اللزاب شجرة صمغية معمَّرة تنمو في لبنان على الجبال العالية من ارتفاع 1400 إلى 2800م عن سطح البحر على امتداد المقلب الشرقي من السلسلة الغربية لتكلِّل قمم لبنان. وهي الشجرة الصمغية الوحيدة التي تنمو في السلسلة الشرقية.تشكل هذه الشجرة ثروة حرجية مهمة جداً، إذ تنمو في أماكن لا تستطيع الأشجار الصمغية الأخرى أن تتأقلم في ظروف بيئية قاسية من جفاف وجليد وتربة صخرية سطحية.

إن عملية تكاثر البذور الطبيعية تجري من خلال بعض القوارض وطير الكيخن الذي يتخلص من بذور اللزاب بعد أكلها إثر تخمرها في أمعائه، وتحتاج لخمسمئة عام لكي تتخذ شكلاً كاملاً لشجرة ناضجة، بينما تحتاج شجرة الزيتون أو الصنوبر من 10 إلى 15 عاماً، والأرز من 40 إلى 50 سنة.

نجاح التخصيب

تحتاج اللزابة لخمسمئة عام لكي تتخذ شكلاً كاملاً لشجرة ناضجة



توصلت جمعية «مملكة اللزاب» أخيراً إلى تخصيب بذور هذه الشجرة من خلال إنشاء مشتل مجهز بالوسائل التي تعطي جميع المقومات التي تحتاجها هذه البذرة لكي تنمو.
تجذّرها في العمق يسهم في حفظ المياه وحماية التربة من الانجراف، فتحافظ على النباتات البرية التي تنمو بجوارها، وتحمي من التصحر.
هي مصدر غذاء مهم للطيور المهاجرة، ومتنفس للمتنزهين، ومأوى من حرّ الشمس للمزارعين. هي مكافحة، صبورة وأبية، وقد أعطت هذه الصفات للشعب اللبناني. هي بركة ونعمة في جرود برقا التي تُعَدّ من أكبر أحراج اللزاب في لبنان وأكثفها. ويصفها البعض بـ«ناطور الزمن»، لأنها رأت وعاصرت أجدادنا، وسترى أحفادنا يمرحون في ظلها.

«كن أميناً»

لطالما كانت المشكلة تكمن في أن تكاثر الشجرة صعب ونموّها بطيء، وهو ما يجعل خسائر اليوم تنعكس على الأجيال اللاحقة. لذلك، يرى الكثير من البيئيين المتعمقين بمتابعة الثروة الحرجية في لبنان، ويعرفون أهمية التنوع البيولوجي الموجود، أن تقطيع أشجار اللزاب كارثة وطنية وبيئية لا تعوَّض، ويتعذر منعه حيث لا يعي الناس أهمية تلك الشجرة. المشكلة مع اللزاب هي ضعف انتشار صيته، ويجهل الناس أهميته البيئيّة، لذلك تُهمَل شجرته وكأنها زيادة لا لزوم لها. لذلك رفعت جمعية ملكة اللزاب شعاراً يقول: «أنت في أهم غابة لزاب في العالم، كن أميناً».

جمعية ملكة اللزاب

تُعَدّ جمعية مملكة اللزاب جمعية بيئية غير ربحية تهتمّ بحماية أشجار اللزّاب المعمَّرة وتعمل على تشجير قمم لبنان، وخاصة المنطقة الممتدة من ربيعة حتى عيون أرغش صعوداً إلى القرنة السوداء والغرفة الفرنسية، التي كادت تصبح صحراء. وتهتمّ أيضاً بشؤون أهالي القرى في هذه المناطق الجرديّة، وتشجّعهم على البقاء في قراهم، وتساعدهم على ترويج منتجاتهم، وتعمل على دعم السياحة البيئية التي تليق بلبنان وزوّاره.
وفي إطار مساعدة أهالي المنطقة على ترويج منتجاتهم، لها مشاركة متعددة في المعارض والمناسبات والأسواق البلدية العضوية مثل سوق الطيب في بيروت وزحلة. كذلك تقوم بمبادرات لتشجيع اللبنانيين على الاستفادة من منتجاتهم كمحطات موسمية من حواجز كرز وتفاح في مطار بيروت الدولي، وفي مناطق مختلفة في لبنان، وإقامة نشاطات ثقافية وترفيهية وبيئية في مملكة اللزاب.




«العودةإلى القمة»


كان لبنان لا يزال ينعم بكمية لزاب محترمة على امتداد المناطق اللبنانية الجبلية، من جرود العاقورة – عيون أرغش – عرسال – الهرمل وعكار... لا بل يحتوي على أكبر غابة لزاب في العالم!! إلا أن هذه الشجرة تعرضت أخيراً لمجازر كبيرة في أكثر من منطقة، ولا سيما في عكار، وقد رصد البيئيون والإعلام البيئي أكثر من عملية قطع عشوائية لأشجار معمَّرة لا تعوَّض. لذلك، انطلقت منذ خمس سنوات حملة كبيرة بالتزامن مع إنشاء مشتل خاص لإنتاج اللزاب في برقا، حيث زرعت جمعية مملكة اللزاب نحو 5000 شجرة تدريجاً، وتقوم بالاعتناء بها وحمايتها وريِّها صيفاً. وهي تتهيأ هذا الشهر لغرس نحو 2000 شجرة جديدة، لتعود قمم لبنان خضراء تغطيها أشجار اللزاب، حيث لا يستطيع ولا يقوى آخرون.