عاماً بعد عام، تتفاقم أزمة المدرّسين «المتعاقدين» لتعليم التلامذة اللاجئين السوريين، ويتزايد عدد المدارس المخصصة لهم، وبحجتهم تتزايد حيل الحكومات والمعنيين بالملف لاستعطاف المجتمع الدولي لزيادة التمويل من الدول المانحة، والجميع يستفيد من تلك الهبات أو القروض، ما عدا أصحاب الحق نفسه، وما «بروكسل» (حيث انعقد في الأسبوع الماضي مؤتمر للاجئين) إلا أمل آخر لمدرسين لم يتعلموا بعد الدرس من تلك السياسات المجحفة بحقهم.
هم ليسوا "متعاقدين"، ولا تنطبق عليهم بدعة "المستعان بهم"، ومستحقاتهم لا تصلهم قبل 4 أشهر من بدء عملهم، رغم توفر الأموال المرصودة من الدول المانحة، ومعظمهم عاطلون من العمل، أو متعاقدون في الدوام الصباحي، يتحملون عبء مصاريفهم اليومية.
لم تفلح اللجنة التي شكلها هؤلاء المدرسون في العامين الماضيين في معرفة مصير المستحقات، ولماذا تقبع في البنوك ما دامت متوفرة. تأتي الحجة من صونيا خوري مسؤولة وحدة التعليم الشامل في وزارة التربية التي تعنى باللاجئين، بأنه ليس هناك موارد مالية كافية، مع أنها حثت المديرين في بداية العام الدراسي على زيادة التلامذة في الشعبة الواحدة لرفع أجر الساعة لهم، وبالفعل فإن أي شعبة لا تقل عن 27 تلميذاً وقد تصل إلى 40 تلميذاً في بعض المدارس. وها هو العام الدراسي الحالي يشرف على نهايته، ولا بصيص أمل حتى الآن. وهناك معلومات تفيد بأن جداول القبض لم تسلم بعد، وإذا سلمت فستخضع للروتين الإداري المعروف لمدة شهر على الأقل. وهناك من يقول إنها ستتأخر حتى شهر حزيران، أي بعد نهاية العام الدراسي، وفقط للفصل الأول. كذلك فوجئت إدارات بعض المدارس بأن تعيد المناطق التربوية جداول الساعات وتطلب من المدرسين إعادة توقيعها والموافقة على حسم حصة أو حصتين من كل مدرس، بحجة أن الوزارة لا تريد احتساب بدل اليوم الذي خصص لمقابلات ذوي التلامذة، مع أن المدرسين داوموا في الصفوف، والتقوا عشرات الأهالي، وقدموا تقارير لهم عن مستوى أولادهم.
في 30 آذار الماضي، دعت رابطة معلمي التعليم الأساسي الرسمي إلى الإضراب من أجل رفع أجر ساعة التعاقد بالتساوي بين جميع المتعاقدين في المدرسة قبل الظهر وبعده أي 18 ألف ليرة لبنانية وليس 14 ألفاً للمدرس و15 ألفاً للمدير والناظر كما يحصل حالياً. وقد أوصت الجمعيات العمومية بالتصويت على الإضراب المفتوح.
معظم المدرسين وافقوا على التوصية، ومنهم من وقع بالقبول مع تحفظ شفهي. كما أن هناك مديرين امتنعوا عن عقد جمعيات عمومية وتوقيع المحاضر. ومع ذلك، تراجعت الرابطة عن الإضراب المفتوح، معلنة أنّه من أصل 277 مدرسة في لبنان وصلت محاضر من 116 مدرسة إلى الرابطة، ومن أصل المحاضر الـ 116 تبين أن 105 محاضر تؤيد الإضراب المفتوح و11 مدرسة ضده.
قرار تراجع الرابطة، ودعوتها إلى التريث بإعلان الإضراب المفتوح لدوام بعد الظهر لتعليم اللاجئين، ولا سيما تزامناً مع مؤتمر بروكسل، بحجة انتظار تسلّم باقي المحاضر ليس بجديد على رابطة لا ترد على اتصالات ومساءلة مدرّسي الدوام المسائي، إذ همّها الأساسي هو رفع أجر الساعة لمصلحة من تمثلهم.
* مدرسة متعاقدة