وأخيراً، حسمت أوروبا خيارها، بعد تردد، وقررت أمس إرسال حوالى سبعة آلاف جندي إلى لبنان، بدءاً من الثلاثاء المقبل، لتعزيز القوات الدولية المنتشرة في جنوبه “اليونيفيل”، في خطوة جاءت بعد تسوية بين فرنسا وإيطاليا حول قيادتها، يتوقع أن تفتح الباب أمام مساهمات دولية أخرى، في وقت حمّلت فيه الولايات المتحدة كلاً من سوريا وإيران مسؤولية استمرار الحصار الإسرائيلي، بحجة دعمهما العسكري لحزب الله. وأعلن وزير الخارجية الفنلندي اركي تيوميويا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، في أعقاب اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في بروكسيل، أن أوروبا ستساهم بما بين 5600 إلى 6900 جندي في القوة الدولية، بالإضافة إلى القوات الموجودة فعلياً على الأرض في لبنان البالغ عددها حوالى ألفي جندي.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى أن فرنسا ستتولى قيادة القوات الدولية حتى شباط المقبل، على أن تنتقل القيادة بعد هذا التاريخ إلى إيطاليا.
وأشاد أنان بقيادة رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي والرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه ثاباتيرو، وقال: “أنا سعيد جداً لأن هؤلاء القادة قرروا تولي مسؤولياتهم وأداء دور فاعل في هذه المنطقة من العالم القريبة من أوروبا”. وشجب اعتراض إسرائيل على مشاركة قوات ماليزية وأندونيسية وبنغالية.
وستشارك إيطاليا بثلاثة آلاف جندي، فيما ستساهم فرنسا بألفين، وإسبانيا بـ1200، وكل من بلجيكا وبولندا بـ300 جندي. كما وعدت دول أخرى مثل النروج وفنلندا بالمشاركة بقوات على الأرض. ووعدت الدنمارك بإرسال سفينتين، بينما ستساهم ألمانيا بإسناد بحري، ولكنها لن ترسل قوات برية. وقال الوزير البريطاني المكلف الشؤون الأوروبية جيف هون إن بلاده لن تساهم بقوات برية، بل بوحدات «متخصصة».
وأعلن برودي، من جهته، أن القوات الإيطالية قد تتوجه إلى لبنان في وقت قريب قد يكون يوم الثلاثاء المقبل. وقال إن مجلس الوزراء الإيطالي سيصدر مرسوماً يوم الاثنين يرخص بنشر القوات، مشيراً إلى أنه تلقى ضمانات من إسرائيل ولبنان بشأن احترام الهدنة.
أما وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما فأعرب عن أمله أن يشكل الالتزام الأوروبي في قوة الأمم المتحدة في لبنان “منعطفاً” للشرق الأوسط برمته، وخصوصاً للعلاقات بين الفلسطينيين وإسرائيل. وأضاف: “نحن إزاء أمر جديد، فللمرة الأولى تقبل إسرائيل بانتشار قوة دولية كثيفة عند حدودها”.
بدوره، أعرب وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي عن أمله أن تشارك الدول الأخرى في الأمم المتحدة في عملية تعزيز قوة الطوارئ الدولية العاملة في لبنان (يونيفيل). وقال إن بلاده لا ترى “أي مشكلة” في أن تتولى إيطاليا قيادة هذه القوة.
وجدد دوست بلازي مطالبة فرنسا بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في الجنوب، مشيراً إلى أنها الوسيلة الأمثل لنزع سلاح حزب الله. ودعا المجتمع الدولي، ولا سيما دول الخليج، إلى عدم ترك “القوى الأكثر تطرفاً في لبنان تحتكر تقديم المساعدات إلى السكان”.
ويتوقع أن يؤدي الالتزام الأوروبي إلى فتح الباب أمام مساهمات دولية أخرى في القوة الدولية، وعلى رأسها روسيا، التي لم يستبعد وزير دفاعها سيرغي لافروف إمكان إرسال قوات إلى لبنان.
وفي السياق، أبدت الولايات المتحدة تفاؤلها بقرب رفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل على لبنان، لكنها اتهمت إيران وسوريا بعرقلة إجراء كهذا بسبب دعمهما العسكري لحزب الله. وقال مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض إن “القرار 1701 يشدد بوضوح على وجوب أن تواكب رفع الحصار إجراءات جدية لتوفير أمن الحدود ونقاط الدخول إلى لبنان، والحؤول دون نقل السلاح أو أي وسيلة دعم أخرى للميليشيات داخل لبنان”.
(أ ب، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)