بـــري لـ «الأخبـــار»: تجــريـد المقــاومـة من ســلاحها غـيــر مطــروح لـدى أي طــرف لبــنانيودفعت تعقيدات تأليف القوة الدولية بنائب الأمين العام للأمم المتحدة مارك مالوتش براون أمس إلى توجيه نداء عاجل إلى الدول الأوروبية لـ«تقديم مزيد من الجنود لهذه الدفعة الاولى» التي يفترض بها أن تصل إلى لبنان خلال الأيام العشرة المقبلة.
ويقول متابع لملف القوة الدولية في باريس، لـ«الأخبار»، إن «سلامة القوات الفرنسية» أدت دوراً كبيراً في قرار الرئيس الفرنسي بخفض حجم المشاركة الفرنسية، وخصوصاً بعد وصول إشارات للاستخبارات الفرنسية عن «الأجواء التي يمكن أن تحيط بالقوات في الجنوب اللبناني». وأضاف المصدر أن المفاوضات «قد تركت نيويورك» وباتت بين فرنسا ودولة إقليمية وأن المفاوضات، التي تغطيها «سرية تامة»، تجاوزت الملف اللبناني ويجريها «موظفون من الصف الأول».
وتتوقع المصادر الفرنسية أن تفضي المفاوضات إلى اتفاق في مطلع الأسبوع المقبل يفتح الباب أمام موافقة فرنسا على إرسال قوات «لا تكون مهمتها تجريد حزب الله من أسلحته» بل ضمان الأمن والاستقرار «بشكل يسمح بالقول بأن القرار ١٥٥٩ قد نفذ».
دافعت فرنسا عن قرار «المشاركة الرمزية» في القوة الدولية، إلا أنها لم تغلق الباب أمام توسيعها، فجدّد الرئيس الفرنسي جاك شيراك خلال اتصال هاتفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، المطالبة بتوضيحات عن مهمتها.
ونأى الرئيس الأميركي جورج بوش ببلاده عن المشاركة في القوة الدولية، وهو ما أعاده نائب وزيرة الخارجية نيكولاس بيرنز إلى «التجربة التاريخية للقوات الأميركية في لبنان»، في إشارة إلى العملية ضد «المارينز» في عام 1983. لكن الرئيس الأميركي حض باريس على إرسال مزيد من الجنود إلى الجنوب، متغزلاً «بالعلاقة الفرنسية الأميركية».
في هذا الوقت، تأكدت أمس مشاركة إيطاليا في القوات الدولية، بعدما أعطت الحكومة الضوء الأخضر السياسي لإرسال جنود، في خطوة وافق عليها البرلمان. وأعلن رئيس الحكومة الإيطالية رومانو برودي، في مؤتمر صحافي، أن «المعطيات الكمية»، أي عدد الجنود الذين سيرسلون ونفقات المهمة، «لم تدرس بعد» وستحدد «بالاتفاق مع الدول الأخرى المشاركة في المهمة مثل فرنسا».
كما أعلنت الحكومة الفنلندية أنها قد ترسل نحو 250 جندياً الى لبنان لتعزيز قوة الأمم المتحدة، الا أنها لن تتخذ قراراً نهائياً قبل أسبوعين على الأقل.
وجددت إسرائيل أمس، عبر مندوبها في الأمم المتحدة دان غيلرمان، شروطها للدول المشاركة، مشيراً إلى أن تل أبيب لا ترغب في أن تشارك دول لا تعترف بها في القوة الدولية، وهو ما رفضه رئيس الوزراء الماليزي عبد الله احمد بدوي، الذي جدد عرض بلاده المشاركة. ونقلت صحيفة «نيو ستريتس تايمز» عن بدوي قوله: «اذا كانت اسرائيل تريد التعبير عن معارضتها، فلتفعل. غير أنها ليست في وارد تقرير من يملك الحق في أن يكون ضمن هذه القوة».
ورفض وزير الدفاع الأندونيسي جوونو سودارسونو أن توكل مهمة نزع سلاح حزب الله إلى القوات الأندونيسية، التي ستشارك في القوة الدولية. وقال إن «مهمتنا ستكون التأكد من عدم وجود عناصر مسلحة في المنطقة عدا الجيش اللبناني وعناصر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل)». كذلك، أعلن وزير الخارجية الباكستاني أن بلاده تدرس طلباً لبنانياً للمساهمة بجنود في القوة.
وقالت مصادر ديبلوماسية لبنانية لـ«الأخبار» إن اجتماعات نيويورك الخميس الماضي أفضت الى قرار بإرسال دفعة من القوة الدولية تقدّر بـ3500 جندي تصل الى لبنان قبل الثاني من أيلول المقبل للانضمام الى الجيش اللبناني في مهمة تحقيق الأمن في المنطقة التي حددها القرار 1701، على أن يستكمل العدد في أوائل تشرين الثاني.
وفي السياق، أبلغ وزير الخارجية فوزي صلوخ «الأخبار» بأن المعلومات التي وصلته حول المحادثات الجارية في نيويورك توحي بالإيجابية، مشيراً إلى أنه لم يتلق من باريس حتى الآن ما يفيد عن عدول الفرنسيين عن المشاركة الفعالة في هذه القوات والاكتفاء بإرسال 200 جندي فقط، بدلاً من 2000 كما ذكر سابقاً، وخصوصاً أن وزير الخارجية الفرنسي، فيليب دوست بلازي، بدا خلال زيارته الأخيرة الى بيروت متحمساً لهذه المشاركة، إذ قال: «إن لدينا أكثر من ألفي جندي بالقرب من الشواطئ اللبنانية بإمكانهم أن يحطّوا في بيروت خلال ساعات قليلة».
وأكد صلوخ أن «بلداناً عديدة أبدت استعدادها للمشاركة في القوات الدولية، بينها اسبانيا وماليزيا وبنغلادش وحتى بروناي، التي لم تكتف بالإعلان عن عزمها على تقديم مساعدات مالية للبنان، بل بدت متحمسة أيضاً للانضمام الى اليونيفيل».
بري
وفي موقف يرمي الى وضع حد للغط المحيط بتنفيذ القرار 1701، وخصوصاً ما يتصل بمطالبة بعض الأفرقاء بتجريد «حزب الله» من سلاحه، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الأخبار» أن «تجريد المقاومة من سلاحها غير مطروح، لا في القرار 1701 ولا لدى أي طرف لبناني»، مشدداً على أن «ما طلبه الجيش لتنفيذ مهمته وفق القرار 1701 أخذه». وإذ لفت إلى أنه لم يطّلع على تحفظات أخرى أثيرت في الأيام الأخيرة حيال انتشار الجيش، قال بري «ما طلبه الجيش قرره مجلس الوزراء. وأعتقد أنه لا أنا ولا من يقولون إنهم يتحفّظون يعرفون مصلحة الجيش أكثر من الجيش نفسه». وأضاف «ان انتشار الجيش اللبناني في الجنوب علامة فارقة في تاريخ لبنان. منذ العام 1969، لم يكن مسموحاً له أن يكون على أرضه. وقد بدأت المحنة الحقيقية للبنان عندما تمزقت وحدته الوطنية، وتجلى ذلك في عدم الثقة بالجيش وإهماله. اليوم، بعدما حرر المقاومون والشهداء والجرحى الجنوب، يستعيد الجيش لبنان، كل لبنان، من الجنوب. إلا أنه لا يستعيد الجنوب إذا بقي خارجه. بكلام أوضح، اذا بقي الجيش في العاصمة لا يحمي الجنوب. ولكنه من الجنوب يحمي العاصمة».
وتابع بري «ليس لي الا أن أوجه مناشدة وهي: هل يعلم اللبنانيون حقيقة المجزرة الانسانية والعمرانية والنفسية التي خلّفها العدوان الاسرائيلي؟ هل يعرف الذين يطالبون بتجريد المقاومة من سلاحها قيمة الطفل المستعجل عودته الى بيته، فاذا به لا يجد حتى الحيّ الذي يقيم فيه بيته؟ لنتّقِ الله ونتوقف عن تبادل الاتهامات والتنظيرات والتهجمات، بعضنا ضد بعض، لأن هذا الأمر يحبط همّة البلدان الشقيقة والصديقة التي تهبّ لمساعدتنا». وأوضح بري، رداً على سؤال عما إذا كان بصدد توجيه دعوة قريبة الى متابعة اجتماعات هيئة الحوار الوطني، أن «الحوار ضروري دائماً. ولكن ليس الآن أوانه لاعتبارات تتعلق بالشكل والأساس. ينبغي أن تخبو كل المواقف التي نسمعها عبر شاشات التلفزة. تتوقف المرحلة المقبلة على تضامن اللبنانيين. فإما تكون هدنة أو حرب».
في هذا الوقت، وصل الى مطار بيروت ليل أمس المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فيجاي نامبيار، ومبعوثه الخاص المكلف متابعة تطبيق القرار 1559 تيري رود لارسن، للاطلاع على المراحل التي قطعتها خطة انتشار الجيش في الجنوب، والبحث في آلية التعاون والتنسيق التي ستنظم العلاقة بين الجيش والقوات الدولية المنوي تشكيلها وتحديد المهمات التي سيتولى الفريقان تنفيذها.
وتأتي الزيارة التي تستمر حتى يوم غد تمهيداً لجولة ينوي الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان القيام بها الأسبوع المقبل تشمل لبنان وإسرائيل وسوريا وإيران.
وفيما أحيط موعد وصول المبعوثين الدوليين بسرية تامة وأعطي للصحافيين أكثر من توقيت لموعد هبوط الطائرة التي تقلهما، أفاد الناطق باسم الأمم المتحدة في لبنان خالد منصور أن لارسن «سيجتمع مع كل الناس» في إشارة الى أن زيارة الأخير الى بيروت لن تقتصر على الاجتماعات الرسمية بل ستشمل قيادات وشخصيات سياسية موالية ومعارضة.
ومن المقرر أن يستهل المبعوثان الدوليان برنامج الزيارة صباح اليوم بلقاء وزير الخارجية فوزي صلوخ على أن يلتقيا بعد ذلك الرئيسين بري والسنيورة.