الثامنة صباح اليوم، يفترض ان يكون قد بدأ العمل بالبند الاول من القرار الدولي 1701 لجهة وقف عمليات القصف والغارات بين اسرائيل والمقاومة والعودة فوراً الى «تفاهم نيسان»، من دون أي ضمانات جدية بالتزام اسرائيل وقف الاعتداءات او الخروج سريعاً من المناطق التي احتلتها في الجنوب، فيما كانت طائراتها توسع القصف طوال الساعات الـ24 الماضية.وابتداءً من الثامنة من صباح اليوم، يفترض ان تتوقف الجرائم الاسرائيلية بحق المدنيين وكل المرافق المتصلة بهم، مقابل وقف المقاومة لإطلاق صواريخها على شمال اسرائيل. لكن الذي تبلغه لبنان مساء امس هو ان الحصار المفروض على المطار والمرافئ والمعابر الحدودية البرية للبنان سوف يظل مفروضاً الى ان يقر لبنان آلية مراقبة دولية لمنع تدفق السلاح الى حزب الله.
أما في الجنوب فإن قوات الاحتلال التي واصلت امس سعيها لقضم المزيد منه، كانت تواجه المقاومة نفسها التي بدأت في اليوم الاول، وسط خلافات داخل اسرائيل على مبدأ الانسحاب السريع او انتظار وصول القوات الدولية وقبلها انتظار الموت لجنودها في ظل قرار المقاومة شن اعنف عمليات ضد القوات الاسرائيلية في لبنان.
لكن المناخ الميداني المتلبّد الذي يترقبه نحو مليون نازح يريدون العودة في اسرع وقت الى منازلهم، لم يحل دون مباشرة فريق سياسي داخلي حملة لفرض تفسيرات وتفاهمات على لبنان تتعارض ونتائج الحرب المدمرة عليه.
في اسرائيل التي دخلت الحرب بحكومة اتحاد وطني، بدأ السجال يقترب من لحظة الانفجار تحت وطأة الهزيمة والخسائر. وتلوح في الأفق معركة قد تطيح سريعاً حكومة إيهود اولمرت وتفتح الباب امام انتخابات مبكرة.
أما في بيروت، فقد اظهرت سلوكيات الأفرقاء خلال مرحلة العدوان وما جرى خلال الساعات الـ48 الماضية الحاجة الى حكومة اتحاد وطني تكون قادرة على تحقيق تمثيل سياسي يتناسب وحجم من جلس على طاولة الحوار، وتكون قادرة على مواجهة الاسئلة الصعبة للمرحلة المقبلة:
كيف سيتصرف لبنان مع بدء مرحلة تنفيذ القرار الدولي؟ وكيف سيتصرف لبنان مع معركة إعادة النازحين وفك الحصار العسكري ومواجهة الشروط الامنية والسياسية الخارجية؟ وكيف سيتصرف لبنان في مواجهة مهمة إعادة إعمار البلاد وإطلاق دورة إنتاج تعوّض ما فات؟ وكيف سيتابع لبنان مواجهة ازماته السياسية التي “ارتاح” اللبنانيون منها على وقع العدوان الاسرائيلي؟
وأظهرت الاتصالات والسجالات السياسية الاخيرة ان حكومة الرئيس فؤاد السنيورة مهددة فعلاً لأول مرة بخطر الانفراط، علماً بأن رئيسها حرص ليل امس على التوضيح أن ما يجري الحديث عنه من خلافات وسجالات ليس إلا تفسيراً مبالغاً فيه لوقائع الجلسة الأخيرة للحكومة. وقالت مصادر رئيس الحكومة انه لم يتبلغ أي موقف سلبي من حزب الله بشأن القرار الدولي وانه ابلغ ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مساءً ان لبنان ملتزم تنفيذ القرار. وأوضحت المصادر ان رئيس الحكومة لم يجر اي اتصالات خارجية ربطاً بتأجيل جلسة الحكومة امس، وانه سيدعو خلال 48 ساعة الى جلسة اخرى بعد الاتفاق على ذلك مع الرئيس نبيه بري.
لكن موقف رئيس الحكومة لا يعكس كل واقع الحال، حيث بادر وزراء فريق 14 آذار الى إطلاق حملة سياسية كانوا قد بدأوها في جلسة السبت وتناولت “مطلباً دولياً بنزع سلاح المقاومة” وأظهروا رغبة في افتعال مشكلة سياسية داخلية، وهو ما اوجب “تلقي مرجعيات منهم تحذيرات من أن البلاد قد تدخل في ازمة سياسية من شأنها إطاحة الحكومة فوراً، وإقفال الباب امام تنفيذ أي بند من بنود القرار الدولي”.
ومع ان الرئيس بري سارع امس الى محاولة احتواء الأزمة، فإن الاتصالات السياسية لم تتوصل الى نتائج حاسمة بعد.
في هذه الاثناء، كانت المواجهة بين المقاومة الإسلامية وقوات الاحتلال تتواصل على كل الجبهات. وتصدى المقاومون لمحاولات تقدم في القطاعين الغربي والشرقي في سياق أسلوب قتال مركب بحيث «تتقدم الآليات الإسرائيلية فتتصدى لها المقاومة بالصواريخ المضادة للدروع فتتدخل المروحيات الإسرائيلية لمطاردة المقاومين على أن تكمل الآليات تقدمها لتسقط في مواجهة مماثلة»، وقد ادى هذا الى مقتل وجرح اكثر من تسعين ضابطاً وجندياً اسرائيلياً بحسب اعترافات تل ابيب.
وبينما فشلت القوات البرية الإسرائيلية، لليوم الثاني على التوالي، في التقدم إلى وادي الحجير، شنّت طائراته الحربية غارات عنيفة على أحياء جديدة في الضاحية الجنوبية، وهذا ما دفع بالمقاومة الى قصف مدينة حيفا مرات عدة ومستعمرات في الشمال. وأعلن قائد الدفاع الداخلي في الجيش الإسرائيلي أن أكثر من 250 صاروخاً أطلقها حزب الله من لبنان سقطت أمس في اسرائيل. وهذا اكبر عدد من الصواريخ يطلق في يوم واحد، وكان قد سُجل في الثلاثين من تموز سقوط 231 صاروخاً.