الربط الالكتروني» في ما بينها. وانتهى الى اضافة الجمارك والمخابرات الى لائحة الأجهزة التي سيصار الى الربط بينها.
وعلمت «الأخبار» ان المجتمعين تجنبوا الاشارة الى القرار 2403 باستثناء جزيني الذي اشار الى ان مثل هذا الاجتماع كان ضرورياً قبل صدور القرار، فيما توجه رئيس الحكومة الى الحاضرين بالقول: «الهمّ الأمني مسؤوليتكم ومتروك لكم وأنا لا اعرف به، فيما لفت كلام المر في عرضه عن التنسيق المطلوب اذ قال إنه اخفى معلومات عن محاولات استهدافه اربعة اشهر، «فكانت حصتي 100 كلغ ت.ن.ت. كادت تودي بحياتي».
وخلص الاجتماع الى توافق على لقاء لقادة الأجهزة الأمنية في السرايا اليوم لوضع التصور الممكن تطبيقه وإحالته على اجتماع مجلس الأمن المركزي المقرر الاثنين المقبل في الداخلية.
وردا على كلام نقل عن الوزير فتفت في دردشة بعد الاجتماع بأن اللقاء كرّس القرار 2403، قالت مصادر دستورية وقانونية لـ«الأخبار» ان هذا القرار «لم يعد ممكناً احياؤه لأسباب وجيهة، اذ انه كان جائزاً عندما كان الربط مطروحاً بين اجهزة وزارة الداخلية فقط، لكن ضم مديريتي المخابرات والجمارك جعل من وزارتي الدفاع والمال طرفين اضافيين، ولم يعد قرار الوزير قابلاً للتطبيق، بل بات الأمر مرهوناً بقرار يصدر عن مجلس الوزراء او رئيس الحكومة» (راجع صفحة 3).
وعشية المؤتمر الذي دعا اليه التيار الوطني الحر للبحث في ملف المهجرين، رأس السنيورة اجتماعاً خصصه للبحث في هذا الملف مع وزير المهجرين نعمة طعمة ووزيرة الشؤون الاجتماعية نائلة معوض ونواب من عاليه والشوف وبعبدا من اللقاء الديموقراطي والقوات اللبنانية، اكد بعده طعمة ان مسألة العودة ستمر عبر الخطة التي وضعها لدى تسلمه الوزارة، والتي كان يفترض ان تبدأ بالعودة الى كفرمتى قبل بداية الحرب، الا ان هذه الحرب و«بعض المعارضة» التي لم يسمّها الوزير باسمها «أخرت العودة، الا ان كل هذه المسائل حُلّت، وصباح غد سيجتمع في مكتبي المقيمون في القرية والعائدون إليها» لإتمام اول مرحلة من المصالحة على ان تبدأ وزارة المال صرف الاعتمادات مطلع الاسبوع المقبل.
وأكد الوزير ان الاعتمادات التي ستصرف هي من خزينة الدولة، وقد حصلت بعض الاعتراضات على حجم المبالغ المصروفة لكل عائد، الا انها حُلت بعدما طالب البعض بخفض المبلغ.
وفي وقت لاحق ابلغ السنيورة النواب الذين اجتمعوا في مكتبه انه توافق مع الوزير طعمة على مسألة كفرمتى كخطوة اولى وعلى المبالغ، وطالب البعض برفعها من 30 مليون ليرة الى 50 مليوناً اسوة بالمتضررين في الجنوب.
وعلمت «الأخبار» من مشاركين في اللقاء ان السنيورة ابلغ المجتمعين ان من المستحيل تعديل التعويضات المقررة سلفاً لعدم وجود المال الكافي، وعدم قدرته على المس بأموال المساعدات جراء العدوان، وهي مساعدات لم يتجاوز ما وصل منها الى لبنان 40 في المئة من التقديرات للأضرار، لافتاً الى زيارته المرتقبة الى الكويت السبت المقبل ودول اخرى والتي قد تعود بمساعدات اضافية.
وأوضح طعمة ان مبلغ 50 مليون ليرة تعويضاً للمنزل المدمر كليا في الجنوب هو مبلغ موافق عليه من الدول المانحة، ومبلغ 30 مليون ليرة بدلاً من المنزل المدمر جراء الحروب الداخلية هو مبلغ مقر وفق القوانين اللبنانية، وبالتالي فإن تعديل المبلغ الاخير سيتطلب موافقة الحكومة وقد يتطلب تعديلاً قانونياً من مجلس النواب لكونه من اموال المكلف اللبناني.
وأطلق السنيورة خلال مأدبة افطار اقامها في السرايا في حضور الرئيس بري، ورؤساء سابقين ورؤساء حكومة سابقين ووزراء ونواب ورؤساء الطوائف وسفراء وشخصيات رسمية ان «عندنا من القضايا والمشكلات والهموم ما يستدعي فعلاً القلق وضرورة تبادل الرأي لفتح نوافذ من الأمل» معتبراً ان «اولى المسؤوليات إقفال ملفّ النزاعات الداخلية والعمل على أن لا يكون لبنان ساحة للصراعات الخارجية أو لتصفية الحسابات».
واذ اشار الى «حق الاختلاف السياسي»، اكد ان ليس هناك ما «يدعو إلى الحدة في التعبير بما يوتر المواطنين» معتبراً «أنّ ما يجمع اللبنانيين أكبر وأكثر بكثير مما يفرّقهم».
ورأى السنيورة ان «لا شروط على الوطن والدولة والنظام الديموقراطي» لافتاً الى «أنّ المشاركة الكاملة والمتطوّرة يمكن الوصول إليها باستكمال تطبيق الطائف، وبالعمل من خلال المؤسَّسات الدستورية، وباعتماد النهج المُسالم والمستنير في حالات التوافُق والاختلاف».
من جهة اخرى تلقى السنيورة اتصالاً من وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس عرضا خلاله الأوضاع الراهنة. وأكد السنيورة «ضرورة تطبيق القرار الدولي الرقم 1701 بانسحاب اسرائيل من الاراضي اللبنانية المحتلة تمهيداً لوقف ثابت لإطلاق النار وتحريك ملف قضية مزارع شبعا».