ضياء علي الحروب
قضية عرض فيلم دويري شكلت بالنسبة إلينا ناقوس خطر يحيط بالجبهة الثقافية على مستوى فلسطين والمنطقة العربية، فالمطالبة بالمنع جاءت في سياق تطبيع دويري وإصراره على التطبيع بكل وقاحة، داعياً من خلال خطاب سياسي ومحتوى أعمال إلى كسر الحاجز النفسي مع العدو الصهيوني على مستوى فلسطين والمنطقة العربية.

هناك حدود في مسألة الإنتاج الفني والثقافي بشكل عام، يجب على كل العاملين والناشطين في الحقل الثقافي أن يعوا لها ويفهموها جيداً، وقضية المطالبة بمنع عرض الفيلم جاءت لردع دويري وأي شخص تسوّل له نفسه بأن يجعل من فلسطين بوابة لشرعنة التطبيع مع العدو الصهيوني. فلا حملة المقاطعة قبلت ولم ولن تقبل بهذا، ولا أي عربي حر يقبل على فلسطين ذلك، وإن كانت الأنظمة العربية وسياسيوها اتخذوا في مستوطنة «تل أبيب» طريقاً للوصول إلى واشنطن، فلن نسمح بأن يتم اسقاط ذلك على الحيز الثقافي العربي وان تكون «تل أبيب» طريق وصول الفنان العربي إلى العالمية، فهذا الأمر رفضناه وسنرفضه وسنتصدى له على كل جبهة.

وصل الأمر بهم إلى إطلاق مسميات علينا مثل «الدواعش» وبلطجية اليسار

حاولنا بأكثر من أسلوب وطريقة للحوار مع إدارة المهرجان ومن كانوا مع عرض الفيلم، وأوضحنا لهم بأن المشكلة ليست مع أي شخص، ولا حتى مع الفيلم، مع حقنا الطبيعي بنقد وتفنيد أي محتوى ثقافي مهما كان مصدره وصاحبه. ولكن المشكلة كانت وما زالت مع المطبع دويري، وفي دفاعهم المستميت عنه وفيلمه، وعدم قدرتهم على الإجابة على الأسئلة الرئيسية في تطبيع زياد وخطابه وسلوكه المشرع له، بل على العكس لجأوا إلى تحميلنا وحملة المقاطعة نوايا ومخططات لم تكن في واردنا أو تفكيرنا، وتغيير مسار الحديث من فعل ملموس يمكن لنا محاكمته، وهو قيام المدعو زياد دويري بالعمل مع طاقم إنتاج صهيوني وعيشه في تل ابيب لمدة تقارب العام في إنتاج فيلمه السابق، «الصدمة» (٢٠١٢)، الى مضامين أخرى تتعلق بحرية التعبير، أو التهديدات المزعومة التي وصلت المهرجان، ونحن لم نهدد إطلاقاً أياً من القائمين على المهرجان أو المشاركين فيه أو في عرضه. حتى وصل الأمر بهم إلى إطلاق مسميات وأوصاف بعيدة كل البعد عن الواقع مثل «الدواعش» و«طالبان» والفكر المنغلق وبلطجية اليسار! أعطى هذا الخطاب الذي أطلقه بعض «نشطاء الحريات» غطاء للأجهزة الأمنية لاعتقال واستدعاء بعض الشباب المناهضين لعرض الفيلم!
* صحافي وناشط فلسطيني قاد حملة المقاطعة في رام الله واحتجزه الأمن الوقائي