«حرب سكاكين» بين السياسيين والعسكرمهدي السيداندلعت «حرب سكاكين» بين سياسيي إسرائيل وعسكرها، في محاولة من كل طرف كي ينأى برأسه عن مقصلة التحقيقات، التي بدأت تقترب من رقاب المسؤولين. جنرالات الجيش بدأوا يحمّلون المستوى السياسي مسؤولية فشل العدوان على لبنان، فيما يحاول وزراء الحكومة إبقاء «شبهة الإخفاق» على قادة الجيش عبر لجنة تحقيق، تدين غالبية أعضائها بالولاء لوزير الدفاع عمير بيرتس، وهو ما أثار حفيظة الضباط الذين حاولوا الترويج «لنصر ما»، مع الإعلان عن «إبقاء قوات في الجنوب»، «حيث الحرب لم تنته» حسبما اعتبرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية.
وأمر بيرتس أمس بتأليف لجنة للتحقيق في كيفية خوض الجيش للحرب في لبنان ضد حزب الله. وستحقق اللجنة في استعداد الجيش وأدائه خلال الحرب، على أن يرأسها رئيس هيئة أركان الجيش سابقاً أمنون ليبكين شاحاك، وتضم في عضويتها المدير العام لوزارة الدفاع سابقاً، إيلان بيران، ورئيس الشعبة التكنولوجية واللوجستية في هيئة أركان الجيش سابقاً، عامي ساغيس، وقائد سلاح الجو سابقاً، هرتسل بودينغر.
وأثار قرار بيرتس علامات استفهام كثيرة؛ إذ كيف يمكن للجنة عيّنها وزير الدفاع أن تحاكمه وتحاكم الجيش؟ ولماذا التهرب من تعيين لجنة تحقيق حكومية تتمتع بصلاحيات واسعة واستقلالية؟ وهو ما دفع محافل في الجيش إلى المطالبة، بحسب «هآرتس»، بتشكيل لجنة تحقيق خارجية تفحص أيضاً تصرف بيرتس، وإلى انتقاد تعيين شاحاك تحديداً لكونه مقرباً جداً من وزير الدفاع.
وحاول اللواء بني غنتس، قائد اسلحة البر، الدفاع عن موقف الجيش ورمي الكرة في ملعب المستوى السياسي. وقال انه «لم يكن هناك أحد في القيادة العسكرية العليا قد ادعى أن قوة جوية يمكنها أن تؤدي المهمة من دون عملية برية». وأضاف غنتس ان اعتبارات القيادة السياسية أفشلت عمل الجيش الاسرائيلي في الاسابيع الاولى من القتال. كما اتهم غنتس القيادة العسكرية بالقطيعة التي حلّت بين الخطة العملياتية وتطبيقها عملياً.
وفي السياق، قال قائد المنطقة الشمالية أودي آدم: «كان على القوات البرية أن تدخل في وقت مبكر، وكان يجب استدعاء الاحتياط في وقت سابق، وإعداد الجيش، وتجهيز قوة يمكنها القيام بالمهمة. أخطأنا في كل ذلك». وأضاف إن من تأخر في اتخاذ القرار هو المستوى السياسي، وإن القرارات لم تكن سريعة.
ودعا سياسيون وقادة كبار في الجيش الى اقصاء رئيس الأركان دان حالوتس أو فتح تحقيق ضده. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن ضابط رفيع المستوى قوله: «مللنا هذا الوقح الذي لا يفهم في الشؤون العسكرية».
على صعيد آخر، قال حالوتس، خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست امس، إنه سيبقي قواته في جنوب لبنان حتى وصول القوات الدولية التابعة للأمم المتحدة «ولو استغرق ذلك أشهراً». وأضاف: «إذا لم يتحرك الجيش اللبناني باتجاه الجنوب في غضون ايام، فإن الوضع كما أراه هو أننا يجب ان نوقف انسحابنا». ووصف قتال حزب الله في الجنوب بالقول: «قاتلونا قتال الانتحاريين».
في هذا الوقت واصلت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني زيارتها إلى الولايات المتحدة، حيث قالت إن «هناك حاجة لنشر قوات اجنبية نشطة وفعالة إلى جانب القوات اللبنانية في جنوب لبنان معقل حزب الله، وإن الحرب لم تنته بعد». وأضافت: «في البداية كانت هناك المعركة العسكرية ثم المعركة الديبلوماسية، والآن من المهم ان ينفذ المجتمع الدولي والحكومة اللبنانية القرار رقم 1701 بالكامل».
وبحسب ليفني إن «جزءاً من قرار مجلس الأمن يدعو إلى إطلاق سراح الجنديين فوراً ومن دون شروط. وحقيقة ان الجنديين محتجزان لدى حزب الله تعد انتهاكاً لقرار مجلس الأمن».
وتابعت أن من المهم كذلك أن يمنع المجتمع الدولي والحكومة اللبنانية حزب الله من إعادة التسلح عن طريق إغلاق الحدود اللبنانية مع سوريا. وأضافت أن من شأن ذلك منع إيران وسوريا من إمداد حزب الله بالسلاح والمال.
وقالت ليفني: «آمل حقيقة وأعتقد أن هذا قد يكون سبيلاً جديداً يمكن ان يؤدي إلى الاستقرار بل وربما إلى السلام في المستقبل بين إسرائيل ولبنان». وتابعت: «لكن ذلك لا يعتمد فقط على إسرائيل، بل أولاً على الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي وهذا هو سبب زيارتي».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الاسرائيلية قوله إن اسرائيل ستستأنف هجومها على لبنان اذا لم يتم تجريد حزب الله من اسلحته طبقاً للقرار 1701. وقال المسؤول: «اذا قرر المجتمع الدولي تجاهل رفض حزب الله نزع اسلحته فإن ذلك سيعني عاجلاً أو آجلاً أننا سنستأنف الحرب، لأن حزب الله سيعـ،ـــــاود التسلح مجدداً ويعاود استفزازنا».