فعلياً، بات المعلوف خارج تكتل الجمهورية القويّة بانتظار الإعلان الرسمي للقوات عن الأمر. وحتى يوم أمس، لم يكن النائب الزحليّ قد تبلّغ أيّ قرار بهذا الصدد، لكنه أشار في اتصال مع «الأخبار» إلى أن «السكوت عن الأخبار المتداولة وعدم نفيها يعني رضى القيادة القواتية عنها». حصل ذلك فقط لأنه طالب «بكرامة الإنسان ويبدو أن ثمة من امتعض من الأمر»، ليعقّب: «بين أن أكون نائباً أو عبداً، أفضّل أن أكون حُرّاً». يتمسك المعلوف بإصراره على الترحيب بالسفينة الإيرانية «في حال كانت ترفع الذلّ والجوع عن المواطن»، مُكّرراً: «لا عدوّ للبنان إلا العدو الإسرائيلي ولن أقبل أن أكون شاهد زور كما لا أقبل أن أكون حزبياً. أنا مستقل ومتحالف مع القوات وإن كانوا غير قادرين على تحمّل كلامي أو رأيي فتلك مشكلة». وعما إذا كان تلقى أي اتصال من أي مسؤول في حزب القوات اللبنانية، قال إن أحداً لم يُكلّمه أو يبدي انزعاجه، «ففي الأساس لا أسمح لأحد أن يعاتبني لا في الحاضر ولا طوال ثلاثة سنوات». فيما تشير مصادر مطلعة إلى أن حزب القوات لطالما أبدى ارتياباً من تصريحات عضو تكتله النيابية، وحاول مراراً فرض شروطه عليه بما فيها عدم إصدار بيانات أو الكلام من دون استشارة الدائرة الإعلامية في معراب، لكنه كان يرفض الطلب مؤكدّاً استقلاليته.
خلافاً لوالده وعمه، لطالما كان المعلوف - قبل النيابة - مؤيداً للجنرال ميشال عون
خروج المعلوف من التكتل القواتي كان متوقعاً، فتاريخ الأخير الشخصي لا ينسجم بأي محطة كانت مع توجهات معراب ومواقفها رغم أن عائلته، وتحديداً والده نعيم المعلوف وعمه يوسف المعلوف، تناصر جعجع منذ خروج الجيش السوري من لبنان. لكن للمفارقة غرّد سيزار المعلوف خارج خيار العائلة ليدعم لائحة الوزير الراحل إيلي سكاف والتيار الوطني الحر في وجه القوات والمستقبل وفتوش عام 2005. خيار المعلوف الابن لم يكن مفاجئاً، بل لطالما وقف إلى جانب التيار الوطني الحر، وكان من بين الناشطين على الأرض قبل عودة ميشال عون ويحمل صوره علانية. وفي انتخابات 2009 وبعدها، بدأ تحالفاً وثيقاً مع سكاف والتيار إلى أن تمّ الفراق مع رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف في العام 2016 بعد دعمه لائحة التيار والقوات في الانتخابات البلدية. فالمعلوف محسوب على الحالة العونية وظلّ حتى قبيل أيام معدودة من انتخابات 2018 المرشح الأرثوذكسي للتيار في زحلة ويحظى بدعم الرئيس عون والنائب سليم عون. لكن حملة مضادة شنّها عليه الفريق المقرب من النائب جبران باسيل، نجحت باستبدال اسمه برئيس مجلس إدارة شركة «كهرباء زحلة»، أسعد نكد. حينها، عبّر عونيون في زحلة عن معارضتهم لاستبعاد سيزار وتفضيل نكد عليه، وهو ما دفع بباسيل خلال مهرجان زحلي في 1 أيار 2018 إلى الإعلان عن ندمه على عدم تحالفه مع المعلوف. سريعاً، ذهب جعجع إلى تبنيه لا لشيء سوى طمعاً بأصواته وبغية الحصول على حاصل إضافي لا لإيصاله إلى النيابة. إلا أن المعلوف فاجأ الجميع عند فتح صناديق الاقتراع بالأصوات التي حصدها والتي أتت به نائباً من تلقاء نفسه، حتى أن الأمينة العامة (السابقة) في حزب القوات شانتال سركيس أعلنت عن فوز النائب جورج عقيص ومرشح القوات عن المقعد الأرمني (لم يفز) وتأخرت ساعات عدة قبيل الإعلان عن فوز المعلوف. ذلك رغم إيعاز القوات لمناصريها بعدم إعطائه أي صوت تفضيلي. وربما هذا الأمر تحديداً هو الذي أعطى للمعلوف دفعاً للحفاظ على استقلاليته لمعرفته المسبقة أن «حاصله الانتخابي» في جيبه. ولا قدرة فعلية للقوات على التأثير في القاعدة القواتية التي تناصر المعلوف رغم الحملة الممنهجة التي طاولته على وسائل التواصل يوم أمس والموجهة من الجيش الإلكتروني للحزب. وفي معركة النفط، ثمة من الزحليين القواتيين من يقفون مع المعلوف في ترحيبه بالمحروقات من أي جهة أتت على ما تشير مصادر مقربة من القوات، خصوصاً بعد سقوط أسطورة كهرباء 24/24 التي سوّق لها أسعد نكد لتتحوّل أخيراً إلى 6/24 بالكاد. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه ورغم القطيعة ما بين ميريام سكاف والمعلوف، عمّمت الأخيرة على قاعدتها مساء أمس، بحسب المعلومات، للوقوف بجانب المعلوف «في وجه تعدّي القوات السافر على أولاد زحلة والتدخل في قراراتهم».
في المحصلة، وفي حال قرر سمير جعجع إخراج المعلوف من التكتل، يكون عدد نوابه قد انخفض من 15 نائباً إلى 13 بعد خروج النائب جان طالوزيان، والتخلي عن نائب زحلة الذي تجرّأ «حيث لا يجرؤ الآخرون». ويبدو أن معراب بدأت تعبيد الطريق لاستبدال المعلوف بمرشح آخر عن المقعد الأرثوذكسي، ويجري الحديث عن ثلاثة هم: الياس إسطفان والعميد السابق سامي نبهان وأسعد نكد مع ميول الميزان لناحية نكد. فهل تجري مبادلة المرشحين ما بين التيار والقوات، فينزح نكد من اللائحة العونية إلى القواتية والمعلوف من القوات إلى التيار؟